Wednesday 16th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 2 ربيع الاول


الفتن تعصف بمن لا يتقيها
لانريد إغماض عيوننا عن الواقع

عزيزتي الجزيرة:
لقد جاءت العطلة الصيفية فكيف نقضيها؟
سؤال يتكرر عقب كل اجازة يقرع ذهن كل طالب وكل أب أو ولي أمر أو مرب حريص، ويؤرق كل مسؤول يهمه فراغ الشباب وما قد يولده من آثار سلبية.
تأتي الاجازة بعد ان التقط الطالب انفاسه، ومسح جبينه وتنفس الصعداء, تأتي بعد انصرام سنة دراسية قضاها الطالب من عمره فيتلهف اليها وينتظرها بفارق الصبر وقد بنى كل طالب في خياله مملكة من الآمال التي يريد تحقيقها ولكن.
هي الآمال نبنيها قصوراً
على عمد الكلام فهل تقام؟
والانسان بطبيعته يتمنى ويتوسع في امانيه ولكن هل غاب عنه قصر العمر وإن طال!
ولم أر شيئا مثل دائرة المنى
توسعها الآمال والعمر ضيق
ان هذه المدة الطويلة من الوقت تحتاج الى تنظيم حسن مدروس في كيفية قضاء العطلة وسبل استغلالها والافادة منها وهذا أمر يجب ان يضطلع به كل من له علاقة بتربية النشء وتعليمه.
لقد جاء الاسلام واعتنى بالنشء والشباب عناية خاصة لانه يدرك ان الشباب هم عماد الامة وقلبها النابض بالحياة وشرايينها التي تتدفق وعصبها الذي تتحرك من خلاله.
ولقد كان من رجال الاسلام الاوائل شباب اغضاء في مقتبل اعمارهم قبلوا دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشاركوا في بناء دولة الاسلام وتبليغه بل ان منهم من تولى اعمالا ضخاما كما فعل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما بات في فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما هاجر الى المدينة وكما فعل اسامة بن زيد - رضى الله عنهما - حينما ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قيادة جيش فيه كبار الصحابة وهو دون العشرين، وكان عمر - رضي الله عنه - يحرص على حضور ابن عباس - رضي الله عنهما وهو شاب حدث - لمجلسه وفيه كبار الصحابة؛ بسبب علمه وفطنته وحكمته.
ولقد عني الاسلام بالوقت عناية فائقة لانه هو عمر الانسان وحياته، فنظم عددا من الشعائرالتعبدية في اوقات محددة وألزم بالتزامها ولقد اقسم الله بالعصر وهو الدهر واقسم بالليل والنهار وهما يوم الانسان قال صلى الله عليه وسلم موصيا باغتنام الوقت اغتنم خمسا قبل خمس وذكر منها وشبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك ويقول صلى الله عليه وسلم لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع وذكر منها عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما ابلاه رواه البزار والطبراني باسناد صحيح واللفظ له ونجد في الحديث ان فترة الشباب وان كانت من العمر الا أنها تفرد بسؤال خاص لأهمية هذه المرحلة ولأنها وقت القوة والنشاط ولقد كان سلفنا الصالح ومن اقتفى اثرهم بإحسان يحرصون أشد الحرص على استغلال أوقاتهم فيما ينفع بل يُنقَلُ عنهم في ذلك ما يُتَعجّب منه لذلك نجد أن كثيراً منهم بلغ منزلة رفيعة في العلم النافع والعمل الصالح الذي ينفع الانسان في دينه ودنياه.
اننا حينما ننظر الى الامم المنتجة من حولنا نجد منهم حرصا كبيرا على اوقاتهم وتنظيمها على الرغم من ان نظرتهم للحياة نظرة اقتصادية بحتة تختلف عن نظرتنا الاسلامية التي بينها الله عز وجل - في محكم كتابه الكريم - (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) سورة القصص 77 فالأصل أننا نحرص حرصاً شديداً على اغتنام أوقاتنا في المفيد النافع.
ان الغيورين من ابناء هذا البلد الطيب المترابط بوشائج الاخوة ليضعون ايديهم على قلوبهم في مثل هذه الاجازات لما يرون من تصرفات بعض شبابنا الاغرار ولسان حال اولئك الاغيار: رب سلم سلم ، اننا لا نريد ان ندس رؤوسنا او نغمض عيوننا عن شيء من الواقع المر، متجاهلين اخطاءنا أو غافلين عنها فان فعلنا ذلك فقد أُصبنا في مقتل, ان الهدف بيان مكمن الداء ليتسنى لنا الدواء وليس المقصود احدا بعينه، فانت تجد في الاجازة مناظر مؤسفة، وحوادث مبكية، وأنباء مزعجة فكم من حوادث السيارات المؤلمة التي يذهب ضحيتها شباب في ريعان الشباب أو تسبب اعاقات مقعدة ومن مناظر الاجازة المؤسفة ما تراه من بعض الشباب وهم يجوبون الشوارع ليلا وقد أحالوا ليلهم نهارا وفوتوا بنومهم في النهار بعض الصلوات مع الجماعات، ومن مشاهد الاجازة المحزنة تلك الاوقات بل الاعمار - لان الوقت هو عمر الانسان - التي تبدد هدرا امام القنوات الفضائية التي تنشر الفساد والرذيلة، ومن مشاهد الاجازة المؤسفة انك ترى بعضهم قد حزم امتعة السفر الى خارج البلاد سائحا وقد عرض نفسه للفتن ومن المناظر المبكية ما تراه من بعض شبابنا انه يكثر التجوال في الاسواق بدون حاجة,, مع اكتظاظ الاسواق بالنساء بسبب مناسبات العطلة، يكثر التجول مضيقا على محارم المسلمين, ومن المشاهد المؤثرة انك ترى بعضهم قد تفنن في ارتداء بعض الملابس التي فيها مخالفة لديننا وحيائنا - والحياء من الدين - فبعض هذه الملبوسات يبدي شيئا من العورة وبعضها عليه صور لذوات ارواح وبعضها كتبت عليه كتابات سيئة لايدري من يرتديها ماذا تعني!
ولنكن - أيها القارىء الكريم - اكثر صراحة أليست مكاتب الشرطة والسجون تكتظ بالمراجعين والنزلاء في مثل هذه الاجازات؟
اننا بحاجة الى ان تكثف الجهود من كل من له علاقة بالتربية والتعليم والشباب والشئون الاجتماعية ووزارة الشئون الاسلامية للعمل على وقاية شبابنا من الاخطار والشهوات المحدقة والمكائد والفتن التي تعصف بمن لا يتقيها لنسير معاً في يوم وغدٍ مشرق نحو سلوك ومستقبل أفضل.
خالد بن محمد العموش
متوسطة الملك خالد بالخرج

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved