Saturday 19th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 5 ربيع الاول


النفاق شرف لا ندعيه*
د, فهد سعود اليحيا

كل الدول - كما البشر- تمر بفترات رخاء اقتصادي وتمر بأزمات مالية، ولهذا تتعدد النظريات والاجتهادات حول ترشيد الانفاق واعادة جدولة المصاريف والبحث عن مصادر لتمويل المشاريع القائمة وزيادة الضرائب إلى اخره,, وهكذا أيضا فالدول - كما البشر - تختلف في الاجراءات التي تتخذها.
وعلى هذا وبكل بساطة فنحن نمر بأزمة مالية لعدة اسباب لعل اهمها انخفاض سعر البترول, وكان المسؤولون يأملون طبقا لتوقعات الخبراء - ان تتخلص الميزانية من عجزها خلال سنتين ولكن الازمات الاقتصادية التي عصفت بنمور آسيا وبعض من دول العالم والانخفاض المتزايد في اسعار البترول حدت بالخبراء إلى تغيير توقعاتهم إلى خمس سنوات للتخلص من عجز الميزانية.
هذه ليست من الاسرار العليا للدولة، بل كتبت عنها الصحف السعودية وما زالت تكتب، وفي خطاب سمو ولي العهد في قمة مجلس التعاون دعا بوضوح وصراحة الى شد الاحزمة مذكراً بأن الطفرة قد انتهت منذ زمن, ولذلك فإن اي اجراء خارجي مثل الاتفاق على خفض انتاج البترول بين دول أوبيك أو اجراءات داخلية مثل زيادة الرسوم وابتداع رسوم جديدة فإنما تهدف الى محاصرة العجز في الميزانية, ولعل بعض القراء يذكر ان حكومة الملك فيصل - رحمه الله - فرضت ضرائب مؤقتة عندما توقف ضخ البترول في خط التابلاين أواخر الستينيات على ما أذكر.
هذا هو كل ما في الامر بكل بساطة، ولكن ان تخرج صحيفة محلية بتحقيق موسع تقول فيه ان زيادة اسعار البنزين تهدف الى حماية البيئة، وتعليم المواطنين ترشيد الانفاق والقصد في المعيشة، وغيره فذلك امر لا يخرج عن لغو الكلام وتملق ممجوج للحكومة هي ليست بحاجة إليه, بل انه يتجاوز ذلك إلى السخرية من الناس والحكومة معا, فذلك القول يعني ببساطة ان الحكومة لا تهتم بتوعية الناس ضمن خطة معينة ولكنها تفعل ذلك استجابة لأزمات خانقة! ويعني ان عقوداً من التعليم والاستقرار السياسي ومشاريع التنمية لم تؤد إلى نضج الناس وزيادة وعيهم بمعطيات الحياة وإنهم ما زالوا أطفالا سذجاً في عصر الحضارات يعزلهم عنها سياج من التضاريس القاسية فيعيشون في اعماق الصحراء أو في أعالي الجبال.
والحقيقة بدون لف أو دوران وعسف للحقائق الوضع الآن عكس ما حدث في اواخر السبعينيات عندما ارتفعت اسعار البترول وحدثت الطفرة التي ماتزال حلاوتها تحت اللسان: صارت الرسوم السيادية في ادنى مستوى لها وانتعش القطاع الخاص ابتداء من بيع البيبسي بالسطول على الشواطئ إلى شركات تقيم مشاريع بالمليارات، وارتفعت رواتب الموظفين بل كان الموظفون يدعون للتسجيل خارج دوام ويقال لهم سجلوا ولا تحضروا، وجاءت المكرمات الملكية في استلام المرتب الشهري دبل أحيانا.
قد يكون ما جاء في التحقيق المشار إليه من باب رب ضارة نافعة ففي زعمي ان الطفرة ضيعت علومنا فنحن نسيء استخدام الكهرباء والهاتف والمياه ولا نعبأ بالحفاظ على البيئة ومصادر الطاقة, وهذه امور - خصوصا المياه والحفاظ على البيئة - يجب ان تكون في اولوية اهتماماتنا سواء ارتفعت اسعار النفط او انخفضت.
وأخيراً قد يخرج علينا من يقول ان شبكة الهاتف الجوال المهترئة تم جعلها بهذا الشكل قصداً وعن سابق اصرار وتصميم ليتعلم الناس التوفير وعدم الاطالة في الكلام.
* هذا العنوان أستعيره من عنوان لمقالة للكاتب اللامع رضا لاري نُشرت في مجلة اقرأ قبل أكثر من عشر سنوات.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved