عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تكاد تحصى المقالات التي نشرت في الجرائد والمجلات والتي تناولت قضية السعودة ما بين مؤيدة ومقترحة ومستبشرة ويائسة، ومن المعلوم ان النظرة العادلة في اصدار الاحكام هي التي تقوم على دراسة الواقع ورصد الحقائق والنظرة الشمولية اعني (في الحاضر والمستقبل) بعيدا عن العاطفة والهوى والاندفاع، ومتى روعيت هذه الاعتبارات في دراسة اي موضوع من المواضيع او قضية من القضايا فإنه سيحظى بنجاح كبير ترصد له اعلى الارقام القياسية.
والسعودة هي من احد الموضوعات الوطنية وهي نظرة مستقبلية تسعى قيادتنا الحكيمة لتوسيع دائرتها على القطاعين العام والخاص لفتح فرص ومجالات اكثر امام الكوادر الوطنية الطموحة، ولاشك ان هذه الفكرة لم تكن وليدة ساعة من ليل او نهار بل سبقتها اجتماعات ولقاءات ودراسات واستشارات وتحقيقات وتوصيات وهذا ما دأبت عليه قيادتنا الحكيمة وكان السر في نجاح اكثر افكارها وانظمتها.
وعندما تبنت وزارة الداخلية هذه الفكرة الرائدة ممثلة بوزيرها صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله واخرجتها لترى نور الصباح سرعان ما لاقت قبولا عاما على نطاق واسع وبالخصوص في القطاعات العامة لان الوطن وجد من اجل المواطن والمواطن يعمل من اجل الوطن, واما القطاعات الخاصة فما زالت تدب نحو السعودة كدبيب النمل ولم تتفاعل معها الا بما هو في حكم الشاذ او النادر, فما السبب في ذلك يا ترى!! انني من خلال تعجبي هذا لا اريد ان اضع المسئولية على القطاعات الخاصة فقط ولا على المواطن نفسه ولا على الجهات المعنية في ذلك بل في نظري هناك قاسم مشترك بينهم.
ولكي نصف الدواء لابد ان نشخص الداء وهذا يحتاج منا ان نتعمق في الاسباب اكثر ونجليها بكل صراحة ووضوح وعدل, واحسب ان هذا هو مطلب الجميع ومن خلال بحثي في الاسباب على النهج الذي اسلفت تبين لنا ان هناك جملة من الاسباب المهمة جعلت اكثر القطاعات الخاصة مازالت متأخرة في تحقيق هذا الواجب الوطني ومن اهمها:
اولا: الفارق الكبير بين الاجرة التي يتقاضاها المتعاقد الاجنبي وبين الاجرة التي يتقاضاها الشاب السعودي، وليس من الانصاف كحل لهذه المشكلة ان نلزم اصحاب القطاعات الخاصة برفع مرتب الشاب السعودي حتى يتناسب مع حياته المعيشة لان هذا سيؤثر على توازن المصروفات والايرادات على اصحاب القطاعات الخاصة وبالتالي سوف تتأثر مصالحهم وامثال هؤلاء يحتاجون الى دعم وتشجيع.
ثانيا: ان القطاعات الخاصة تفتقر الى الضمانات والتعهدات التي تحفظ حقوقها وتوازنها لان الكثير من الشباب السعودي حاله حال الزائر الذي سيرحل اليوم او غدا متى سنحت له فرصة اكبر غير مبال بمصالح تلك القطاعات وهذا مما يجعلها بعيدة عن شاطىء الامان.
ثالثا: عدم توفر بعض الكفاءات من الكوادر الوطنية التي تستطيع ان تقوم بدور المتعاقد الاجنبي او تحل مكانه لندرة التخصص او حاجة الابتعاث وغير ذلك.
رابعا: كثرة الظروف العائلية والارتباطات الاجتماعية التي تحيط بالشاب السعودي والتي ستجعله يتأخر اليوم ويتخلف غدا ويستأذن بعد غد والمتعاقد الاجنبي على العكس من ذلك فهو قد جاء من بلده متفرغا من اجل العمل بعيدا عن ظروفه وارتباطاته دفعه الى الى ذلك حاجته الماسة الى المادة وقد وثق عقدا لابد ان يلتزم به.
وفي نظري ان ما تقدم ذكره هو من الاسباب الجوهرية لتأخر كثير من القطاعات الخاصة في المساهمة بتعزيز قضية السعودة وكمايقولون (ما من مشكلة الا ولها حل) وحتى تكون هناك استجابة اكثر لابد ان نبحث عن الحلول المناسبة وهي كثيرة واجد نفسي راغبا في المشاركة بشيء منها وان كنت لست من اصحاب الشأن فمن الحلول في نظري ما يلي:
1- ايجاد ديوان خاص بالكوادر الوطنية التي تعمل في القطاع الخاص ويمكن جعله احد اقسام ديوان الخدمة المدنية ويكون هناك استمارة خاصة بالاداء الوظيفي تعبأ من قبل القطاعات الخاصة ويزود ديوان الخدمة بصورة منه ويطالب الموظف السعودي بتقديم شهادة حسن سيرة وسلوك عند رغبته في الالتحاق بالعمل في القطاع العام او اي جهة اخرى حتى يتم التأكد من انضباطه وكفاءته واتمامه للعقد الذي تعهد به مع جهات سابقة حفاظا على حقوق الجميع.
2- ان تشرف الجهات الرسمية على الشروط التي تطرحها القطاعات الخاصة كالخبرة التي لا تقل عن خمس سنوات واجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة وغيرها من الشروط التي لا يجب توافرها في كثير من الوظائف المعلن عنها وللتأكد من مكافأتها مع الراتب.
3- تفرض رسومات على القطاعات الخاصة عن كل متعاقد اجنبي يمكن ان يستغنى عنه بمواطن سعودي عند توفره ولياقة العمل به.
4- تمنح القطاعات الخاصة اعانة عن كل موظف سعودي يعمل بها مع استمرارية التأكد من وجوده على رأس العمل حتى لا يكون هناك مجال للتلاعب.
5- وضع حد ادنى لمرتب الشباب السعودي ويكون ذلك حسب قدراته ومهاراته وشهاداته وخبراته حتى يكون ذلك حافزا للشباب السعودي للرفع من مستواه وبذل الجهد من اجل اكتساب الخبرات.
6- تمنح القطاعات الخاصة التي ترتفع نسبة السعودة فيها تسهيلات اكثر في جميع الجهات الحكومية وتوضع في قائمة الاولوية وهذا من باب التحفيز.
ومثل هذه الحلول وغيرها كثير ستقضي بإذن الله تعالى على كثير من العقبات التي اشكلت على اصحاب القطاعات الخاصة او اتخذوا منها اعذارا لهم بل ستدفع المزيد منهم وخصوصا من يكون لديهم وفاء لهذا الوطن الى رفع نسبة السعودة في قطاعاتهم ما استطاعوا الى ذلك.
عبدالرحمن بن عبدالله التويخري