Wednesday 2nd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 18 صفر


مع التربويين
إكرام هؤلاء إكرام للعلم والعلماء
د, عبد الحليم بن ابراهيم العبد اللطيف

يجمع الباحثون التربويون على الأهمية الكبرى للمعلم الذي هو اساس النجاح والفلاح للعملية التربوية، بكل صورها وفي جميع مراحل التعليم حيث التعليم مهنة عظيمة وشريفة وعالية، والمعلم الكفء صاحب رسالة مهمة يستشعر عظمتها، ويؤمن بأهميتها، ولايضنّ في ادائها بغالٍ أونفيس، والمعلم المقتدر يحتل مكانة سامية وسامقة ورئيسة في التربية اقتداء بسيد البشر صلى الله عليه وسلم، معلم هذه الأمة حيث قال إنما بعثت معلماً، ولقد كتب سلمان الفارسي رضي الله عنه إلى ابن الدرداء إنما مثل المعلم كمثل رجل عمل سراجاً في طريق مظلم ليستضيء به من مر به ويقول الغزالي رحمه الله من اشتغل بالتعليم فقد تقلد امراً عظيماً وخطراً جسيماً والمعلم في نظر الغزالي متصرف في قلوب البشر ونفوسهم، وهو يمارس اشرف الصناعات بعد النبوة, ويقول ايضا ان اشرف مخلوق على الارض هو الإنسان، وان اشرف شيء في الانسان قلبه، والمعلم مشتغل بتكميله وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله عز وجل، والعلاقة بين المعلم وطلابه تمثل صورا محببة ورائعة من علاقة الاب الحنون بأبنائه، فهو قدوة وأسوة في الخير والبر والمعروف والاحسان وهو حريص كل الحرص على النفع العام والخاص،وان يكون اثره في الناس حميداً، فهو ينشر ويؤكد القيم الخلقية، ويثبت ويرسي المثل العليا وهو أحرص الناس على الشباب والطلاب، والمعلم المقتدر ومنذ القدم موضع تقدير الامة واحترامها وموطن ثقتها، وهو يحرص دوماً أن يكون كذلك وسمو مكانة العالم والمتعلم يعرفها الخاص والعام، فالكل يقدره ويحترمه ويعرف له فضله ونبله وتميزه، لأنه الضياء والنور الذي يضيء للناس في الظلمات، ولقد روي عن الشعبي قال: صلى زيد بن ثابت رضي الله عنه على جنازة فقربت إليه بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس رضي الله عنه (وهو الحسيب النسيب وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبر الأمة وترجمان القرآن) جاء ابن عباس وأخذ بركابه فقال زيد مه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس هكذا أمرنا ان نفعل بالعلماء والكبراء، فقبل زيد بن ثابت يده وقال هكذا امرنا ان نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا اي يعرف له حقه, ولهذا فلا عجب ان يظهر العلماء والادباء والشعراء ويهتم المدرسون بعلمهم وطلابهم خاصة في العصور السالفة لأن المسلمين في مختلف عصورهم يكرمون ويعظمون من عظمه علمه وكثر انتاجه وفهمه حيث أثر هؤلاء في التربية والتعليم كبير وعطاؤهم غزير، إذ لابد ان يتأثر به مجتمعه بعامة وطلابه بصفة خاصة وما ذاك إلا لعلوهمته وكبر نفسه وبعد نظره وسعة افقه، فهو رباني يعمل للآخرة والأولى، يعلم حق العلم ان أجره وأثره سيدوم, فهم وكما قال القرآن (أولئك هم خير البرية) وقال: (ذلك لمن خشي ربه) وحسبك بذلك مجداً وفخراً وبهذه الرتبة شرفاً وذكرا، فكما لا رتبة فوق رتبة النبوة، فلا شرف فوق وارث تلك الرتبة قال عبد الله بن المعتز: مامات من أحيا علماً ولا افتقر من ملك فهما هذا مع جلالة مواقع المعلمين من القلوب وفخامة اسمائهم في الصدور، هذا ولقد سطر التاريخ الاسلامي المجيد نماذج حية من الذين ساهموا في صياغة مستقبل الأمة وصناعة حضارتها، وان مثل المعلم كمثل الماء والغيث، انتفاع الناس بهما غير محدود، قال ميمون بن مهران (ان مثل العالم في البلد كمثل عين عذبة في البلد، وقال بعض الحكماء ان مثلهم مثل الماء حيثما حلوا نفعوا، وليس للناس عوض البتة عن المعلمين إلا ان يكون لهم عوض عن الشمس والعافية والماء والهواء.
هكذا قال العلماء، قال عبد الله بن الامام احمد، رحمهما الله، قلت لأبي: اي رجل كان الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال: يابني كان كالشمس للدنيا وكالعافية للناس فهل لهذين من خلف او منهما من عوض؟ ولكن المعلم كغيره يحتاج الى التشجيع والذكر الحسن والاعتراف بالفضل لأهله والتشجيع مسئولية الأمة تجاه معلم الناس الخير، ويجدر بمن يستطيع ذلك ان يفعل الممكن من خلال الكلمة الطيبة، او رسالة الشكر او غير ذلك، حيث لذلك الصنيع الطيب اثره الكبير في رفع الهمم وتنمية المهارات والقدرات والحفز والدفع والشعور بالثقة والمحبة والاحترام، ذلك ان الناس جبلوا على محبة التشجيع والدعم والشكر والتشجيع للعالم والاعتراف بفضله ونبله لايقتصر عليه وحده بل يحفز غيره الى النبوغ والابداع والإمتاع، إن الجهات المسؤولة في كثير من بقاع العالم عامة وبلادنا والحمد لله بصفة خاصة تسعى جاهدة الى توفير اكبر قدر ممكن من الرعاية والعناية للعاملين في حقل التربية والتعليم، ولا خلاف بين التربويين في اهمية الثواب في حياة الناس عامة واثره في التوجيه وتعديل السلوك، والتربوي الكفء يتبع هذا الاسلوب في تدعيم السلوك الايجابي لكل العاملين معه، وليس هذا يخص الطلبة وحدهم، ان الثواب في المجال التربوي مهم وكبير لكل العاملين في حقل التربية والتعليم، فهو يضاعف الجهد ويبعث الهمم ويدعو للتنافس والتسابق في هذا المجال المعرفي المهم, ان الذين خدموا في التعليم طويلاً وأعطوا من جهدهم وعلمهم وفكرهم وخبرتهم، وتركوا التعليم لاسباب مختلفة هم أولى الناس بهذا التقدير والاحترام والتكريم ايضا، أحياءً وأمواتاً, ان مشاهير المربين في بلادنا ورواد المعرفة عموماً يستحقون منا التكريم والاحترام اعترافا بفضلهم وتقديراً لسبقهم ونبلم ومآثرهم فلقد بذلوا قصارى جهدهم في التعليم والتقويم، في وقت البلاد والعباد بأمس الحاجة إلى ما عندهم وقد بذلوا المستطاع، فواجبنا الان وقد عم التعليم السهل والجبل ونعمت البلاد والعباد والحمد لله بخيري الدنيا والآخرة ان شاء الله، اقول واجبنا اكرام اولئك الرواد في حقل التربية والتعليم، ان الاهتمام بالمشاهير من التربويين والذين اعطوا البلاد خيرا كثيرا وعملا تربويا متميزاً والدولة ايدها الله، وهي صاحبة الفضل بعدالله اولاً واخيراً تدعم وتؤيد وتؤكد هذا الاتجاه، ولقد سلكت هذا المسلك النبيل جل المؤسسات في بلادنا وخاصة التربوية، ووزارة المعارف في مقدمة تلك الجهات ذات السبق والاهتمام بالرواد في بلادنا العزيزة ولقد خطت وزارة المعارف خطوات جيدة ورائدة في هذ الاتجاه وفي مختلف المناشط والمناطق التعليمية ومنطقة القصيم وهي احدى المناطق في بلادنا العزيزة تهتم بالرواد وتكرمهم بدفع ودعم من صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم، وقد أكرمت الوزارة بعض المشاهير في المنطقة ممن أسهموا اسهاما فاعلاً في نهضة المنطقة تربوياً ومعرفياً، وجعلت ذلك بصور شتى، ومن تلك الاعمال الخيرة والكريمة أن سَمّت بعض المدارس بأسماء بعض العلماء والرواد التربويين وهو وفاء يستحق الذكر والشكر، وهناك أناس آخرون وتربويون متميزون يحتاجون الى ذلك وهم أهل لكل وفاء نظير ماقاموا به من جهد وسبق تربوي متميز ومن تأسيس معرفي جيد، ومن أولئك الرواد الافذاذ، الأستاذ الشيخ علي بن عبد الله الحصين، رحمه الله ، فلقد كان والحق يقال أنموذجاً متميزاً للتربوي المقتدر، ولقد عرف عنه العلم والفهم والذكاء المتوقد والقدرة الفائقة في شتى صنوف المعرفة، فلقد بز الاقران ايام الطلب وتفوق على الكثيرين وقت العمل، يتميز بفكر تربوي نادر وثقافة عالية، ومواطنة صالحة فائقة، وهم تربوي ومتابعة جادة لكل صنوف المعرفة، ولقد بذل الكثير من علمه ووقته وجهده للنهوض بالتربية والتعليم مدرساً ولمدة طويلة ثم مديراً ومؤسساً لثانوية بريدة ثم في ادارة التعليم لما كان يعمل فيها ثم مسئولاً عنها، ولقد تقلب رحمه الله في الكثير من المواقع التربوية المهمة كان خلالها محل ومكان ثقة وتقدير واحترام الجميع انني عندما ادعو بتكريم الاستاذ الشيخ/ علي بن عبد الله الحصين رحمه الله فإنني اريد ان نرد ولو شيئا يسيراً من حقه علينا، ان تسمية احدى المدارس في بلده ومسقط رأسه باسمه إنه اقل مايجب له علينا نحن الجيل الذي خلفه في إرثه الفكري والعلمي والتربوي، إنه اعتراف بالفضل لأهله،لقد بذل رحمه الله طاقته ووقته وحتى اللحظات الأخيرة من عمره بذلها من أجل التربية والتعليم لقد كان موفقاً حقا في جميع خطواته العلمية والتربوية، فطلابه ومحبوه ومعارفه وزملاؤه يعلمون ذلك كله, ان وزارة المعارف وهي الحريصة على تكريم العلم والعلماء وتشجيع العاملين والمبدعين لتعلم ذلك حق العلم وتوليه جل اهتمامها كما فعلت سابقاً ولاحقا راجين من معالي الوزير وهو المهتم كثيرا بالرواد والمبدعين وقادة الفكر التربوي في بلادنا العزيزة، العمل على تحقيق مثل هذا الطلب اليسير باذن الله على معاليه مكافأة للعاملين المخلصين وتشجيعاً للنابهين والمقتدرين وحفزاً ودفعاً لهمم العاملين شاكرين ومقدرين لسمو أمير منطقة القصيم دعمه المتواصل للعلم والمتعلمين, هذا والله الهادي والمعين.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved