Sunday 6th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 22 صفر


الدعوة إلى الله
د,عبدالقادر بن عبدالله الفنتوخ
مدير عام الشركة السعودية للإنترنت

إن الدعوة إلى الله فريضة على كل مسلم، أولاً لأن المسلم مطالب بها وثانياً لان فيها خيراً كثيراً للمسلم نفسه ولأمته فالله سبحانه وتعالى امتدح الدعاة في قوله تعالى: }ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) صلى الله عليه وسلم, وكذلك أوضح رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم ما فيه من الأجر والثواب، حيث قال صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجر من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً .
لا خلاف ولا جدال في ان الدعوة يجب أن تتم باستخدام أفضل الوسائل المتاحة في كل زمان ومكان بما يواكب العصر وتتفاعل مع هذا العالم بكل متغيراته وثوابته، وقد شهدت وسائل الدعوة تطوراً عبر السنين من الدعوة الشفهية باللسان إلى الكتابة والنسخ ثم المادة المطبوعة التي كانت أكثر الأدوات انتشاراً وفعالية من كتاب ومجلة أو ملصق وصولاً إلى المذياع وجهاز التسجيل والتلفاز والفيديو والمحطات الفضائية والحاسوب وأخيراً شبكة الإنترنت التي سنتناول كيفية الاستفادة من مزاياها وتجنب عيوبهاومخاطرها.
ان شبكة الإنترنت على حد قول البروفيسور نيكولاس نيغروبونتي مدير مختبر وسائط الإعلام في مختبر معهد (ماساشوسيتس) للتقنية الشهير في الولايات المتحدة الأمريكية: هي نوع جديد من الأكسجين الذي سيغير الطريقة التي يفكر بها الناس في هذا الكوكب، فالإنترنت أحدث وسيلة اتصال وتبادل معلومات متشابه مع وسائل الاتصال وتبادل المعلومات الاخرى في جوانب وتمتاز عليها في أخرى، فاستعمالات الإنترنت هي نفس استعمالات الوسائل الأخرى من هاتف وفاكس ومطبوعات ومذياع وتلفاز تتمثل في تبادل المعلومات وإنجاز الأعمال والتجارة والدعوة للأفكار والمعتقدات ثم التسلية والترفيه وانتهاء بالبث والمضايقة وربما بالجريمة، والفرق بين الإنترنت والوسائل الأخرى ان كل هذه الوسائل باستثناء القليل منها تقتصر على نوع أو نوعين من المعلومات ولكن الإنترنت جمعت كل هذه الوسائل ووضعتها تحت تصرف الجميع في كل مكان، 24 ساعة في اليوم على مدار العام فأتاحت للمستخدم أياً كان الحصول على كل ما يريده من المواد الموضوعة في الشبكة من كتب أو رسومات أو صور وخلافه.
وتتمثل أهم الخدمات التي تقدمها الإنترنت وتجعل منها أهم وسيلة للدعوة في البريد الإلكتروني الذي يتيح للمستخدم إرسال واستقبال الرسائل الإلكترونية من شتى بقاع الدنيا بسرعة كبيرة وتكلفة زهيدة، وفي نظام تبادل الملفات الذي يتيح نقل الملفات بشكل فوري والشبكة النسيجية العالمية التي تتيح للمستخدم نشر كل ما يريده من نصوص ورسومات وصور وأصوات، وانشاء مواقع في أي مكان على الشبكة، وكذلك الاتصال بالحاسب عن بعد والذي يمكن المستخدم من الاتصال من جهازه مباشرة بأي جهاز حاسب آخر في العالم واستخدامه وكأنه موضوع أمامه، ومجموعات النقاشات والحوار الجماعية التي تتبع إقامة المنابر والنوادي والتي يزيد عدد المشتركين فيها عن خمسة أو ستة ملايين، وبرامج البث التي تتيح الوصول إلى المعلومات وفهرستها ومتابعة الإضافات والتعديلات أولاً بأول.
وكذلك من أهم المميزات التي توفرها شبكة الإنترنت للدعاة وتساعدهم على تبليغ الدعوة ونشر الدين الإسلامي، أنها مفتوحة أمام الجميع سواسية بحيث يمكن لأي شبكة في العالم أن ترتبط بهاوتصير جزءاً منها بلا شرط أو قيد بغض النظر عن موقعها في الكرة الأرضية أو توجهاتها الدينية أو السياسية، علاوة على أنها شبكة شديدة الضخامة يتضاعف حجمها باستمرار ويقدر عدد المشتركين فيها بما يزيد عن المائة وثلاثين مليون وهي لا يحكمها قانون ولا تخضع لسيطرة أحد ولا تحدها حدود ولا يمكن منع أحد من نشر أفكاره فيها أو منع الآخرين من الإطلاع على ما ينشر فيها وكذلك فهي ليست حكراً لأحد والأهم من ذلك كله أن المستخدم الفرد العادي قد امتلك عن طريقها قوة ما كان له أن يمتلكها لولا هذه الشبكة التي أصبحت مملوكة لكل من يرغب في امتلاكها وفوق ذلك فهي متطورة ومتغيرة على الدوام حيث يتضح ذلك في البث الإذاعي والتلفزيوني واجراء الاتصالات الدولية الهاتفية مجاناً ونقل البيانات عبر الأقمار الصناعية وصولاً إلى نقلها عبر شبكات الكهرباء بدلاً عن خطوط الهاتف قريباً وهذا غيض من فيض الإنترنت (2) التي ستكون أسرع ألف مرة من الإنترنت الحالية.
وشبكة كهذه مميزاتها لجديرة بان تكون أفضل وسيلة للدعوة إلى الله ونشر الإسلام لأنها تضع العالم كله أمام الدعاة وتنقل كلمتهم إليه كله دون عائق أو حائل بسرعة متناهية وإمكانات توضيحية هائلة، فالدعاة لا يحتاجون الآن للانتقال إلى الناس كما كان حال أسلافنا الذين كانوا يقطعون آلاف الأميال سيراً على الأقدام أو على ظهور الدواب أياماً وشهوراً لتبليغ الدعوة او التحقق من حديث أو معلومة.
إنهم يستطيعون من خلالها الآن وهم في مكاتبهم أو بيوتهم مخاطبة العقول والحواس بوسائل إيضاح وتخاطب بالغة التأثير والجاذبية لافتة للانتباه.
ولكي يكون استخدام الإنترنت ناجحاً ومجدياً في الدعوة إلى الله ينبغي أن ينشأ تعاون وتنسيق جيد بين الدعاة والمتخصصين في مجالات الإنترنت، بحيث تكون مهمة الدعاة إعداد المادة المناسبة وصياغة أصول الإسلام الثابتة بأسلوب يناسب العرض على مواقع الشبكة النسيجية وإنتقاء المواد المراد نشرها بدقة وعناية دون استغراق في التفاصيل مع مراعاة روح العصر وأسلوبه ومخاطبة كل قوم بلغتهم وبطريقة تتقبلها عقلية غير المسلم.
أما المتخصصون في مجالات الشبكة وأدواتها فتقع عليهم مسئولية إيضاح مزاياها وإمكاناتها ومنافعها وعيوبها ومكامن الخطر فيها وكيفية الحماية منها وإقناع الدعاة بضرورة:
الاستفادة القصوى منها ومساعدتهم في توصيل ما أعدوه من مواد للمتلقي من خلال تصميم الصفحات النسيجية والمواقع المصورة الجذابة القادرة على شد انتباه المتصفحين مع التنوع في أساليب العرض واستخدام أحدث وأرقى وسائل وأساليب الإيضاح والوسائط المتعددة.
أما عن تجنب مثالب الإنترنت, فالإنترنت قد اكتسبت سمعة سيئة بسبب الانتفاخ غير المحدود وعدم وجود قوانين تحكم الاستخدام أخلاقياً أو دينياً وبسبب استغلالها من قبل كثير من الجماعات التبشيرية والتنصيرية وعصابات الجريمة المنظمة وشبكات الدعارة ولذلك تجد فيها مواقع للرذيلة والفاحشة والفوضى والتمرد إلا أن هذه المسائل لا تنبع من الشبكة نفسها بل مما يضعه الآخرون في مواقعهم بها من محتويات سيئة وضارة وهذه جميعها أسباب توضح أهمية استغلال الإنترنت في الدعوة إلى الله والعمل على إنقاذ البشرية من الضلال والانحراف بسبب ما يتوفر بها من كم هائل من المعارف والمعلومات المفيدة والمواقع الفاضلة ففيها فتحت مدارس ومعاهد وجامعات وفيها مجال رحب للتجارة والتعليم والتعاون وإمكانية للاتصال والتواصل بين الشعوب الإسلامية بسهولة ويسر، ومشاكل الشبكة لا يعاني منها المسلمون فقط بل حتى الغربيون أنفسهم يعانون منها في بيوتهم ومدارسهم وكثير من الدول الاخرى من الغزو الثقافي عبر الإنترنت والقنوات الفضائية وعبر خطوط الهاتف وقريباً عبر أسلاك الكهرباء, وهي مسائلة سائدة في جميع وسائل الإعلام ولم تستطع وسائل الرقابة القضاء عليها ولذلك فان المشكلة مع الإنترنت ستكون أكثر تعقيداً للأسباب التي سبق ذكرها ولأنها فضاء مفتوح يوضع فيه كل شيء من كل صوب وحدب فهي بها ملايين ومليارات الصفحات الذاخرة بكل شيء مفيد وغير مفيد، والحل التقني لذلك يتمثل في حجب المواقع الضالة والمسيئة إلى الإسلام ومنع الدخول إليها واستخدام تقنيات ترشيح المعلومات (الفلترة) وبرامج التحكم التي تمنع من الوصول إلى المواقع غير المرغوب فيها وهي مهمة تقع مسئولية القيام بها على المختصين في هذا الفن وعلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والشركات الموفرة للخدمة, وكل ذلك بالإضافة إلى زيادة عدد المواقع الإسلامية الشاملة الرصينة والجذابة التي تغني زوار الإنترنت عن المواقع الضالة والمنحرفة وحمايتها من العبث, مسترشدين في ذلك بقوله تعالى أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن والحل الناجع والدائم هو العمل على تثقيف المسلمين وتوعيتهم بأمور دينهم والتمسك بعقيدتهم والعمل على إصلاح مؤسساتهم التعليمية ومناهجهم الدراسية والالتفاف إلى وسائل إعلامهم وتربية النشء على قيم الإسلام وتعاليمه الصحيحة وبناء الأسرة المسلمة على هدي النبوة.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم ما إن تمسكتكم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي, والله غالب على أمره ولو كره الكافرون .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق المذنــــب
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved