Tuesday 22nd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 8 ربيع الاول


د, فهد اليحيا يعقب على د, الفوزان
خلو القائمة تأكيد على الملل والسأم من نظام التعليم

في عدد يوم الثلاثاء 1/3/1420ه من العزيزة الجزيرة كتب الكاتب المتميز الدكتور عبدالله الفوزان مقالة تقطر مرارة نظرا لأن قائمة العشر الأوائل تخلو عادة من السعوديين.
وفي السبت الذي تلاه كتب الأستاذ علي عبدالله القحطاني معقبا ساردا الأسباب التي تفسر أو تبرر مقولة الدكتور الفوزان, وبعضها لا يخلو من أهمية مثل المعدل المطلوب لدخول الجامعة وكلياتها.
ومع احترامي للكاتبين الفاضلين إلا اني اعتقد ان نظرتهما محكومة بالواقع الراهن ولا تتعداه قيد أنملة, ولا ألومهما اذا فقد أي أمل في تغييره، ذلك أني بكل صدق لا اعتقد ان المعدلات العالية- في ظل نظم التعليم ومناهجه الحالية- تدل على نبوغ أو ذكاء أو اجتهاد وانما تدل في المقام الأول على قدرة عالية في الصم والحفظ والتكرار, ولن تميد بي الأرض فرحا لأن اسم ابني ورد ضمن العشرة الأوائل - اللهم إلا من باب المنظرة الاجتماعية- ولن تضيق عليّ الدنيا كالخاتم لأن معدل ابني جاء متوسطا.
الأمر ببساطة ان المناهج التعليمية لا تهتم بزرع الملاحظة والاستقصاء والاستنتاج والبحث وتقوية العقل النقدي، والامتحانات لا تقيس القدرات الذهنية للطالب, ولذلك فخلو قوائم العشرة الأوائل من السعوديين لا تحزنني كثيرا بل تكاد تفرحني لأنها احتجاج صامت على ملل نظام التعليم وسأمه وثقله وبرودته.
ومما يزيد الطين بلة ان هناك هاجسا عصابيا عجيبا لدى شعوب العالم الثالث مفاده ان الدنيا قائمة على الطب والهندسة وما غيرهما هراء, فالضغوط من الوالدين على الطالب ان يحقق معدلا عالميا يتيح له الالتحاق باحدى هاتين الكليتين, ولذلك نرى ظاهرة عجيبة في العالم الثالث هي ان الطبيب ينجب أطباء وطبيبات وتجد عدة اخوة كلهم في الطب, وفي عدد من الدول العربية نجد ان الطب كمهنة ينحدر من الجد الثاني أو الثالث, وهذا العصاب الاجتماعي يجعل الطالب ذا المعدل العالي عرضة لضغوط المجتمع حيث يتطوع الجميع بالمشاركة في عملية التحسيف حرام! جايب 95% ولا تدخل الطب! قال دوك خير، قال ما توسعه مخلاتي! بلاك ما تعرف صالحك!,, الخ.
وهذا يقودنا الى أمرين كلاهما أصعب من الآخر: الأول، اتجاه معظم خريجي التعليم العام الى الجامعات وهذه البوابة الرئيسية للبطالة بنوعيها السافر والمقنع، والآخر، شرط توفر معدل معين لدخول كلية بعينها, وهذا أسلوب عقيم يقوم على الاستسهال فهذه أبسط طريقة للحد من المتقدمين ولكن طفرة النبوغ التي ألمت بطلابنا جعلت أعداد من يحملون معدلات عالية يتضاعف كالخلايا السرطانية وبالتالي بدأ التزاحم على أبواب الكليات الذهبية واشتعلت حروب الواسطات.
ولا أدري على وجه الدقة من أين استوردنا هذا النظام المدهش, ان كان من دول عربية شقيقة فآن لأبي حنيفة أن يمد رجله وآن لأبي لؤي ان يسكت, وان كان من دول متقدمة فنكون قد استوردنا السرج وتركنا الحصان الذي فُصّل له السرج, والشواهد كثيرة لتبين لنا عقم هذا الاسلوب، وأقدم مثالا عاصرته: نجحت في الثانوية بمعدل جيد وقدمت أوراقي لكلية طب جامعة الملك سعود ضمن ستين متقدما منهم الثاني على مستوى المملكة, وبعد امتحان القبول والمقابلة الشخصية ظهرت الكشوفات وكنت أحتل المرتبة الخامسة عشرة على لائحة الانتظار, وبعد شهر تقريبا اتصلت بي الكلية - دون واسطة- لتقول انه تم قبولي ولكني كنت حينها قد عقدت العزم على الدراسة في القاهرة, والشاهد هو زعمي أن معظم من التحق بكلية الطب ذلك العام كان تقديرهم في حدود جيد لأن من تم قبولهم اصلا تراجعوا لسبب أو لآخر وشرعت الكلية بمناداة من هم على قائمة الانتظار وكان قبلي اربعة عشر وبعدي مثلهم.
هؤلاء الذين التحقوا بالكلية ذلك العام هم الأطباء السعوديون العظام الذي نفخر بهم والذين يشكلون جزءا من هيئات التدريس في كليات الطب السعودية!!.
هما أمران - كما أسلفت- صعبان بيد أن صعوبتهما حتما تختفي اذا اتبعنا مبدأ المتنبي الذي يقول على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
د, فهد سعود اليحيا

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق الخرج
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved