Thursday 3rd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 19 صفر


وسط الأجواء الملتهبة بين الهند وباكستان
دراسة جديدة عن السباق النووي بين الهند وباكستان ,,التداعيات,, وموقع الشرق الأوسط

عرض : د, محمد شومان - عثمان أنور
القاهرة,, مكتب الجزيرة,,
في ظل تصعيد التوتر المستمر بين الهند وباكستان، وفي ظل الاجواء الملتهبة التي تشهدها الدولتان تعيش تلك المنطقة في آسيا على حافة الحرب الشاملة التي يمكن أن تقع في أي وقت، فالتوتر النووي بين البلدين ربما يخرج عن نطاق السيطرة وخاصة بعد فشل كل الضغوط الدولية في اثنائهما عن التهديدات النووية أو وقف السباق النووي الرهيب الذي يمكنه أن يحيل المنطقة إلى دمار شامل وكشفت دراسة صادرة مؤخراً بالقاهرة عن السباق النووي بين الهند وباكستان,, والتداعيات وموقع الشرق الاوسط,, للباحث شحاته محمد ناصر عن قدرات نووية رهيبة تمتلكهاالدولتان دون ضوابط أو رقابة ورصدت كمية الرؤوس النووية التي يمكن أن تلقى على هذه المنطقة في أي لحظة، كما تكشف الدراسة عن تداعيات ما يحدث على الشرق الاوسط والنتائج المترتبة على ذلك.
تؤكد الدراسة على أن القدرات النووية لكل من الهند وباكستان في تنام مستمر وقد شهدت الفترة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في النشاط الهندي والباكستاني للحصول على أعلى معدلات التكنولوجيا النووية وفقاً لسباق التسلح بينهما فتمتلك الهند أربعة مفاعلات نووية هي مفاعل سايروس، مفاعل ذروخا مفاعل كاندو، مفاعل بورينما تنتج هذه المفاعلات كمية كبيرة من البلوتونيوم التي تصل إلى 345 كجم وهي كمية كبيرة جداً في مجال الاستخدامات النووية، وقد استطاعت الهند خلال السنوات القليلة الماضية استكمال دورة الوقود النووي على النطاق البحثي والتجريبي بالاعتماد على الذات بصورة كبيرة وقد بدأت هذه الدورة النووية في عام 1955 حيث تم إنشاء مصنع لإنتاج التوريوم من الرمال السوداء، كما بدأ إنشاء أول مفاعل نووي بحثي بقدرة 10 ميجاوات ثم بدأ بعد ذلك برنامج للتعاون بين الهند وكندا أسفر عن إنتاج المفاعل الكندي الهندي بقدرة 40 ميجاوات وفي عام 1957 افتتح رئيس الوزراء جواهر لانهر مؤسسة الطاقة النووية والمفاعل البحثي الأول أسيا/ وهو أول مفاعل نووي في آسيا وتوالدت بعد ذلك دورة الوقود النووي بتشييد عدد من المفاعلات وتشغيل مصنع إنتاج اليورانيوم بالنقاوة النووية المطلوبة من خامات محلية وتذكر الدراسة بأنه إذا كان العالم الفيزيائي هو بن بها بها هو أبو البرنامج النووي السلمي في الهند فإن الزعيم الهندي الراحل جواهر لانهر هو أبو القنبلة النووية الهندية.
مرحلة متطورة
وتضيف الدراسة بأن تنامي القوة الهندية النووية بلغ مرحلة متطورة جداً وخاصة بعد التحول الجذري في البرنامج النووي الهندي بعد الهزيمة من الصين وإقدام الصين على إجراء تفجير نووي عام 1964 وكذلك بعد أن دخلت باكستان في تعاون نووي مع بكين فاقدمت الهند على إجراء تفجيرها النووي الأول عام 1974 بعد ذلك تصاعد التطور والبحث الهندي لا متلاك أكبر عدد من الرؤوس النووية وحسبما تذكر الدراسة تمتلك الهند نوعين من الصورايخ البالستية هما برتيغى واغنى ويتضمن الصاروخ الأول نموذجين هما 1 برتيغى ومداه 1500كم وبرتيغى 2 ومداه 2500 كم أما صاروخ اغني فإن مداه يصل إلى 2500 كم وهذا معناه أن الهند تمتلك منظومة صاروخية قوية قادرة على ردع أي إعتداء.
وهذه القوة النووية المدمرة جعلت الهند تستعرض عضلاتها وإجراء تجاربها النووية الأخيرة ، وتنظر الدراسات إلى هذه التفجيرات بأنها مقدمة ضرورية من وجهة نظر الهند لتوقيع اتفاقية حظر التجارب النووية مثلما فعلت فرنسا بعد تفجيراتها عام 1995، 1996 خاصة وأنها كانت تعرف أنها ستتعرض لضغوط شديدة لدفعها عن هذا الاتجاه خلال المرحلة القادمة وبالتالي عملت على فرض منطق الأمر الواقع، أيضاً تأتي الصين ضمن الاهداف التي قصدتها الهند من تفجيراتها النووية خاصة في ظل التعاون العسكري المتزايد بين بكين وإسلام أباد.
أسرار نووية
أما من ناحية القوة النووية الباكستانية فقد كشفت الدراسة حجم القوة النووية ورصدت كميات اليورانيوم الهائلة التي ينتجها مفاعل مثل مفاعل كاهوتا فالكمية المنتجة بين عام 1986، 1991 بلغت 263 كجم والسعي الباكستاني للحصول على التكنولوجيا النووية لم يتوقف منذ علمت بوجود هذه التكنولوجيا في الهند وكان عام 1975، كما تذكر الدراسة نقطة تحول كبيرة فهو العام الذي عاد فيه الى باكستان عالم الذرة الباكستاني الذي يوصف بإينشتاين باكستان الدكتور عبدالقادر خان من هولندا حاملاً معه أسرار تخصيب اليورانيوم التي استخدمها في بناء قاعدة نووية في باكستان اعتماداً على معمل التخصيب المقام في كاهوتا وكان هذا إنجازاً عظيماً في ظل ظروف الحصار المفروضة على هذه التكنولوجيا لباكستان حيث عملية تخصيب اليورانيوم تعد من أصعب المراحل في دورة الوقود النووي بعد ذلك أنشأ معمل لتخصيب اليورانيوم يعمل بنظام الطرد المركزي وتم تطوير مفاعل كاهوتا فأصبح قادراً على إنتاج 45 كجم من اليورانيوم وبه حوالي ألف طارد مزكزي وهو مايكفي لصنع قنبلة نووية قوتها 20 كيلو/ طن.
كما تمتلك باكستان مفاعلاً نوويا آخر استوردته من كندا تبلغ قدرته 120 ميجاوات ومفاعل أباد للابحاث الصغير وتصل قدرته 50 ميجاوات ومحطة نووية في كاشيا قدرتها 600 ميجاوات قامت ايطاليا ببنائها عام 1980، ويقدر الخبراء المخزون الباكستاني من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب بما يمكنها من صنع 12 قنبلة نووية عيارية قوتها 20 كيلو طن، كما تمتلك الحواسب الاليكترونية فائقة القدرة على تصغير الكتلة الحرجة للقنبلة النووية العيارية إلى أسلحة ذات قدرات أصغر من نصف كيلو/طن الى 15 كيلو/ طن يمكن إطلاقها من صورايخ أرض/ أرض.
وتعزي الدراسة تنامي القدرات النووية الباكستانية الى انه لم يكن من الممكن سكوت باكستان عن تنامي القدرات الهندية أو الرد على تجاربها بعد أن وجدت نفسها وقد احيطت بسياج من الدول النووية يتمثل في الهند والصين وروسيا وكوريا الشمالية، وكذلك إدراك باكستان لأهمية السلاح النووي في دور العقوبات التي يتعرض لها الامن القومي، إضافة إلى تجذر العداءات في المثلث، الهندي ، الصيني، الباكستاني وهنا مكمن الخطورة من اندلاع السباق النووي في آسيا.
الحرب الشاملة
هذا السباق النووي الذي بدأ بالفعل يخرج عن نطاق السيطرة يمكنه أن يحيل المنطقة الى دمار شامل فعلى الرغم من أن التجارب النووية الباكستانية قد أدت الى نوع من توازن الرعب النووي بين الهند وباكستان إلا أن التوتر الحادث حالياً ينبئ عن وجود حالات استعداد لتحويل المنطقة الآسيوية الى دمار فسباق التسلح النووي الرهيب يشمل آسيا بشكل عام حيث تشير التقارير المتخصصة إلى أن سباقاً آخر نشأ بين نيودلهي وإسلام أباد حول امتلاك الصواريخ البالستية ويغذي هذا السباق الاختلال في ميزان القوى التقليدي لصالح الهند إضافة الى ان لدى الهند كمية من اليورانيوم المخصب تكفي لتصنيع 90 رأساً حربية نووية في حين أن الكمية المتوفرة لدى باكستان تكفي لتضيع عشرة رؤوس نووية فماذا لو سقطت كل هذه القنابل والرؤوس النووية على المنطقة؟!
وتحذر الدراسة ما تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط والخليج نتيجة للقرب الجغرافي لمنطقة الشرق الاوسط وتحديداً المنطقة العربية من مسرح الاحداث في شبه القارة الهندية وبالتالي التأثيرات السلبية لأي تصعيد عسكري سوف ينعكس عليها.
أيضاً الارتباطات السياسية والاقتصادية لكلا الدولتين بالمنطقة العربية حيث العمالة الهندية والباكستانية في الخليج والعلاقات السياسية المشتركة كذلك الدور الاسرائيلي الخفي في أحداث شبه القارة الهندية والعلاقات العسكرية بين الهند واسرائيل والتأثير السلبي على الأمن القومي العربي ومغزى هذا التعاون ودلالته السياسية والعسكرية وتؤكد الدراسة على أن النظام الدولي للرقابة والسيطرة على السلاح النووي في العالم قد أظهر بما لا يدع مجالاً للشك انه في حاجة الى اعادة نظر من حيث عناصره واتفاقياته، السباق النووي بين الهند وباكستان والتوتر الحادث الآن أزال الأسوار والحواجز التي حاولت الدول النووية إيجادها للحيلولة دون امتلاك السلاح النووي وأصبح هذا النوع من الاسلحة في متناول العديد من الدول ولم يعد الحصول عليه مستحيلاً مما يؤدي للاقتراب من حالة الحرب النووية الشاملة والتدمير الواسع.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved