Saturday 22nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 6 صفر


الخبير الاقتصادي في البنك الدولي د, مهدي البزاز
لاخوف على الاقتصاد السعودي,, والسوق العربية المشتركة خيار حان وقته
منحنى فيلبس فشل في تحقيق العلاقة، والنوايا لايعلمها إلا الله

* حوار: عبدالله بن ربيعان
سبعة عشر عاماً محاضر في معهد التنمية الاقتصادية التابع للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، بالإضافة إلى عمله أستاذاً للاقتصاد في عدد من الجامعات الأمريكية والكندية، ذلك هو الدكتور مهدي البزاز الخبير الاقتصادي في معهد التنمية الاقتصادية التابع للبنك الدولي، التقيناه اثناء زيارته للمملكة لتنفيذ حلقة دولية في معهد الادارة العامة بالرياض، وكان لي معه حول العديد من الموضوعات الاقتصادية المعاصرة والمستجدة الحوار التالي:
البنك والصندوق
* أنشئ البنك والصندوق في جلسة واحدة، ورغم أن كينز قال في حينها: انه حصل تعاكس في تسمية الاثنين إلا اننا لن ندخل في هذا الجدل التاريخي في تسمية كل منهما، ولكن هل لكم أن تعطونا لمحة سريعة عن الهدف الذي أنشئ من أجله البنك، ثم ماالهدف من انشاء معهد التنمية الاقتصادية التابع للبنك الدولي للإنشاء والتعمير الذي تمثلونه الآن وأنتم أحد أعضائه؟
- د, البزاز : مثل مايعرف الكثير الهدف الذي أنشىء من أجله البنك هو مساعدة الدول النامية على القيام بالتنمية، وكل القروض التي يقدمها البنك تختص بالتنمية المباشرة ومشاريع تمويل برامج لاعادة هيكلة الاقتصاد، وعادة هذه القروض لآجال طويلة وبفترات سماح طويلة تتعدى العشر سنوات غالباً، بينما صندوق النقد الدولي أنشئ لتقديم مساعدات وقتية للدول لمعالجة الخلل في موازين مدفوعاتها، مثلاً بلد يكون عنده ضائقة مالية نتيجة انخفاض أسعار العملات أو نتيجة تطورات اقتصادية أو سياسية طارئة فيحتاج مساعدة هنا يتدخل الصندوق لاعطاء مساعدة لفترة محدودة لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات وعادة هذه المساعدة تكون ذات أجل قصير ثلاث أو أربع سنوات فقط.
- أما معهد التنمية الاقتصادية التابع للبنك الدولي للإنشاء والتعمير فقد أنشئ في منتصف الخمسينيات الميلادية وهدفه لايختلف عن هدف البنك وانما هو مساعد له حيث يقوم المعهد بتقديم ندوات وحلقات بغرض التنمية وبرامج تدريبية للمسؤولين في الدول النامية على قضايا تحليل المشروعات تحليل السياسات، كيف ننقل الخبرة من بلد إلى بلد آخر في مجال التنمية.
نفتح نوافذ فقط
* قدمتم إلى المملكة اليوم لمهمة محددة وهي تنفيذ حلقة ادارة الاقتصاد الكلي بمعهد الإدارة العامة بالرياض، ولكن هل تعتقدون ان الفترة المخصصة للحلقة وهي خمسة أيام كافية ومناسبة لتقديم حلقة بهذا الحجم؟
- د, البزاز: في الحقيقة البرامج والندوات والحلقات التي يختارها معهد الإدارة العامة بالرياض جداً مهمة وهناك ثلاثة مواضيع مهمة نساهم بالتعاون مع معهدالإدارة في تنفيذها:
1- ندوات فيما يخص برمجة وتخطيط الاستثمارات العامة التي تعالج مسألة تحضير المشروعات ودراستها وتقييمها.
2- ادارة النفقات العامة وتنظر إلى أولويات النفقات العامة، الميزانية، وسائل تحسين اداء النفقات العامة.
3- النوع الثالث فيما يخص الإدارة الاقتصادية وهذه تقدم آخر التجارب والخبرات في مجال ادارة الاقتصاد من الناحية الكلية، أما قضية الفترة المقررة فهي ليست كافة ولاسيما ونحن نعالج دور الدولة في الاقتصاد،الخصخصة، التجارة، وأيضاً دور القطاع المالي وهذه القضايا هي الدائرة الآن على المستوى العالمي، وخمسة أيام جداً قصيرة لتقديم مثل هذه الموضوعات، ولكني اعتقد ان الضغط على برامج معهد الادارة وكثرة البرامج والحلقات والملتحقين بها قرر لهذه الحلقة خمسة أيام فقط، وكما تعلمون لو قرر لهذه الحلقة سنة كاملة فلا أعتقد انها ستكون كافية، ولكني دائماً ماأنظر إلى مثل هذه الحلقات انها لتفتيح نوافذ في الذهن وتعطي الملتحق بها مفاتيح اقتصادية معينة ومن ثم نحيل الدارس الى مراجع وكتب ودراسات يستطيع الدارس قراءتها، ونحن نوفر في هذه الحلقة آخر المقالات والدراسات والكتب التي تنشر في هذا المجال ونحيل الدارس بعدها الى كتب أخرى لزيادة الفائدة كما يمكنهم المشاركة في ندوات وحلقات أخرى.
لاخوف على الاقتصاد السعودي
* مرت أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية لمراحل شد وجذب مما جعل دول الأوبك تقرر تخفيض انتاجها في سعي منها لرفع أسعار تلك المادة الحيوية، وكما تعلمون يعتمد الاقتصاد السعودي بدرجة كبيرة على النفط، فكيف ترون مستقبل الاقتصاد السعودي ومستقبل جميع الدول النفطية وماذا تتوقعون للأسعار في الفترة المقبلة؟
- د,البزاز: الاعتماد على سلعة واحدة شيء غير جيد بالمرة ولاسيما وهذه السلعة سلعة أولية تتعرض للانخفاض المستمر في أسعارها دوماً، والاعتماد على مصدر واحد للحصول على العملة الأجنبية عبء ومخاطرة على الدولة، ولكن حسب ماأعرف عن الاقتصاد السعودي فاني أعتقد ان التجهيزات الأساسية في المملكة قد أكتملت في السنوات الماضية، كما سعت الحكومة الى تنمية الصناعات البتروكيماوية بدرجة كبيرة، بالإضافة إلى بحث الدولة عن موارد أخرى تجلب لها العملة الأجنبية مثل: مناجم الذهب وغيرها، وهذه سياسة جداً موفقة، ونحن الآن في مرحلة العولمة وانفتاح الأسواق وتحرير التجارة فبإمكان السعودية تنمية البدائل الأخرى والاستفادة من تجارة الخدمات ومن السياحة ومن موسم الحج للدعاية لذلك، بالاضافة إلى ماتملك من صناعة وزراعة، وكما قلت سابقاً بما أن البنية التحتية قد اكتملت فهي مدعاه لقيام ونجاح أي نشاط صناعي أو تجاري أوخدمي، ولاخوف على الاقتصاد السعودي فهو يملك كل مقومات النجاح، أما بالنسبة لأسعار النفط في السنوات القادمة فالنفط سيبقى له من الأهمية الكثير ولكن لأن الدول المستهلكة تسعى لتنمية بدائل أخرى، وتخفيض الطلب على النفط ستبقى اسعاره في معدلها الحالي.
مسببات الأزمة الآسيوية
* تعددت الآراء ووجهات النظر، حول ماأصاب الدول الآسيوية خلال العام الماضي، فمن مرجع لأسباب الأزمة إلى دول خارجية، ومنهم من يرى ان السبب في بنية اقتصاد تلك الدول نفسه، فما هو رأيكم وماهي الأسباب التي ترونها سبباً لتلك الأزمة؟
- د, البزاز: طبعاً لانستطيع ان نحكم على النيات فالله أعلم بنيات الدول الكبرى والخارجية، ولكن من الدراسات الكثيرة التي عملت لمعرفة أسباب تلك الأزمة والأزمة في نظري تعود للأسباب التالية:
أولاً: عندنا نوعان من الاستثمارات الأجنبية: الأول مستثمر يأتي وينشئ مشاريع ثابتة فهذا أصبح عنده التزام أن رأس ماله يبقى في البلد، الآخر: استثمارات نسميها في الاقتصاد Hot Money وهذه تدخل ليوم أو يومين وربما ساعات قليلة فقط ومن ثم تسحب وتذهب لدولة أخرى بنفس السرعة وهذا النوع من الاستثمار المالي هو السبب للكثير من الاضطرابات الاقتصادية، وفي شرق آسيا نوعان من المشاكل التي حدثت، مشكلة صارت بسبب ال Hot Money والمشكلة الثانية: ان البنوك المحلية هناك اقترضت من البنوك الأجنبية مستفيدة من فارق سعر الفائدة حيث تقترض بمعدل أقل مما تقرض به عادة ، والحكومة ضامنة لهذه البنوك المحلية أمام البنوك الأجنبية ومتعهدة بضمان ثبات أسعار الصرف، ولكن المشكلة التي حدثت في الدول الآسيوية ان البنوك المحلية هناك اقترضت مبالغ كبيرة لمشروعات غير ناجحة، اشتروا بها عقارات، وأسسوا مشروعات فاشلة، وبنفس الوقت ادى دخول الصين الى السوق العالمية في منتصف التسعينيات إلى ركود تجارة التصدير لدول أخرى مثل: تايلند وماليزيا والفلبين وكوريا وغيرها فصار في هذه الدول طاقة زائدة غير مستفاد منها ونتيجة لضعف التصدير قلت عندهم السيولة، وبانخفاض هذه السيولة، وذهاب جزء كبير من السيولة لتجارة العقارات الضخمة وغير المؤجرة وغير مستفاد منها، فشح السيولة سبب المشكلة حيث طلبت البنوك الأجنبية سداد قروضها ولم تستطع البنوك المحلية تسديد هذه القروض نتيجة لقلة السيولة فانهارت عدة بنوك جر بعضها بعضاً في سلسلة طويلة من الانهيارات، وقامت الدول بالعلاج السريع وهو تخفيض سعر العملة بدءاً من تايلند ثم تبعها دول أخرى، ولكن هذا التخفيض في سعر العملة زاد القلق أيضاً لانه من جهة أخرى لو أن الدولة التي خفضت سعر عملتها تايلند مثلاً كانت مقرضة لكوريا مثلاً بالدولار وقامت تايلند بخفض سعر عملتها، فلابد ان تقوم كوريا بنفس الخطوة وهو تخفيض سعر العملة وهذا التعامل البيني بين تلك الدول هو ماجر الى سلسلة تخفيض أسعار صرف العملات وهو مازاد المشكلة حدة,أما بالنسبة إلى دور الدول الأجنبية الكبرى وتأثيرها وهل ماحدث في شرق آسيا شيء مقصود فيجوز ذلك، وانا دائماً أقول ان هذه الدول مايهمها مصالحها بالدرجة الأولى، ورجل الأعمال عندما يدخل إلى بلد فهو يبحث عن مصلحته، وحينما يحس ان رأس ماله في خطر يسرع لسحبه، ودول شرق آسيا كان فيها ضعف في الاقتصاد لم تراقبه الدول قبل حصول المشكلة انما بعد أن حصلت المشكلة وسحب الأجانب رؤوس أموالهم أخذت تعلق ماحصل على هؤلاء الأجانب وهو كلام عار من الصحة ولكن لابد من وضع ضوابط على دخول رأس المال الأجنبي لأي بلد وخصوصاً رأس المال سريع الحركة Hot Money.
رأس المال العربي المهاجر
*يقال يادكتور مهدي ان رأس المال العربي المهاجر يتجاوز 600 بليون دولار، فكيف السبيل لعودة رؤوس الأموال هذه لتنمية بلدانها العربية التي هاجرت منها قبل أن ننادي بتشجيع دخول رأس المال الأجنبي الى بلداننا العربية؟
- صحيح، صحيح ماتقول وهي نقطة هامة جداً، فنحن كعرب لدينا فوائض كبيرة في روؤس الأموال هاجرت لتنمي بلدان أجنبية وتساهم في تطويرها، ولابد من بذل الجهد لعودة تلك الأموال والقضية حلها ليس صعباً، انظر للدول الأخرى كوريا مثلاً هل تعلم ان مستوى المعيشة في كوريا في الستينيات كان نصف مستوى المعيشة في مصر ونصف مستوى المعيشة في غانا، الآن عند المقارنة يزيد مستوى المعيشة في كوريا عن مصر وغانا بمقدار 15 الى 20 مرة, فهناك تجارب كثيرة أمامنا سنغافورة، تايوان، اليابان نفسها، فلابد من دراسة تجارب تلك الدول والاستفادة منها، ولابد لعودة رؤوس الأموال المهاجرة من تحسين المناخ الاستثماري والحد من تدخل الدولة غير اللازام في النشاط الاقتصادي، وتسهيل الاجراءات الادارية، وتوفير التعليم والصحة، وتوفير فرص العمل، وتجهيزات البنية التحتية كل هذه العوامل هي التي ستساهم في عودة رأس المال المهاجر ودخول رأس المال الأجنبي للاستثمار لدينا، ويجب الا نتأخر في تطبيق هذه الاجراءات فصاحب رأس المال هو صاحب الفضل وليس العكس.
التجارة الالكترونية
* في ظل عولمة الأسواق، وتطور صناعة أشباه المواصلات والحواسيب يطفو على السطح الآن مصطلح التجارة الالكترونية، وبحسب ماقرأت يصل حجم التجارة الالكترونية الآن مايفوق 3 مليارات من الدولارات في السوق الأمريكية، فهل هذا اعلان بانتهاء الدور التقليدي للأسواق بشكلها الذي نعرفه حالياً؟
- د, البزاز: التجارة الالكترونية مازالت في بدايتها وهذه التجارة تعتمد بدرجة كبيرة على قيام الثقة، فهناك الآن محتالون على الانترنت، والشراء عن طريق الحاسب مازالت تنقصه الثقة وهل البضاعة التي اشتريتها تأتيك بنفس المواصفات التي طلبتها، أعتقد ان الثقة الآن غير متوافرة ومازال الشخص يجب ان يذهب للسوق ويرى ويجرب بنفسه قبل أن يشتري كما اننا وخصوصاً العرب نحب التعامل مع بعض فالسوق مكان جيد لترى وتسمع وتتحدث وتسلم ولذلك اعتقد ان السوق الآن بشكله الحالي لايمكن الاستغناء عنه ولن ينتهي دوره وخصوصاً في السنوات القليلة القادمة.
لاخوف على الدولار من اليورو
* دخل في بداية هذا العام إلى السوق عملة جديدة وهي اليورو وهناك من يرى في الساحر الجديد الذي سيهدم عرش الدولار ويقضي عليه، كما قضى قبله الدولار على الاسترليني، مارأيكم؟
- د, البزاز: لاأتصور ان هناك خطورة على الدولار من اليورو، قد ينافس اليورو الدولار، ولكن الدولار يعتمد على قوة الاقتصاد الأمريكي، والاقتصاد الأمريكي هو السائد على العالم اليوم فلاأعتقد ان اليورو سيحل محله مهما كان.
دور المستثمر الصغير باقٍ
* تقودنا قضية الاندماجات التي حصلت أخيراً بين مصانع أو بنوك أو حتى دول الى التساؤل هل بقي مكان للمستثمر الفرد الصغير على خارطة الاستثمار في العالم؟ وكيف سينافس هذه الشركات الضخمة والعملاقة عابرة القارات كما يطلق عليها بعض الكتاب؟
- د, البزاز: لا، دور المستثمر الفرد باق وفرصته كبيرة، ولكن هذه الاندماجات التي تتحدث عنها لاتقوم إلا في صناعات كبرى نفط، سيارات ،الكترونيات، أدوية، وهذه الصناعات بطبيعتها تحتاج الى شركات ضخمة، ولكن على طول الخط هناك مجال للمستثمر الصغير والصناعة الصغيرة، لأن هذه الشركات الكبرى تملك من 10 الى 20% من حجم السوق العالمي، وماتبقى يمكن للمستثمر الصغير ان يستفيد منه.
منحنى فيليبس انتهى
* كانت مشكلة العالم في الستينيات والسبعينيات ان الإنتاج لم يكن بمستوى الطلب، ولكن اليوم هناك فائض في الانتاج، ومع ذلك فالأسعار تهرول نحو الأعلى، ومن ناحية أخرى هناك بطالة مرتفعة وصلت في أمريكا مثلاً 5% وهي نسبة لم تصلها من قبل حسب علمي، ووصلت في دول أخرى الى أكثر من 30%، وبحسب منحنى فيلبس هناك علاقة عكسية بين البطالة والتضخم فارتفاع احدهما يعني انخفاض الآخر، ولكن الحاصل اليوم ان البطالة معدلاتها مرتفعة، والتضخم أيضاً كذلك، مع وفرة الانتاج كما ذكرنا، فما هي الأسباب التي ترونها أدت لذلك، وهل انكسرت العلاقة بين التضخم والبطالة وفشل منحنى فيلبس بذلك؟
- د, البزاز: فعلاً، البطالة هي مشكلة العالم اليوم، ولايوجد حل سريع للبطالة، ولايمكن القول بفتح العمل لكل من أراد لأن هذا ليس ممكناً، ولكن يجب اعادة النظر في التعليم، وتوجيه الشباب نحو المجالات التي تحتاج إلى الأيدي العاملة، كذلك لابد من التدريب والتأهيل المناسب لأنه السلاح الآن في البحث عن العمل وتوجيه الشباب نحو القطاع الخاص ونحو المهن الضرورية والحرف اليدوية المدرّة للعوائد الكبيرة، وقامت الآن بنوك في بعض الدول مثل: بنجلاديش لاقراض الشباب لفتح محلات والعمل الحر، وتصور انه باقتراض دولار واحد فقط يستطيع الشخص هناك أن يفتح كشك لبيع الخضار والصحف وغيرها، وقرأت مؤخراً عن قيام بعض الدول العربية تتبنى مثل هذه السياسة وهذا شيء جيد للقضاء على البطالة وتخفيض نسبتها على الأقل.
أما التضخم أو ارتفاع الأسعار الحاصل اليوم فأنا لاأوافق انه يحصل الآن ارتفاع في الأسعار فالمصانع الكبيرة أصبحت تهرب من الدول الكبرى التي تفرض علها ضرائب التلوث، وترتفع فيها تكلفة الأيدي العاملة، إلى دول لاتفرض هذه الضريبة وتتسم بانخفاض أجور العاملين فيها، ولكن لاتتوقع انه بانخفاض التكلفة هذه ستنخفض أسعار البضائع لأن صاحب العمل يأخذ هذا الفرق كربحية له، ولن يسعى لتخفيض أسعاره والشركات تحقق ربحية عالية من هذا الطريق، وهذه الشركات الكبرى تعتمد على الجودة وعلى ثقة المستهلك ومن ثم لايمكن ان نقول ان المنافسة ستؤثر على مكانتها بدرجة كبيرة، وخذ أيضاً ان الناس عندها مبالغ وأموال كبيرة ولاتدخل السوق إلا تجده يعج بالزبائن والناس أصبحت تشتري أكثر من قبل، وبالتالي لايمكن القول ان ارتفاع الأسعار قلل من الشراء، فالناس عندها أموال كثيرة وتشتري كثيراً، وهذا مايجعل الأسعار لاتنخفض أبداً فتراكم الناتج يصاحبه كبر حجم الطلب أيضاً، أما العلاقة بين التضخم والبطالة بحسب منحنى فيلبس فأعتقد ان هذه العلاقة انكسرت وفي اعتقادي انه يجب اعادة النظر في صحة هذا المنحنى، كما ان كمية أو حجم رؤوس الأموال المتوفرة على مستوى العالم تزيد باضعاف عن كمية السلع وهذا مايجعل الأسعار ترتفع دائماً.
لايمكن العودة لبريتون وودز أخرى
* اذن، كأنكم يادكتور تحبذون العودة إلى بريتون وودز أخرى يتم من خلالها تقييد المعرض النقدي، وثبات اسعار الصرف؟
- د, البزاز: لا، هذه عليها محاذير كثيرة، ولكني أعتقد انه لابد من وضع ضوابط على تحركات رأس المال وخاصة رأس المال الذي يدخل ويخرج بسرعة، وخاصة في الدول التي مازالت اقتصادياتها نامية لاتحتمل دخول وخروج هذه المبالغ الضخمة.
دولنا العربية في خطر
* السوق العربية المشتركة حلم طال انتظاره، رغم ايمان الجميع بفائدته، وأهميته، وكثرة المنادين بالاسراع في قيامه، فهل ترون انه حان الوقت لقيامه، وان الأمور لم تعد تحتمل التأجيل؟
- د, مهدي: نعم، فالدول العربية في خطر طالما هي تعتمد في غذائها ومعيشتها على الاستيراد من الخارج وهذه مسألة جدا خطيرة، والوطن العربي مليء بخيراته ويختلف في الطقس والمناخ والتربة، فيمكن انتاج كافة مانحتاجه في غذائنا من وطننا العربي الكبير، وهذه القضية يجب أخذها بالاهتمام في اي اجتماع عربي والمسألة في رأيي ليست بذلك التعقيد والصعوبة وانما يكفي فيها قرار سياسي لتقوم هذه السوق، ولنأخذ المثل من دول أخرى اختلفت في كل شيء واتفقت على مصالحها، وقيام السوق العربية المشتركة يفتح لدولها أسواق كبيرة، ويحد من البطالة، وتستفيد من الخبرات فيما بينها، وتستطيع كل دولة ان تكمل النقص عندها بما هو فائض عند شقيقتها الأخرى، فالوقت حان وحان جداً لقيام هذه السوق، ولاسيما ونحن في عصر تميل فيه دول العالم الى الاندماجات والتكتل والترابط فيما بينها.
نفط آسيا الوسطى ليس المشكلة
*يرجع كثير من الاقتصاديين انخفاض اسعار النفط الحاصل الآن الى تدفق حقول النفط في دول ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي سابقاً، بالاضافة إلى زيادة حصة تصدير العراق من النفط في اتفاقية النفط مقابل الغذاء فما رأيكم؟
- د, البزاز: لاأعتقد ان زيادة حصة العراق من النفط ذات أثر كبير على الأسعار، والعراق يوم ان كان يصدر بكامل طاقته الانتاجية في السبعينيات لم يكن ذلك مدعاة لانخفاض الأسعار بل كانت ترتفع دائماً، أما مايقال عن تدفق النفط في دول آسيا الوسطى ، فلاأعتقد ايضاً بانه سبّب الانخفاض لأنه وان كانت تكلفة انتاجية منخفضة نسبياً إلا ان تكلفة النقل كبيرة جداً ولاسيما اذا أخذنا في الاعتبار تكلفة التأمين على النقل، ولكن الانخفاض يعود لتوافر المعروض من النفط وقلة أو محاولة الاقلال من استهلاكه من قبل الدول الصناعية، وكذلك توقف العجلة الاقتصادية في مصانع دول شرق آسيا وهي التي كانت تستهلك جزءاً كبيراً من النفط، ونحن الآن مقبلون أيضاً على صيف حار فأعتقد ان اسعار النفط لن تبارح مواقعها الحالية كثيراً.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved