Monday 7th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 23 صفر


هل معالي راشد النعيمي جادٌّ في عتابه,,,؟؟؟
د, عبدالله ناصر الفوزان

كنا مع الإخوة الإيرانيين في أوج تباعدنا عندما لاحظت تواجد التفاح الإيراني وغيره من البضائع الإيرانية بكثرة واضحة في أسواقنا، وقد قلت وقتها لأحد الزملاء ألا تعتقد أن ذلك الانفتاح الاقتصادي على إيران دليل على تحسن العلاقات أو مؤشر لبداية التحسن على الأقل,,,,؟؟ فقال وهو يبتسم إنه دليل بالفعل على تحسن العلاقات ولكن ليس بيننا وإيران بل بين الإمارات وإيران,,,,, فقلت كيف,,,؟ قال إن تلك البضائع الإيرانية التي لاحظت أنها غزت أسواقنا تأتي عبر ما نسميه إعادة التصدير، فتجار الإمارات هم الذين يستوردونها ثم يعيدون تصديرها إلينا ونحن بالطبع نستقبلها بحكم ضوابط التجارة بيننا وبين الإمارات وليس بيننا وبين إيران أي أن الإمارات بالإضافة لاستفادتها اقتصاديا فهي المستفيدة سياسيا من الاستيراد من إيران وليس نحن,,,,, وقد أدهشني ذلك وقتها من ناحيتين,,,, الأولى التحسن السريع في العلاقات الإيرانية الإماراتية بعكس الحال بالنسبة لنا مع إيران مع أن العلة التي عكرت علاقاتنا مع الإيرانيين هي أقوى أثراً بالنسبة لإخوتنا الإماراتيين بحكم الموقع الجغرافي الأقرب، وفوق هذا فهم ينفردون بعلة أخرى أساسية وهي احتلال إيران للجزر الإماراتية، فكيف تتحسن علاقات الإمارات مع إيران بهذا الشكل وتبقى علاقاتنا مع إيران متعكرة,,,,,,,,؟؟ والأمر الثاني الذي أدهشني هو كيف نتنازل نحن عن مكاسب اقتصادية لتجار الإمارات ومكاسب سياسية لحكومتها بهذه البساطة والتلقائية التي لا يبررها بالتأكيد مسألة الأخوة وحسن الجوار,,, وقد ظلت هذه بالنسبة لي علامة استفهام ملحوظة لم تتأت الفرصة لي لطرحها على من يستطيع إزالة غموضها.
وأمر آخر لفت انتباهي وأنا أتابع الشأن الخليجي بعد عملية تحرير الكويت فقد لاحظت كما لاحظ غيري تلك الدعوات الإماراتية المتكررة للمصالحة مع النظام العراقي على نحو ليس فقط لا يتفق مع المصالح العامة الخليجية، بل ولا حتى مع قرارات الأمم المتحدة، وكانت تلك الدعوات تصل أحيانا في جديتها وحرارتها وإلحاحها إلى حد إحراج الدول الخليجية، وقد رفعت القيادة السياسية الإماراتية يوما شعار (عفا الله عما سلف), ودعت لتناسي تلك الجرائم الكبرى الفادحة وإعادة العلاقات مع النظام العراقي، ووصلت جدية الدعوة ودرجة الإلحاح في طرحها يوما إلى ما يتجاوز ما وصلت إليه دعوات الدول التي كانت مؤيدة للنظام العراقي أصلا، وكان دافع الإمارات مرتكزا كما هو معروف على خدمة مصالحها الخاصة، وهذا أمر كان شديد الوضوح.
لهذا كله فقد تعجبت كثيرا وأنا استمع إلى ذلك العتاب الحار لحد الغليان، من معالي راشد النعيمي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في الإمارات الذي وجهه لدول مجلس التعاون بصفة عامة وللمملكة العربية السعودية بصفة خاصة لتقاربها مع إيران في اللقاء الذي أجرته معه قناة الجزيرة قبل يوم أمس السبت, والحقيقة إنني لم أستطع أخذ عتاب معاليه بتلك الجدية التي بدا عليها في ألفاظه ومعانيه، فدولة الإمارات هي السباقة لتحسين العلاقات مع إيران، وهي السباقة للسعي لما يحقق مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الخليجية الشاملة، ولا يعقل بعد كل هذا أن نسمع مثل هذا العتاب المر لمجرد تقارب طبيعي متبادل يعيد العلاقات الاقتصادية والسياسية إلى ما يفترض أن تكون عليه تماماً مثل ما هو حال العلاقات الإماراتية الإيرانية، ويحقق مصالح كثيرة كبرى تتجاوز الدولتين إلى شعوب الدول المجاورة بما فيها الإمارات مثلما حصل في أسعار النفط على سبيل المثال.
لقد قيل لمعاليه في اللقاء لماذا تقيم الإمارات علاقة اقتصادية جيدة مع إيران طالما أنها تريد من دول مجلس التعاون ألا تتقارب مع إيران، وكانت إجابته مدهشة جداً فقد قال إن ما بين الإمارات وإيران الآن هو علاقة بين الشعبين, ويا للعجب من هذه الإجابة، فكأن الحكومة في نظره لا تمثل الشعب وتسعى لتحقيق مصالحه بإجراءاتها، وكأس السياسة ليست هي إدارة شؤون الشعب في الداخل والخارج بما يحقق مصالحه.
نعم,,, لقد بدا لي أن عتاب معاليه لدول مجلس التعاون - مع كل ما فيه من حرارة ومرارة - عتاب غير جاد ليس طبعاً لأنه لا يملك مقومات الجدية في الطرح واللغة وإنما بسبب ما كانت وما زالت تقوم به الإمارات نفسها، فلا يعقل أن تقيم الإمارات تلك العلاقات الحارة مع إيران لدرجة التحول إلى بوابة لدخول البضائع الإيرانية لأسواق المملكة ثم تعاتب المملكة حين تستجيب للرغبة الإيرانية بإيجاد البوابة الخاصة بهما لخدمة مصالحهما المشتركة,,,,,,, إنني قد أتفهم موقف الإمارات إذا قالت إنه ينبغي على أشقائها الخليجيين استخدام العلاقات وسيلة ضغط على إيران تعوض عن الضعف العسكري فيما يتعلق بمشكلة الجزر ولكن في هذه الحالة يفترض أن تكون الإمارات هي أبعد الجميع عن إيران وأحرصهم على مراعاة المصالح المشتركة,, أما بدون هذا فلا يمكن أن تستقيم الأمور.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved