Monday 7th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 23 صفر


من خطب المؤسس
إذا أردنا التقدم يجب أن نتبع الإسلام

إن نعم الله على خلقه لا تحصى، ومن كمال نعمه بعثه محمد صلى الله عليه وسلم }لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم{ (التوبة، الآيتان: 128 - 129), ومحمد صلى الله عليه وسلم بعث من أشرف قبيلة، ومن أشرف أمة، وهو أفضل الخلق على الإطلاق، وأفضل من الكعبة، وأفضل من كل شيء بعد الله, ولقد جاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى والبينات، جاء بأفضل الأديان، ألا وهو دين الإسلام, إن الإسلام شريعة سمحة لا غلو فيه, اختاره الله للمسلمين من بين الشرائع، وفضله على جميع الملل.
دين الإسلام، دين الإنسانية والسماحة, ولقد أرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأشرف الكتب لخير الأمم وهو كتاب الله، فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, ولقد أعز الله الإسلام بالسنة المحمدية فما في الكتاب تؤيده السنة، وما في السنة يؤيده الكتاب.
والمسلم لا يكون إسلامه صحيحاً إلا إذا أخلص العبادة لله وحده, يجب أن يتدبر المسلمون معنى لا إله إلا الله فإن لا إله نفي لكل معبود فيما سوى الله، إلا الله إثبات العبادة لله وحده، فيجب على الإنسان ألا يشرك مع الله في عبادته نبياً مرسلاً، ولا ملكاً مقرباً, ويجب أن يتبع المسلمون القول بالعمل، أما القول المجرد فلا يفيد, ما الفائدة في رجل يقول: لا إله إلا الله، ولكن يشرك ما دون الله في عبادته }إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً{ (النساء، الآية: 48) إن الإشراك في عبادة الله كفر وليس بعد الكفر ذنب.
إن دين الله ظاهر كالشمس لا لبس فيه ولا تعقيد, دين الله مكتوب في الكتاب والسنة, فكل عمل اتفق مع الكتاب والسنة فهو الحق، وكل عمل خالف الكتاب والسنة فهو الباطل.
إن سورة الفاتحة يرددها المسلم في صلاته، وهي جامعة للحكم والبينات, في قوله تعالى }الحمدلله{ إخبار بأن الذي يستحق الحمد هو الله }رب العالمين{ أي أنه ملك العالمين وربهم، فهو رب الكافر والمسلم، رب الأنس والجن، رب كل شيء في الوجود من حيوان وجماد ونبات, }الرحمن الرحيم{ ومعنى الرحمن رحمان الدنيا والرحيم رحيم الآخرة.
}مالك يوم الدين{ إقرار بأن الذي يملك يوم الدين هو الله وحده رغم أنوف الجاهلين والجاحدين, }إياك نعبد{ أي نوحدك ونطيعك خاضعين, }وإياك نستعين{ أي نطلب منك المعونة على عبادتك, }اهدنا الصراط المستقيم{ أي دلنا وأرشدنا وثبتنا على طريق السنة والجماعة, }صراط الذين أنعمت عليهم{ أي مننت عليهم بالهداية, }غير المغضوب عليهم ولا الضالين{ أي الذين غضب الله عليهم لمخالفتهم أوامره، وضلهم عن طريق الحق.
إن في سورة الفاتحة التي يرددها المسلم في صلواته ما لو تدبره المسلم، لما كان المسلم يقول شيئاً ويعتقد خلافه, يجب على المسلم أن يتبع قوله بالعمل، وقراءة الكتاب والسنة بالاعتقاد الصحيح, أما الأقوال بغير الأعمال، فهذه من صناعة اليهود والنصارى.
يجب أن يعتبر المسلمون من حالتهم، فإنهم لم يصلوا إلى ما هم عليه الآن إلا من كثرة أقوالهم وعدم أعمالهم, إن العمل هو أساس النجاح فإن العقيدة الصحيحة هي أساس الفلاح, يجب على المسلمين عموماً والعرب خصوصاً ان يتدبروا الموقف، ويرجعوا إلى ربهم ويذروا مكره, فإنه - جل وعلا - مدح مكره فقال: }ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين{ (آل عمران، الآية: 54),
ويجب على المسلمين أن يقلعوا عماهم فيه، فإذا فعلوا فسيغفر الله لهم, لقد غفر الله عن اعمال عمر في الجاهلية حتى غدا الفاروق في الإسلام، وغفر عن أعمال خالد بن الوليد حتى أصبح سيف الله في أرضه, إن العبرة بالنية الصادقة، فإذا صدق المسلمون في نيتهم فبشرهم برحمة من الله وفضل.
إنني أدعو المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله، والتسمك بسنة رسول الله }واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون{ (آل عمران، الآية: 103).
كثيراً ما تلوك ألسنة المسلمين: }إن الله غفور رحيم{ (البقرة، الآية: 173), وهذا الكلام صحيح، ولكن ألم يأتهم نبأ قوله تعالى: }إن الله شديد العقاب{ (المائدة، الآية: 2), إن الله غفور رحيم لمن تاب وآمن وعمل صالحاً، أما من يستمر في طغيانه ويصر على كفره فسيناله عقاب ربه, إنني أرجو من المسلمين أن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسول الله, وهذا هو ديننا، وهذا هو معتقدنا نقاتل كل من أراد أن ينال ديننا أو وطننا بأذى.
يقول كثير من المسلمين: يجب أن نتقدم في معمار المدنية والحضارة، وإن تأخرنا ناشىء عن عدم سيرنا في هذا الطريق، وهذا ادعاء باطل؛ فالإسلام قد أمرنا بأخذ ما يفيدنا ويقوينا على شرط ألا يفسد علينا عقائدنا وشيمنا، فإذا أردنا التقدم يجب أن نتبع الإسلام، وإلا كان الشر كل الشر في اتباع غيره.
إن المدنية الصحيحة هي التقدم والرقي، والتقدم لا يكون إلا بالعلم والعمل, إن حالة المسلمين اليوم لا تسر، وإن الحالة التي هم عليها لا يقرها الإسلام, يجب على المسلمين أن يتدبروا موقفهم جيداً، ويعملوا لتطهير قلوبهم من الأدران التي بها، فإن الموقف دقيق، والله ينصر من أراد نصر دينه }وكان حقاً علينا نصر المؤمنين{ (الروم، الآية: 47).
إن الفرقة أول التدهور والانخذال، بل هي العدو الأكبر للنفوس والغاوية للبشر.
الاتحاد والتضامن أساس كل شيء, فيجب على المسلمين أن يحذروا الفرقة وأن يصلحوا ذات بينهم، ويبذلوا النصيحة لأنفسهم, قال عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم , فهذا الحديث دستور أخلاقي عظيم من واجب كل مسلم العمل به لأن في اتباعه تصلح احوال المسلمين، ويزدادون منعة, ونحن نحمد الله على درء كل خطر، وقمع أسباب التخاذل, فنرجوه - سبحانه وتعالى - أن يمن علينا بالاتفاق والاتحاد, إن الله - سبحانه وتعالى - قد من على المسلمين بأوامر ونواه، وفرض عليهم الفرائض,
ولم يأمر - جل وعلا - بأمر إلا وجعل الفوائد بحذافيرها فيه، ولم ينه عن شيء إلا وجعل الشر بحذافيره فيه، ومن أعظم الأوامر توحيد الله جل وعلا توحيداً منزهاً عن الشرك, إن الله لم يجعل بينه وبين أحد من خلقه واسطة فهو يقول: }ادعوني استجب لكم{ (غافر، الآية: 60), ويقول: }ونحن أقرب إليه من حبل الوريد{ (ق، الآية: 16).
وقد فرض الله سبحانه الفرائض الخمس على كل مسلم ومسلمة, وهي تطهر القلوب والأموال والأنفس من الدنس والشرور، ومن هذه الفرائض الحج، حج بيت الله الحرام مع الاستطاعة.
والحقيقة أن حج بيت الله الحرام والاجتماع فيه من أكبر النعم التي أولانا إياها الحق جل وعلا؛ إذ إن الخير كله في الاجتماع، والشر كله في التفرقة, فالاجتماع والتضامن أساس كل عمل، ومحور كل نهوض.
نسأل الله أن يعز دينه، ويعلي كلمته، ويؤيد المسلمين بروح منه.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved