Wednesday 16th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 2 ربيع الاول


رؤى وآفاق
راكان يقاتل الصرب

راكان بن فلاح بن مانع بن حثلين العجمي بطل أسطوري في الحكاية الشعبية التي تزين المجالس، وكلما كان المتحدث ماهراً في الكلام، ولديه سحر بلاغي زادت شخصية راكان قوة ونفوذاً، فشخصية راكان تخضع للمتحدث أكثر من خضوعها للواقع التاريخي، الذي يعطيها حقها، بكون راكان من زعماء البادية وقد أسر بسبب خروجه على السلطة، ثم نفي كغيره من النماذج البشرية التي تسلك هذا المسلك على امتداد التاريخ البشري, وبما ان راكان حظي بقتال الصرب وكان ذلك القتال سببا في فك أسره فيحسن بنا في هذا المقام ان نبسط القول - في حدود هذه المقالة - في حياة هذا البطل، فنحن في هذه الايام نؤازر إخواننا المسلمين في كوسوفا الذين شردهم الصرب، واخرجوهم من ديارهم, فراكان بن حثلين واحد من أبطال الصحراء الذين اشتهرت بهم بلاد نجد قديماً وحديثاً، فمن فرسان نجد في القديم مهلهل بن ربيعة وعمرو بن كلثوم وقيس بن زهير وعنترة بن شداد وعتيبة بن الحارث وبسطام بن قيس، ومن فرسانها في العصور المتأخرة : شالح بن هدلان وذيب بن هدلان ومحمد بن هندي ومحمد بن هادي وسلطان الدويش وصطام بن شعلان ومحمد الطويل، فالبيئة التي صبغت اولئك الابطال بصبغة الشجاعة واحدة بحيث ينشأ الفتى وعيناه تبصران غارةً وابطالاً يخوضون المعارك فيعتاد على القتال وهو في سن الخامسة عشرة، كما روي عن ذيب بن هدلان, وراكان بن حثلين العجمي ولد في تلك الصحراء التي تنشىء الفتيان على البطولة في نهاية العقد الثالث من القرن الثالث عشر الهجري، وقد ألف العيش في الصمان والدهناء، اما حياته في الحواضر فهي من أجل حاجة فإذا انقضت عاد إلى حياة الانطلاق.
وعندما بلغ راكان العقد الخامس من عمره تولى رئاسة قبيلته العجمان، وفي ايام رئاسته لقبيلته عزَّ عليه ان يأتمر بأمر بركة بن عريعر أو ناصر السعدون وان كانا تابعين للدولة العثمانية، فقبيلة العجمان في نظر راكان لاتقل شأنا عن قبيلة المنتفق، أو قبيلة بني خالد، فحاول راكان ألا يمتثل لأمر، وأن تكون قبيلته سيدة نفسها فلم يَرُق ذلك للدولة العثمانية وعزمت على القبض عليه وتم لها ذلك، فحمل في سفينة اتجهت به إلى البصرة ومنها إلى بلاد الأتراك، وكان أسره في آخر العقد التاسع من القرن الثالث عشر، وقد نقل من بلاد الأتراك إلى البلقان، حيث سجن في قلعة في تلك البلاد، وقد تتابعت السنون وراكان في سجنه يتمنى رؤية الصمان والدهناء، ولكن هيهات ان يحصل له ذلك، فإذا جاشت نفسه، وبرح به الشوق إلى رؤية بلاده نفّس عن لواعج كمده بقصيدة يقولها، ويرددها في لياليه الموحشة، وعندما امتد به السجن إلى سبع سنين رغب في الجهاد في سبيل الله، وان يكون واحداً من المجاهدين في سبيل الله ضد الصرب، وكانت أخبار معارك الصرب مع الدولة العثمانية تصل إلى كل مكان حتى السجون، وبما ان سجن راكان يقع في ارض تلك المعارك، فأخبار المعارك تصل إليه، وبعد إلحاح منه أتيحت له فرصة الجهاد في سبيل الله فأبدى شجاعة نادرة، بل انه كان يتمنى الشهادة فهي خير من السجن الذي ربما رجع إليه.
ويأتي الفرج بعد الجهاد فيمنح العفو ويعود الى بلاده معززاً مكرماً، فيقضي بقية عمره بين أفراد قبيلته.
د, عبد العزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved