Thursday 17th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 3 ربيع الاول


حول تمسك النائبة التركية بتغطية رأسها
هكذا كان حجاب نساء المؤمنين

عزيزتي الجزيرة
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فقد نشرت الصحف وتناقلت وكالات الانباء في الايام الماضية خبر النائبة التركية (مروة قاوقجي) لدى دخولها البرلمان التركي لدى اجتماع اعضائه وهي مغطية لشعر رأسها، فقوبلت باحتجاج اعضاء المجلس باعتبار ان ما فعلته يعني تمسكها بالحجاب الاسلامي، ودستور دولتهم يدعو للعلمانية ويحارب التدين، ثم طالبوا بطردها من البرلمان واسقاط الجنسية التركية عنها وقد فعلوا، ولا شك ان ذلك منهم محادّة لدين الله وسير في ركب الدول الغربية الكافرة والتي ولتهم ظهرها ولم تقنع منهم بما قدموه من تنازلات في دينهم، ولعمر الحق ان ذلك لرجاء وطاعة لمن ضرره اقرب من نفعه.
وبغض النظر عن مسألة جواز مشاركة المرأة في البرلمان، وخصوصا اذا كان يجاهر بعلمانيته ويدعو الى مخالفة الشريعة عمدا، أقول: بغض النظر عن تلك المسألة فان في ظاهر الخبر ما يدل على ما لدى تلك النائبة من العاطفة الدينية والحماس لمبادئها الشرعية ، وهذا الشعور تشكر عليه ونسأل الله ان يأجرها على ما أرادت من الخير وان يكتب لنا ولها التوفيق واصابة الحق,غير ان ثمة مسألة يجدر ان تبين في هذا المقام، حتى لا يقع شطط في الفهم ولا تغيب الحقيقة الشرعية في خضم العواطف، وهي هل المراد بالحجاب الشرعي للمرأة ان تغطي شعر رأسها من غير ان تستر وجهها، هذا الرأي رأي مرجوح لا يستند الى دليل صحيح خصوصا وانه مخالفة لادلة صحيحة وصريحة كثيرة، قال الله تعالى: (وليضربن بخمرههن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن,,) الخ الآية 30 من سورة النور, قال المفسر الحافظ ابو الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي - رحمه الله - والخُمُر: جمع خِمار، وهو: ما يُخَمَّر به ، اي يُغطى به الرأس، وهي التي يسميها الناس المقانع ا,ه.
قلت: وهي التي يسميها الناس في بلادنا الغُطوة أو (الشيلة).
وروى البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل، لَمَّا أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها , وقال الله تعالى - (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) الآية 59 من سورة الأحزاب.
وقد نقل الحافظ ابن كثير عند تفسيرها عن ابن عباس - رضي الله عنهما - انه قال: أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة وروي عن أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنهما - انها قالت لما نزلت هذه الآية (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الانصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن اكسية سود يلبسنها.
وفي المسند وسنن ابي داود وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذا حاذونا سدلت احدانا جلبابها على وجهها من رأسها، فاذا جاوزونا كشفناه .
قال سماحة شيخنا الامام العلامة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: في هذا دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الاحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا مجموع فتاوى سماحته 4/255.
وفي قصة الإفك قول عائشة: ,, فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي,, وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما.
وقال العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام 852ه - رحمه الله - في فتح الباري 9/324: ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الاجانب .
والادلة والنقول في هذا كثيرة مستفيضة.
والمقصود ان تساهل الناس وتعارف بعضهم على تسمية غطاء المرأة لشعر رأسها حجابا او تحجبا في غير محله، وان الحجاب الشرعي الذي كان عليه ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن - والذي كان عليه ايضا بنات النبي ونساء المؤمنين حجاب ضاف ساتر لسائر الجسد بما في ذلك الوجه، فانه محل زينة المرأة وعنوان جمالها والفتنة به اكبر واعظم.
ودلت النصوص المتقدمة على ان الحجاب انما يكون ضافيا وكاملا اذا كان سابغا من اعلى الرأس، لا ان يكون محددا لمقاطع جسم المرأة، ودلت ايضا على ان ابداء العينين وهو المسمى بالبرقع او نحوه له ضابط محدد، وهو ان تبدي ما احتاجت اليه عبر فتحة واحدة من غير تجميل للعين ولا ابداء لما حولها من وجنة وخد ونحوهما وهذا بخلاف ما عليه كثير من النساء اليوم كما لا يخفى.
والله المسؤول وحده ان يصلح احوال المسلمين في كل مكان، وان يوفق ولاة امورهم لتحكيم شرعه والسير وفق نهجه، وان يصلح نساء المسلمين، وان يرزقهن الحشمة والستر والعفاف، ويجنبهن مكائد الاعداء، وان يوفقهن لتربية الاجيال وفق ما اراد ربنا سبحانه.
وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.
خالد بن عبدالرحمن الشايع
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved