يتفنن شاعر الغزل في وصف حاله مع الهوى فيأتي بما لا يخطر على بال القارئ مما يشنف الاذن- اقول هذا حيث وقفت على ابيات جميلة فيها من سلامة اللفظ ما يقطع التعليق على كمال الصياغة ويرفع اي استدراك او ملاحظة على سلامة سلاستها اما الابيات الغزلية التي أُعجبت بسهولتها وبساطتها مع قوة ترابطها وجمال تناسق معانيها وتتابعها في سلك بلاغي جميل فاز بعرضه على انظار محبوبته حيث اكتملت فيه فنية تصوير حال حبه, واستيلاء الهوى على جميع مشاعره وأحاسيسه فهي للشاعر: السيد داود بن شافيز البحراني- هكذا ترجمه المحبي في كتابه نفحة الريحانة والتي منها قوله:
طال في الحب غرامي اذ رمى المهجة رام |
هذا البيت هو أول الابيات في النفحة وهو مطلع تغزلي جميل وسهل الانطلاقة نحو اي اتجاه- سواء في المناجاة او الوصف او التشكي لكن الشاعر توجه من منطلقه الى شرح واقعه مع الهوى- ذلك الهوى الذي احاط به من كل جانب من جوانبه واخد بقلبه الى نار الهوان والهيام
والهوى فوقي وتحتي وورائي وأمامي ويميني ويساري وهو لا شك امامي قائدا قلبي الي نا ر هوان وهيام |
ثم هو بعد هذا يسال محبوبته الى متى ابقى في هذه الحال التي اصطلي فيها بنيران الغرام؟
قلت للمحبوب حتا م بنيران الغرام |
ثم جاء بعد هذا التساؤل بمعنى لطيف يذكر فيه زاد رحلته مع الهوى ويشير انه زاد محسوس اسمه - ضريع الشوق - اما شرابه المحسوس ايضا فهو على حد تعبيره من حميم الهجران:
من ضريع الشوق والاح زان أكلي وطعامي وشرابي من حميم ال هجر أغرى بي حمامي |
ويتلقى الجواب من محبوبه - وهو جواب فيه حث على التزام الصبر على بلوى الهوى, وليكن صبره على ذلك مثل صبر كرماء الخلق, لا كصبر اللئام الذين ينتهي بهم صبرهم الى سوء الادب والتصرف بأخلاق الحمقاء.
قال قف واصبر على بلوى الهوى صبر الكرام |
