Monday 7th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 23 صفر


إنجازات الملك عبدالعزيز الدعوية

لم يكن إرساء حكم الشريعة في البلاد وجعل الكتاب والسنة الدستور الأعلى والحاكم على كل الأنظمة فيها مجرد تعبير عن فكر الملك عبدالعزيز، ولكنه كان سياسة عامة في كل تصرفاته وتوجهاته، فقد أصبح الشرع الإسلامي في عصر الملك هو الأساس لكل عمل سياسي أو تنفيذي في البلاد وأصبحت الشريعة محكمة بين الناس حين أصبح القضاء في عهد الملك يعتمد على تطبيق الشرع في الأحكام القضائية وكان من فقه الملك عبدالعزيز أنه خصص قضاة للحضر وقضاة للبادية لاختلاف انماط الحياة اليومية بين القبيلين كما كانت الحدود تقام في عهد الملك ويحكم بها قضاة الشرع مما كان له أثره الكبير في استتباب الأمن ومحاربة أسباب الجريمة، وهكذا كان يجري تطبيق الشريعة باعتبارها دستور البلاد وأساس الحكم فيها بل وسند شرعيته أيضاً.
يبدو في خطاب الملك عاماً أو خاصاً وفي منشوراته التي كان يأمر بإصدارها في أحوال خاصة أن تطبيق الشرع الإسلامي كان هو المنهج الذي حرص الملك على أن يشمل كل نواحي الحياة في المملكة، وكان ذلك ترسيخاً وتطبيقاً للمنهج في شبه الجزيرة لم تحظ به دولة أو مجتمع عربي آخر، إذ كانت تتنازع المجتمعات العربية في عصر الملك عبدالعزيز اتجاهات وتيارات متعددة في اختيار المنهج الاجتماعي الأصلح، وهل يقوم على الدين وحده وعلى الشريعة في أحكامها في كل المجالات، أو لابد من الاستعانة بمناهج أخرى ، رأى البعض أنها تمثل طريقاً للإصلاح والتقدم وقد رفض الملك عبدالعزيز كل المناهج الغريبة ولم ير منهجاً للإصلاح إلا في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهذا ما تميزت به الدولة التي أقامها الملك عبدالعزيز طوال فترة جهاده إلى أن أتم الله عليه النعمة بتوحيد المملكة ووحدة المنهج الذي تقوم عليه وهو شريعة الإسلام.
ويدل على شدة تصميمه ومضاء عزمه أن المنهاج الإلهي كان دائماً هو الدليل في كل أعماله وتصرفاته حتى على المستوى الشخصي، ولا نستطيع أن نورد تفصيلاً لكل أقوال الملك وتصرفاته بوحي من هذا المنهاج وعلى هداه، وفي كتاب الإمام العادل للأستاذ عبدالحميد الخطيب في الجزء الثاني منه فصول عن صلة الملك بالله - عز وجل- وعن الفضائل الخلقية التي كان يتمتع بها وكثير من خطبه وأحاديثه العامة والخاصة، والعديد من تصرفاته، وكل ذلك يدل على ثقة بالغة من الملك بأنه اختار المنهاج الأعدل والأحكم منهاج الشرع يدعو إليه ويحكم به وينصح على هداه ويتأدب بأخلاقه.
هكذا استطاع الملك عبدالعزيز أن يجعل الدستور الأعلى في المملكة متمثلاً في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتبدو أهمية هذا العمل الدعوي وهذا الإنجاز الكبير في أمرين مهمين:
أولهما: أن الملك عبدالعزيز كان أول ملوك المسلمين ورؤسائهم في العصر الحديث في إعلانه عن الدستور الأعلى لبلاده، وفي تطبيق هذا المنهاج الإلهي على أوجه الحياة في المملكة التي أقامها، وبذلك أعاد للشريعة الإسلامية سيادتها الكاملة في المملكة، وكانت هذه السيادة قد انتقصت منذ بدأت دولة الخلافة في تركيا في الضعف واضطرت إلى مجاراة أوروبا القوية والأخذ عنها في قوانينها ونظمها وكانت سيادة الشريعة قد تقلصت في بعض البلاد العربية في المشرق والمغرب العربي نتيجة الاحتلال العسكري، أو النفوذ السياسي الأوروبي في تلك البلاد في نهاية القرن الثالث عشر، وفي بدايات القرن الرابع عشر الهجري وما استتبعه هذا الاحتلال أو النفوذ من إضعاف لسلطان الشريعة في هذه البلاد.
ثانيهما: أن الملك عبدالعزيز جنب المملكة التي أقامها في القرن الرابع عشر الهجري مخاطر فقدان الهوية الإسلامية، أو إضعافها أو اختلاطها بهويات أخرى قومية أو ثقافية ولقد مرت البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب العربي بتجارب التغريب ثم بالتمرد على النفوذ الثقافي والاجتماعي الغربي الذي صاحبه التغريب، وبدأت بلاد عربية وإسلامية تنادي بالعودة إلى هويتها الحقيقية في الإسلام بعد تجارب عديدة، وتقلبات شتى في السياسة والاجتماع والثقافة والاقتصاد، لكن المملكة بفضل الله - عز وجل - ثم بالتصميم والعزيمة الصادقة لملك عربي مسلم، لم تتعرض لهذه التجارب، واستمرت هويتها الأصيلة، الإسلام عقيدة وشريعة في ثباتها وتقدمها واستقرارها.
تظهر الهوية الأصيلة للمملكة الآن - كما ظهرت في عهد الملك عبدالعزيز، استمراراً لجهده ، وبقاءً لفكره- في النظام الأساسي للمملكة، الذي صدر بتاريخ 27/8/1412ه وفي الكلمة التي قدم بها خادم الحرمين الشريفين النظام إلى المواطنين إذ كان خطابه - حفظه الله- منذ بدايته عن الإسلام وعن شريعته وأن عقيدة الإسلام وشريعته هي الأصول التي نهضت عليها الدولة وأشارت الكلمة إلى الثبات المستمر للمنهاج الإسلامي، وإلى حرص الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على إنفاذ منهاج الإسلام في الحكم والمجتمع.
وفي المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم تبدو المملكة التي أقامها الملك عبدالعزيز بصورتها الصادقة :دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دستورها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولغتها اللغة العربية وعاصمتها مدينة الرياض .
وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
أ, د، عبد الله بن عبد المحسن التركي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved