عزيزتي الجزيرة
تحية عطرة وبعد
طالعت في جريدة الجزيرة العدد 9733 الصادر يوم الاحد 8/2/1420ه بصفحة (عزيزتي الجزيرة) مقالة محمد عيسى الكنعان عن الضرب في المدارس وان ذلك علامة حضارية ووسيلة تربوية.
وكأن الضرب عنصر هام لاغنى عنه وتناسى الوسائل الحديثة في عملية الثواب والعقاب ولعل نزعة التسلط لدى البعض جعلت وظيفة التدريس ميدانا فسيحا لممارسة تلك الهواية وكأن التعليم حلبة مبارزة وهذا غير مقبول ومرفوض من علماء التربية الحديثة, ان الضرب في المدارس وسيلة تربوية ممقوتة لايستخدمها الا الفاشلون اليائسون من عطائهم ونتاجهم,والكاتب كتب رأيه واجتهد على حسب تصوره ومن حسن الطالع ان ينشر في نفس العدد تحقيق صحفي بالصفحة العاشرة جدير بأن يكون أقوى رد على مقالته لقد ابدع المحرر هلال الثبيتي في هذا التحقيق ونقل الواقع المرير الذي تعيشه الطالبة في اغلب مدارسنا، لقد كتب بالخط العريض (مديرة مدرسة ثانوية تصدر حكما بالجلد وتنفذه على احدى الطالبات) فقد تحول بعض المديرين والمديرات الى قضاة كما ذكر ذلك الشيخ احمد السعدي حيث قال (لا يعرف الحدود وشبهاتها الاقاضٍ والظاهرة ذات ابعاد خطيرة) اليست هذه الحال التي وصلنا اليها مؤلمة؟, ان مسألة الضرب ليست وليدة اليوم وليس لقبولها او ردها شبهه فقد اعدت مديرية المعارف نظام المدارس عام 1347ه وفي 13/7/1347ه ناقش ذلك مجلس الشورى الذي رفعه لمقام جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله وصدرت موافقته على هذا النظام برقم 1841 في 9/8/1347ه ومن ضمن مواد النظام الثماني والثمانين المادة رقم 65 التي نصها (استعمال العقاب البدني ممنوع منعا باتا) فليس الأمر وليد الساعة بل مفصول فيه وليس هناك ادنى شك في منعه ولكن العجب العجاب ان ينادي احد بممارسة الضرب اليس معالي وزير المعارف اصدر مثل ذلك واكد منع البتة ايضا فلماذا يفتح الباب لمن فشل في رسالة التعليم ان يمارس على الاطفال والابناء عقابا لا يجوز له ذلك شرعا الا ببينة لدى القاضي فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته, ان هذا التسلط والعنف الذي يواجهه الطلاب والطالبات يجب الا يسكت عنه وانزال اشد العقوبات بكل من تجرأ بالضرب فليست المدارس محاكم تصدر فيها الاحكام وليست مراكز شرطة فكفى هذا التسلط لانه مؤشر على نقص الشخصية فالتعليم رسالة وليس وظيفة ولقد اتفق الفقهاء (على ان الحاكم او من ينيبه هو الذي يقيم الحدود وليس لافراد ان يتولوا هذا العمل من تلقاء انفسهم) فلو ترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب لاصبحت الدنيا فوضى وغير مستقرة.
ان الاسلوب التسلطي يتنافى مع مرتكزات العملية التربوية ويبرهن على اهتزاز شخصية صاحبه, ان مادة منع العقاب لم تقتصر على الضرب فقط بل اكدت على عدم استخدام وسائل اخرى للعقاب كالوقوف خارج الفصل او التوبيخ منفردا او التوبيخ بحضور تلاميذ الفصل او الحرمان من الفسحة او تكليف الطالب بعمل يعمله او الحجز في المدرسة بعد انتهاء الدروس او نقص درجات المواظبة والسلوك او الاقتطاع من الراتب ان كان للطالب راتب او الطرد المؤقت او الفصل من المدرسة ومع ذلك نسي الجميع ذلك رغم التأكيدات والتعاميم التي تكدست لدى الادارات المدرسية, اننا نناشد معالي وزير المعارف ومعالي الرئيس العام لتعليم البنات بعدم ترك الامر يمر بهذه السهولة ونتمنى الاعلان عن كل من تسول له نفسه مخالفة النظام من معلمين ومديرين وغيرهم ووضع العقوبات الرادعة حتى يتحقق الهدف المرجو من العملية التعليمية ونصل بسلام لبر الأمان بعيدين عن العدوانية واستغلال المنصب والله المستعان.
حمد بن عبدالله بن خنين
المحاكم الشرعية بدولة الإمارات