كان شاباً (مثلي) يتكىء على دربزون الدور الأول في سوق العقارية في الرياض، ومثلي يتطلع لأرضية الدور الارضي، وكنت انتظر عودة مرافق لي ذهب لأحد المحلات، أما هو فكان يمد رقبته بين الحين والآخر ولا ادري من اجل ماذا، وفجأة مد رقبته بقوة هذه المرة فتطلعت الى حيث يتطلع فرأيت أربع فتيات تبدو عليهن الأناقة والشياكة يمشين متلاصقات باستعجال ووجل واضحين، ورأيته يلتفت باتجاه شاب آخر زميل له فيما يبدو كان واقفاً في مكان آخر، وناداه باسمه ثم أشر له بكف يده يطلب منه المجيء وقال,, بسرعة,, بسرعة,, وحين جاء زميله اشار برأسه باتجاه البنات وقال,, شوف,, شوف,, هاه,, وش رأيك بالحباري,, ولم ينتظر جوابه بل قال,, أبهدك عليهن,, بس هاه,, خلك صقر.
وانقض الصقر المراهق بسرعة وكان أسمر اللون قصير القامة نحيل الجسم، ورأيته بعد قليل مقبلاً على الفتيات باندفاع ملحوظ (وجهاً لوجه) كأنه يستقبل قريباً او صديقاً جاء من السفر للتو بعد غياب طويل، وحين وصلهن انحرفن عنه فمال برأسه نحوهن وأظن انه قال شيئاً, ثم انحرف عائداً وحاذاهن وانحرف برأسه نحوهن مرة اخرى وابتسم وهو يتكلم فازداد ارتباكهن ووجلهن، وأسرعن الخطا شبه راكضات، وانقض الصقر مرة اخرى مسرعاً في خطاه هو الآخر خلفهن، فانحرفن يميناً ولجأن لأحد المتاجر فدخلنه، ووقف الصقر على الباب يتربص ويتحين خروجهن ويتهيأ لانقضاض جديد.
وتعجبت كثيراً,, مراهق صغير، ضئيل الجسم، يفزع أربع فتيات، بهذا الشكل العجيب مع أنهن جميعاً أكمل منه بدناً وأكثر قوة حسب الواضح، وتستطيع كل واحدة منهن في تقديري لو شاءت ان تمسك بمقدمة ثوبه وتطويه في يدها وترفعه ثم تسقطه على الأرض وتمسح به غبار البلاط بسهولة,, فكيف يحصل هذا,,,؟؟ لقد بدا لي أن الأمر في غاية الغرابة,, والمشكلة أن هذا المشهد الذي رأيته ليس استثنائياً، بل مألوفا، اذ من السهل عندنا على مراهق صغير ان يفزع (قطيعاً) من النساء في مشهد لا اعتقد ان له مثيلاً في العالم مع اننا نقول انه لا مثيل لنا في العالم من حيث حفاظنا على المرأة وصيانتنا لها والمحافظة على كرامتها، فهل هذا الذي حدث ويحدث يعود لأن لدينا ظاهرة صقور ام يعود لأن لدينا ظاهرة حباري,,,؟؟ اي هل السبب في انحراف ذكوري ام في ضعف نسائي,,؟.
لا شك ان الرجل هو الذي يطارد المرأة في مختلف أنحاء العالم، ولكن المرأة عند غيرنا لا تصاب بالرعب والهلع والشلل بهذا الشكل، بل تواجه الاستفزاز وتقاوم اذا تعرضت لمثل هذه البلوى التي اعتقد انها تتكرر كثيراً في أسواقنا وشوارعنا,, لقد أدرت المسألة في ذهني لأعرف لماذا وصل الأمر الى حد ان فرقة من الفتيات العاقلات الراشدات لا يستطعن مقاومة عدوان مراهق واحد,,؟؟ ولماذا نضطر لتجنيد الجنود المجندة للدفاع عن المرأة في الأسواق مع انهن الأكثر تواجداً فيها,, وما زلت افكر وانا اكتب هذه الاحرف الأخيرة من هذا المقال وبدت لي عدة احتمالات لم اطمئن لسلامة اي منها وسأواصل تأملي راجياً ان تشاركوني التفكير في تلك المسألة الجديرة منكم ومني بذلك؟؟.