وصلت معظم دول العالم المتقدمة إلى إدراك حقيقة أهمية قيمة المعلومة وكيف ان القيمة الاقتصادية بدأت تتحول من التصنيع التقليدي إلى الانتاج الفكري وأصبح المصدر البشري ذا قيمة وأهمية زائدتين وكيف أن الانتاجية الفكرية أصبحت جوهرية في مجال التطور الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة وعلى الرغم من أن النشاطات الفكرية المعقدة والانتاجية المحسنة صار من الممكن الوصول إليهما في نطاق التقدم في مجال تقنية المعلومات المتقدمة والاتصالات الحديثة مثل التقدم في حقل الوسائط المتعددة والشبكات السريعة، إلا أن هذه التقنية لم تنتشر في كثير من البلدان بعد, ولهذا تأتي أهمية تدخل الحكومات من أجل نشر تقنية المعلومات وبناء البنية التحتية للاتصالات الحديثة, وكذلك يأتي دور الحكومة في تشجيع نشر استخدام تقنية المعلومات في القطاع العام والإشراف على استخدام هذه التقنية في القطاع الخاص، كذلك إلزام القطاع الخاص باتباع المعايير والمقاسات الموحدة لتكون متوافقة مع القطاع العام وليسهل التعامل بين القطاعين ذلك من جهة، ومن جهة ثانية ليسهل التعامل مع العالم الخارجي وتبادل المعلومات (البيانات) فيما لو روعي اتباع المعايير الدولية, وفي إطار التحول الاقتصادي الجديد أصبح الفكر البشري الرقم الأساسي في معادلة التحول من العصر الصناعي - حيث كانت الآلة هي العنصر الأساسي - إلى عصر الانتاج الفكري، فالمعلومة تأتي لتكون من أهم الأدوات الضرورية لهذا الانتاج الفكري, وما النمو المذهل والسريع في شركات المعلومات وشركات الانترنت إلا دليل واضح على هذا التحول الاقتصادي, وفي العصر الحديث بدأنا نرى شريحة من أغنياء تقنية المعلومات بدأت تطفو على السطح لتحتل المراتب الأولى على أغنياء العالم متجاوزة (هوامير) عائلات العصر التاسع عشر وأوائل هذا القرن الارستقراطية المشهورة خصوصا في تاريخ الغنى الأمريكي وهذا دليل آخر على هذا التحول الاقتصادي، ويأتي على رأس هؤلاء الأغنياء الجدد بل قيت مؤسس شركة مايكروسوفت الشهيرة في مجال تطوير البرمجيات والذي يتسنم قمة هرم أغنياء العالم منذ عدة سنوات, ولم يكن بل قيت سليل الطبقة الارستقراطية الغنية المتوارثة الغنى أباً عن جد، بل كان ابن إحدى عائلات الطبقة الوسطى الأمريكية الذي يدرس في جامعة هارفرد عندما لاحت له موجة تقنية المعلومات فآثر امتطاءها تاركا الجامعة فأوصلته تلك الموجة إلى أغنى أغنياء الكون, ومن أجل الوصول إلى هذا التحول الاقتصادي فلابد من تحقيق البنية التحتية لتقنية المعلومات المتقدمة للمجتمع ونعني بذلك أن بإمكان أي فرد (مؤسسة) في المجتمع الحصول على المعلومة (البيانات) في أي شكل سواء نص أو صوت أو صورة ومن أي مكان في العالم ومعالجتها وإرسالها إلى أي مكان في العالم بالسرعة المناسبة وبالتكلفة المعقولة, وسنحاول بإذن الله في مقالات قادمة التعرض لنشر تقنية المعلومات المتقدمة في القطاعات المختلفة للمجتمع مثل القطاع الصناعي والقطاع العام والقطاع الخاص وخصوصا القطاعات التي لها علاقة مباشرة مع المجتمع مثل القطاع الصحي والقطاع التعليمي كذلك الاستخدامات المنزلية لتقنية المعلومات والتي بدأت تأخذ اهتماما متزايدا في الوقت الحاضر.
* الرياض - المستشفى العسكري
بريد الكتروني:
mmshahri*scs.org-sa