Sunday 6th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 22 صفر


فضاءات الكتابة
قراءة أولية انطباعية في المجموعة القصصية,, امرأة لا تنام 2-2
اليوسف: يعيد حشد واكتشاف نساء,, (ابن مسعود النجدي) كي لا ينمن
أحمد الدويحي

قصة (البريق) تؤكد الضرب في ذات الاتجاه الذي تشكله غالبية نصوص اليوسف، وتتناول المرأة وقضيتها، لجأ فيها القاص الى التشطير، بحيث قدم لنا في هذه القصة (البريق) اربع شخصيات نسائية، طبعا الى جانب البائع الصبي الذي له قضيته ايضا, وينثر تدفقه (كراو) على شخصيات القصة نفسيا ووجدانيا حسب شخصية وحالة كل واحدة منهن, وينجح المؤلف في كشف حالات عالم ثري بشخوصه, حينما تدلف داخل محل ذهب, ثم تصطدم بخيوط تتدلى من خيالي، انسجها حكايات لا ينتهي صراعها بين قطع الذهب, ورفوف الزجاج والمرايا المتناثرة على صالة العرض, ونساء يتناوبن الدخول والخروج, صباحا ومساء, وللعطور والالوان، ومشاعري الممتزجة بموسيقى هادئة, وبعض قصائد الغناء الملصقة ادوار مساعدة,, ص54.
وهذا العالم الفنتازي على رغم ما فيه من شفافية, يعيدك الى ارض الواقع وربما يدخل الحزن الى النفس كما جاء في الشطر الثالث من القصة, الخاص بالشخصية النسائية التي حملت ملامح ام البائع, وقد فقدها بعد وفاة والده بشهر, لتقلب حياته, ويتخلى عن مدرسته, ويهجر قريته, ويعيش في هذا المكان المحدود, المليء بعالمه المدهش, ويحق لنا ان نتساءل في النهاية مع (الراوي) حينما تنهض استفهامات تراودني بين فينة واخرى.
من يبحث عن الجمال,,؟!
المرأة, ام الذهب,,؟!
الرجل ام المرأة,,؟!
وما هو الجمال, ولماذا الانسان يبتغيه ويبحث عنه,,؟!
ولان الرجل والمرأة, هما سيدا هذا الكون معا, فقد جاءت رمزية النص في قصة (الماء) ليتناول معاناة رجل يحب الاطفال, لكنه لم ينجب, اي شخصية سلبية مستلبة حسب توظيف النص, وفي هذه القصة, تتعدد الشخصيات الهلامية التي لا دور لها, مثل الاطفال جميعا, ابناء الاخوان والاخوات, والاطفال الذين يتسرب (الراوي) من عمله, ليشاهدهم ساعة خروجهم من مدارسهم لعشقه للاطفال الذين حرم منهم, امتداد لعيادة الطبيب, والممرضة التي جاء ذكرها في النص عرضا رغم انها ايضا امرأة, لكنها جاءت في النص بشكل مقحم.
ولم استطع تفسير تعدد الشخصيات في هذا النص (الماء) التي فاجأنا بها المؤلف على غير العادة في نصوصه الاخرى, ولسبب او لآخر غيب المرأة في هذا النص وكأنه يقول لنا لا حياة بأحدهما (الرجل والمرأة) بدون الاخر,, وينتهي نص (الماء) بتأكيد الطبيب لمريضه الباحث عن الاطفال بقوله: نعم انت مريض بمرض نفسي, وبامكانك علاجه كي تشفى من المرضين,, ص75.
ونتساءل اي مرضين يريد الطبيب والقاص معا الاشارة اليهما,,؟!
لاشك بان القاص, وهذا ما يهمنا, يعزف على ذات الوتر, ويتخندق في ذات الموقع, (فالمرضين) هما في الرجل والمرأة, وتلك قضية اخرى,,(!!).
اما المرأة, في الوجه الآخر,, فها هي تحلم: الله ما اجمل الاطفال حينما يمرحون مع ابويهما, ويقفزون بين احضانهما, ويلعبون كالعصافير، تحلق من شجرة الى اخرى, ثم تجتمع حول امهم لتنال شيئا من الاكل وتكمل تحليقها بطاقة جديدة,,!! ص81, هذه الطبيعة الانثوية يقابلها, بل يفجعك رغبات رجل موروثة بعصبية, يريد اطفالا لا حصر لهم.
ابناء ذكور فقط, فهم من سيحمل اسم العائلة, وامام هذه الرغبات المتوارثة لدى الرجل, كما في قصة (الدوائر), التي تتناول الحالة من خلال وترها الحساس, اللحظة التي ينتظرها كل ام واب,, اللحظة التي يطل فيها انسان جديد الى هذا العالم, اللحظة التي لا تستطيع فيها امرأة, الا ان تكون كالارض المعطاءة, للخصب والنماء, لكنها بكل أسف لا تملك حريتها وقرارها الذي ينقذ حياتها اولا,, وحياة جنينها حينما لم تستطع ان توقع على ورقة اجراء عملية جراحية ضرورية لانقاذ حياتها, وربما تحرمها الانجاب مستقبلا في غياب الرجل, الذي يتسكع في اصقاع الارض, وستكون ورقة طلاقها, اقرب من ورقة انقاذ حياتها,,!!
وفي قصة (الدوائر) الانسيابية التي جاءت في ذات الاطار, الذي اراد القاص ان يؤطر كل قصص المجموعة به, ومع ان كل القصص التي جاءت في هذا السياق يمكن ان نتوقع لها نهايات معينة تقترب من النهاية الفعلية للنص, الا ان قصة (الدوائر) جاءت بنهاية غير متوقعة اخرجتنا من تلك التشاؤمية التي اعتدنا ان تغذينا بها مثل هذه النصوص التي تغوص في عمق وعفن الواقع, اذ جاءت نهايتها السعيدة هكذا (اطمئني أنها بنت جميلة ورائعة مثل أمها,,!!) ص88.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق المذنــــب
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved