رغم انه كان عالم الامة بكاملها وعالم المسلمين جميعا، الا انه لارتباطه بهذه البلاد، وانتسابه لهذا الوطن فقد كان معلما من معالم السعودية بحق، تماما كما هو الحال مع الحرمين الشريفين، هما للمسلمين جميعا، ولكن لوجودهما في هذه البلاد فهما مرتبطان عند المسلمين بالسعودية، وكذلك كان الشيخ ابن باز رحمه الله، وخصوصا عند ذكره مع صنوه الشيخ ابن عثيمين اطال الله عمره، وباقي علماء هذه البلاد.
تلك مسألة يتبينها اكثر من عاش في الغربة خارج هذا الوطن، ولقد ادركت هذه المسألة، لانني امضيت في الغرب قرابة ثماني سنوات، ما بين امريكا وبريطانيا، التقيت خلالها بالكثير من شباب المسلمين في المراكز الاسلامية والمؤتمرات الاكاديمية وغيرها، فكنت - وكذا الحال مع باقي السعوديين - عندما اعرف بنفسي وبوطني، السعودية، فان الشيخ عبدالعزيز بن باز كان من المعالم المرتبطة - دائما - بالسعودية في اذهان من نلتقي معهم من المسلمين، عربا كانوا اوعجما، فهو معروف لهم, محبوب عندهم, متقبل وموثوق لديهم، الامر الذي كان يبعث في قلوبنا - كسعوديين - اقصى درجات التيه والفخر بسماحته - يرحمه الله - خاصة، وبوطننا الذي انجب امثاله ككل, فلهذا، عندما يحتدم النقاش - هناك - بين مجموعة من المسلمين حول مسألة أو قضية من قضايا الدين، فتكثر الاقاويل، وتتعدد الآراء، وتختلف الاتجاهات حولها بين الموجودين، فان من يعلن ان الشيخ ابن باز قد افتى في المسألة بكذا وكذا، فبمجرد ان يقول ابن باز يكون قد قطع اكثر من نصف المسافة نحو حسم النقاش، واذا ما تلا فتوى الشيخ في المسألة، فكثيرا ما تكون تلك هي القول الفصل، الذي تطمئن له القلوب، وتتقبله الغالبية العظمى من الحضور بالرضا والقناعة والارتياح.