Thursday 3rd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 19 صفر


من المحيط الدولي
البحر الأحمر والخليج العربي: خطر التلوث الدائم!!
مقدم د, منصور الداموك الزهراني *

كانت البيئة البحرية في البحر الاحمر والخليج العربي ومازالت عرضةً للعديد من الحوادث البيئية الخطيرة، فالخليج العربي الذي يعد احد اكثر الطرق البحرية في العالم ازدحاماً بناقلات النفط، كان مسرحاً لعمليات تلوث نفطي هائلة خلال العقد المنصرم وبداية العقد الحالي, يوجد في الخليج نحو 26 منصة تحميل للزيت الخام، تخدم ما بين 20-100 ناقلة نفط تعبر مضيق هرمز يومياً, هذه الناقلات بما تحمله من نفط تتسبب - جنباً الى جنب مع عمليات التنقيب الساحلية- فيما تصل نسبته الى نحو 80% من التلوث النفطي لمياه الخليج, لقد تسبب الانسان نفسه، ولسوء الحظ مع سبق الاصرار والترصد، في اسوأ الكوارث البيئية التي شهدتها منطقة الخليج العربي ويبدو ذلك جلياً من خلال الحربين المدمرتين اللتين شهدتهما المنطقة، حرب السنوات الثماني بين العراق وايران 1980-1988 وحرب الخليج الثانية سنة 1991، الناجمة عن احتلال العراق للكويت, طبقاً لتقرير اعدته مصلحة الارصاد وحماية البيئة في المملكة، تعرضت اكثر من 500 ناقلة وسفينة لهجوم مباشر، فيما عرف ب حرب الناقلات بين العراق وايران في الفترة ما بين 1984-1988، الامر الذي ادى الى تسرب النفط من حوالي 10% من ذلك المجموع, وقبل ذلك وتحديداً في شهر يناير من عام 1983، حدث تسرب هائل من حقل فيروز النفطي الايراني، وقد استمر هذا التسرب دون ان تنجح في ايقافه كل الجهود لما يزيد عن عام كامل، مما ادى الى انسكاب نحو 1,5 مليون برميل من الزيت الخام في مياه الخليج! مع ذلك فان ما تعرضت له البيئة البحرية في الخليج العربي جراء احتلال العراق للكويت وما تلاه من اعمال حربية، يبقى الاكبر في حجمه والاسوأ في آثاره السلبية من كل حوادث التلوث السابقة، وحتى اللاحقة، اذ قدرت كمية النفط الخام التي سربت الى مياه الخليج بما بين 6-8 ملايين برميل، مشكلة بقعة نفطية هائلة غطت نحو 500 كم من السواحل السعودية.
لقد ادى هذا التسرب الفظيع، والذي ربما يعد الاسوأ من نوعه في التاريخ البشري، ادى الى تلويث اجزاء شاسعة من المناطق البحرية السعودية والكويتية وابادة اعداد ضخمة من الطيور البحرية، كما سبب اضراراً بالغة بالمياه وما تحتويه من رواسب معدنية وشعب مرجانية وطحالب واعشاب بحرية، وهو ما دفع بالسلطات في المملكة الى تجنيد كافة الامكانيات والخبرات المحلية، بل الاستعانة بالخبرات الدولية لمواجهة ذلك الخطر، حيث عهد الى مصلحة الارصاد وحماية البيئة بالمملكة بدور المنسق الوطني لمكافحة انتشار بقعة الزيت والحد من آثار التلوث الناشىء عنها, اضافةً الى المصلحة تم انشاء هيأتين اخريين اللجنة الوطنية للتنمية وهيئة علمية ضمت في عضويتها مجموعة من الوكالات الاجنبية المتخصصة ورغم النجاح الباهر لتلك الجهود تبقى آثار تلك الحرب شاهداً حيا على ما لقيته بيئة الخليج من دمار هائل، فقد وجد في مرحلة لاحقة لانتهاء الحرب ما يربو على 26 ناقلة نفط لاتزال غارقة في مياه الخليج، من بينها الناقلة عمورية التي تحمل على متنها نحو 100,000 طن من الزيت الخام, على اية حال، فان تلوث مياه الخليج العربي لا ينسب الى التسربات النفطية وحدها، فاضافة الى الظواهر الطبيعية التي لا يمكن اغفالها، هناك العديد من الانشطة الانسانية التي تؤدي الى ذات النتيجة من قبيل التخلص من مياه النفايات الصناعية وعمليات تنمية المناطق الساحلية، وعمليات معالجة وتحلية المياه، وانشطة استصلاح الاراضي، والتخلص من الرواسب الملونة ومخلفات التعدين والمخلفات الصلبة الاخرى، وعمليات استكشاف واستخراج الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية والتلوث الناجم عن الاعمال الحربية والتلوثات الاشعاعية.
البحر الاحمر لا يقل هو الآخر حساسية تجاه التلوث عن الخليج العربي، وما يشهده من ازدحام شديد لناقلات النفط يجعل منه أحد اكثر الممرات البحرية عرضةً للتلوث فالمعلوم ان كمية النفط المنقولة عبر البحر الاحمر تزيد على مائة مليون طن سنوياً، مما يرفع نسبة التلوث الناتجة عن تصريف مياه التوازن وغسيل حاويات السفن والتسربات التي تحدث خلال مرور السفن والناقلات.
علىكل، فالسفن ليست المصدر الوحيد لتلوث بيئة البحر الاحمر فهناك عمليات تكرير النفط التي تتم في بعض الموانىء كمدينة جدة ، وهناك التلوث الذي مصدره البحر ومياه صرف المخلفات المحلية وكذلك المواد الصلبة العالقة والتدفقات الصناعية, هناك ايضاً امكانية التلوث الناجم عن اعمال الحفر والردم واعمال البناء غير المنظم في المناطق الساحلية، كما تظل مخاطر التلوث الاشعاعي امكانية محتملة، خصوصاً في ظل حقيقة امتلاك اسرائيل اسلحة نووية، وسعي بعض الدول الى امتلاك الطاقة النووية، حتى ولو للاغراض السلمية.
هكذا يبدو ان الخليج العربي والبحر الاحمر وبخلاف معظم بحار العالم مهددان بشكل دائم بالتلوث النفطي ويظل الامر في مزيد من الجهود لمكافحة التلوث في هذين الجسمين المائيين، سواء من قبل الدول المعنية المطلة عليهما، او من خلال المنظمتين الاقليميتين في كل من الكويت وجدة لقد اثبتت منظمة الكويت الاقليمية كفاءة عالية من خلال اشرافها على اتفاقية الكويت الاقليمية والبروتوكولات الملحقة بها، كما ان الامل يحدو بجهود مميزة في هذا الشأن من قبل الهيئة الاقليمية التي نشأت حديثاً بمدينة جدة للاشراف على بيئة البحر الاحمر وخليج عدن، وكل البوادر تشير الى ذلك، رغم ان اتفاقية جدة لا تشمل في عضويتها سوى الدول العربية المطلة على البحر الاحمر.
* كلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved