منذ ايام قليلة مرت بنا مناسبة عزيزة على ابناء منطقة الخليج، الا وهي ذكرى مرور ثمانية عشر عاماً على انشاء مجلس التعاون الخليجي، الذي أنشئ من اجل زيادة التقارب بين دول المجلس، فالتقارب موجود قبل انشاء المجلس، لان دول مجلس التعاون المطلة على الخليج تجمعها وحدة الدين واللغة بالاضافة الى الامور الاقليمية الكثيرة، ومنها اللباس واللهجة والتقارب في المعيشة، بل التكامل في المعيشة، فقبل تفجر النفط كان التنقل بين بلدان الخليج من اجل كسب الرزق أمراً مألوفاً ولذلك فإن مراكب الغوص تعدُّ رمزا لوحدة ابناء الخليج، فالمركب الواحد المتجه للغوص قد يضم العماني والبحريني والقطري والكويتي والاماراتي والسعودي، وفي ايام ازدهار التجارة في عمان كان ابناء الخليج يتجهون الى عمان من اجل العمل وفي ايام انحسار القوة الاقتصادية في عمان، استقبلت دول الخليج ابناء عمان من اجل العمل، فالتكامل في المعيشة موجود في اقطار الخليج منذ القديم، واذا كانت الرفاهية مطلباً أساسياً للمواطن الخليجي، فإن قيادات المجلس تتلمس الطرق التي توصل أبناء دول المجلس الى الرفاهية الثابتة التي لا يتوقع زوالها بزوال النفط، ولذلك جدّ الخبراء من أبناء المجلس بتوجيه من القيادة في البحث عن الموارد الثابتة المتمثلة في التكامل في جميع الامور، التي تعين ابن الخليج على كسب رزقه، وسيرورته بثبات في حياته المعيشية، فإنشاء مجلس التعاون الخليجي قبل ثمانية عشر عاما كان من اجل هذا التكامل، الذي يتيح لجميع ابناء الخليج العمل وكسب العيش في اي موقع على ارض الخليج، وقد اتجه المجلس منذ انشائه إلى السير في طريق التكامل، الذي ظهر في الاتفاق على اسعار النفط، وفي زيادة انتاجه او نقص الانتاج، كما ظهر في التعاون الاقتصادي بوجه عام، فزاد تبادل البضائع، وفتحت المتاجر لأبناء الخليج في دوله، ولم يعد فتح المتجر مقتصراً على ابن الدولة، بل أُتيح لغيره من ابناء دول الخليج، وقد برز النشاط التجاري للافراد، وهو في تنامٍ مطرد، والتعاون في مجال التعليم ظهر في الجامعات اكثر منه في التعليم العام، فتنقُّل الطلاب بين جامعات دول المجلس امر ملحوظ، والتقارب في المناهج في التعليم العام هدف من اهداف المجلس، وقد تتوحد المناهج في القريب العاجل, ومن ثمار مجلس التعاون تعاون دول المجلس في مجال الدفاع، ولا يغيب عنا تعاون دول المجلس مع الكويت في ايام احتلالها من قِبل السلطة المتسلطة في العراق، فقد اثمر التعاون في الدفاع عن الكويت، وعادت الكويت كما كانت ولله الحمد والمنّة, والتعاون في مجال المواصلات يظهر في ارتباط دول المجلس بطرق معبدة ، ومن ابرز الطرق جسر الخليج الذي يربط المملكة العربية السعودية بالبحرين، وهذا الجسر ربط البحرين بالمملكة بطريق بري لأول مرة في التاريخ، فهو جدير بالاهتمام وتسعى دول المجلس الى التكامل في مجال الكهرباء فالربط الكهربائي بين دول المجلس هدف من اهداف التقارب، وقد يتحقق ذلك قريباً ان شاء الله.
وفي هذا العام لحظ المواطن الخليجي الجدّ في تقارب اوسع، وذلك التقارب الجديد تمثل في القمة التشاورية نصف السنوية، وقد بدأت نشاطها في الاجتماع الذي شهدته مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، فهذه القمة دفعة جديدة لمجلس التعاون الخليجي تبرهن على العزم والتصميم والثبات على المبادئ التي أنشئ المجلس من أجلها.
د, عبد العزيز بن محمد الفيصل