عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فلقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الدروس الخصوصية وانتشارها ولعل الرسوم الكاريكاتورية أسهبت في تناول هذا الموضوع بالنقد الساخر والمتنوع وفي الحقيقة ان المسألة مهمة جدا وتحتاج منا الى وقفة صادقة وجازمة وخاصة من ارباب الشأن والمسئولية لأن انتشار هذه الظاهرة نذير خطر ومؤذن بالضياع فكم من الاموال قد استنزفت؟ وكم من الاوقات ضيعت؟ وكم من اساليب للغش قد علّمت؟ هذا بالاضافة الى السلبية الكبرى الا وهي الجناية على ذلك الطالب المتلقي لمثل هذه الدروس، حيث سيعتمد على الغش في كثير من الاحيان وسيتعود على المساعدة في اغلب الازمان، وانه ليسعدني ومن خلال (عزيزتي الجزيرة) ان اتناول هذه النقطة بشيء من الايضاح، مخاطبا كل الجهات التي لها علاقة بهذه الظاهرة السيئة وذلك من خلال رسائل هادئة خرجت من القلب فلعلها تصل اليه ويعيها، واليك اولى هذه الرسائل:
1 - الرسالة الاولى: لمن يعطي هذه الدروس من المعلمين وغالبيتهم من المتعاقدين فأقول له: لعله غير خاف عليك - اخي الحبيب - انك بدخولك مجال التعليم تبوأت مكانة عالية ومسؤولية كبرى - امانة عظيمة، فأنت المعلم وانت القدوة لطلابنا فعليك ان تتعامل معهم كمعاملة الاب لابنه، واياك ان تستغل حرصهم على النجاح بابتزاز اموالهم، فأنت تبني وتربي وتعلّم لذا من المطلوب ان تكون المادة هي آخر ما تفكر فيه، واعلم ان اداء الدروس امانة فلا تهمل في أداء درسك واعلم ان زمن الحصص كاف لشرح المنهج بأكمله الا اذا ابيت انت ذلك لتحصل على ما تريد فهذا شأن آخر !! ثم اعلم - اخي الحبيب - ان من تعاقد معك قد اشترط عليك عدم القاء مثل هذه الدروس وبذلك فيحرم عليك اعطاؤها واخذ المال عليها، املي بالله ثم بك ان تعي حجم المسئولية الملقاة على عاتقك، ان تكون رجل تربية وبناء لا معول هدم وتضييع والله يحفظك ويرعاك.
2 - الرسالة الثانية: لمن يتلقى هذه الدروس الا وهو الطالب فأقول له: اعلم انك تحب النجاح وتحرص عليه، وهذا شيء فطري وطيب ولكن عليك ان تسلك الطريق الامثل للنجاح، فعليك ان تنتبه لدروسك من اول العام، وتسأل عن كل ما يشكل عليك من المسائل ، فعندك سنة دراسية كاملة وهي كافية لتفهم الدروس كلها اذا اقبلت عليها بجد وحرص، واعلم ان تعاطيك لمثل هذه الدروس مخالفة صريحة لانظمة الجهات التي بذلت الغالي والنفيس من اجلك، بالاضافة الى ان ذلك يضعف بناءك ويؤدي الى استنزاف اموال اسرتك لذا فعليك ان تكون من أوائل المحاربين لهذه الظاهرة، وعندها سيبذل المعلمون كل طاقاتهم لافادتك بعد ان عرفوا انك لن تفتح لهم باب المادة على مصراعيه.
3 - الرسالة الثالثة: وهي موجهة لأولياء امور الطلاب فأقول لكل أبٍ حريصٍ على ابنه:
أخي العزيز: اعلم علم اليقين انه ليس هناك شخص يحب ان يكون غيره افضل منه الا الاب تجاه ابنه، لذا فلا لوم عليك حينما تبذل الغالي والنفيس لاجل نجاح ابنك وتفوقه ولكن عليك ان تزن الامور بميزان العقل والمنطق فلا يجرفنك حبك الاعمى لابنك لسلوك بعض الطرق الخاطئة كالاعتماد علىالدروس الخصوصية لأن هذه الدروس تزعزع ثقة الطالب بنفسه وتزرع فيها الاعتماد على الغير، بالاضافة الى الاموال الطائلة التي تكلفها هذه الدروس لذا فعليك ان تسلك الطريق الصحيح لتفوق ابنائك من خلال المتابعة الجادة من اول العام لمستوياتهم والا يقتصر دورك على وقت الامتحانات فقط, اخي الحبيب: ان ما يلقى في الدروس الخصوصية يلقى في المدارس بكل تلقائية وبالمجان فلم لا تزرع الجد في ابنك وتقوي ثقته بنفسه ليكسب وتكسب معه ومن ثم يكون المجتمع هو الكاسب الاول لكما, والله يحفظك ويرعاك.
4 - الرسالة الرابعة: وهي موجهة للمسؤولين في شئون التعليم فأقول لهم: ان مسؤولية تعليم الابناء وتربيتهم من اكبر المسئوليات الملقاة على عواتقكم، فإياكم ان تقصروا في أداء المهمات المناطة بكم، واعلموا انه على قدر الحزم والمتابعة تكون تلك الدروس فان تابعتم المعلمين وضربتم بيد من حديد على من يخالف الانظمة ويعطي تلك الدروس فستقل ولن يجرؤ احد منهم على اعطائها واما ان تركتم الحبل على الغارب واقتصر دوركم على التعاميم فأبشروا بسيل من هذه الدروس، لأن من امن العقوبة اساء الادب، كما يجب عليكم ان تعتنوا باختيار من سيتولى مسؤولية تعليم وتربية ابنائنا والا تمكنوا احدا من أن يشوه جمال التعليم ويكدر صفاءه.
5 - الرسالة الخامسة: وهي لكل مواطن غيور على ابناء بلده وثرواتهم فأقول له: اتمنى منك ان تكون عينا تحرس ويداً تعين فاذا سمعت او رأيت بعض المعلمين الذين اعمى الدينار ابصارهم وكبلت المادة جوارحهم فسارع للتبليغ عنهم لأنهم معاول هدم في مجتمعنا، ولعل هذا اقل ما تقدمه لابناء بلدك واخوانك، واياك ان تتنصل من المسئولية وتلقي بها على كاهل غيرك فما اتينا الا من قبل ذلك.
ايها الاحباب والله اننا لنتقطع ألماً ونموت غيظاً عندما نرى بعض المواطنين يدفع دم قلبه وعصارة جهده وعمله لمعلم جشع تطفل على التعليم حتى شوّه سمعته من خلال بيع الاسئلة لتلاميذه ونحو ذلك، يقول احد التلاميذ لاحد زملائه لقد اعطاني احد المعلمين درسا واحدا ب 300 ريال ولكنه يغنيني عن دروس السنة كلها!! اي امل يعقد على مثل اولئك الطلاب بعد ان سلخ امثال هذا المعلم منهم كل فضيلة وقطعوا منهم حبال الامانة والثقة!! واخيراً آمل من اعماق قلبي ان تجد هذه الكلمات آذانا صاغية وقلوبا واعية والا تمر علينا مرور الكرام لان المسألة جد خطيرة وتحتاج الى وقفة سريعة، والله الهادي الى سواء السبيل.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي