Tuesday 22nd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 8 ربيع الاول


هل ولّت أيامه ؟
التفاني,, أنموذج نبحث عنه

درّسني في بداية دراستي بالمرحلة المتوسطة، كان يدرس مادة الرياضيات، منذ ان رأيت هذا الرجل وارى فيه روح النشاط والحيوية والجد والمثابرة، واسلوب تعامله مع الطلاب مثالي واخوي نابع من اخلاص صادق.
فالحق انه يحترمك كطالب علم، يحترم زملاءه المدرسين، يحترم ادارته، يحترم نفسه لذا فهو يجد الاحترام والتقدير من الآخرين، يحافظ علىزمن بدء الحصة الدراسية، يحافظ على كل دقيقة بل كل ثانية من زمن الحصة الدراسية، واصدق القول انه يستغل زمن الحصة الدراسية في شرح الدرس ويخصص بضع دقائق للمرح وترويض نفوس الطلاب ومداعبتهم ومعظمها تتناول رموز وعناصر الدرس.
اذكر في تلك المرحلة اننا لم نعد نسمع بمعاناة الطلاب من مادة الرياضيات في مدرستنا، بل نجد فيها المادة الممتعة والمشوقة، رغم اننا نسمع عن صعوبة مادة الرياضيات في المدارس الاخرى، واذكر ان بعض الطلاب يعانون من صعوبة في مواد الانجليزي والقواعد وغيرها، والمعيدون في الدور الثاني قلما تجد احد منهم مكملا في مادة الرياضيات, لقد كانت جماعة الرياضيات المشرف عليها استاذنا الفاضل في حصة النشاط من اكثر الجماعات طلابا واكثرها حيوية ونشاطا، ونجد ان نشاطها واضح في كل موقع وركن من اركان المدرسة.
استاذنا الفاضل كان يبذل جهده ووقته لفائدة عمله المنصب في مصلحة طلابه حتى وان كلفه جهدا ووقتا مضاعفين، وسوف اضرب مثلا على ذلك حيث ان استاذنا الفاضل ابدى استعداده بأن يعطي دروسا مجانية بعد صلاة العصر مباشرة، مدتها ساعة كاملة، بشرط ان يحضر جميع الطلاب ليشرح لهم مايطلبونه منه، فوافقنا نحن الطلاب وعندما اتحدث عن موافقتي فإنها ليست لان المادة صعبة ولكن مراعاة لظروف زملائي الطلاب اضافة الى ذلك اجد فيها المتعة والتشويق، فدرسنا قرابة الشهر ونتيجة ذلك استطيع ان اقول ان جميع الطلاب قد فهموا المادة فهماً تاماً، وصارت المادة المحببة عندهم.
فهذا مثل صادق من امثلة عديدة جدا لهذا الرجل يدل على اخلاصه وتفانيه من اجل خدمة رسالته دون ان يبحث عن فوائد دنيوية سواء كانت مادة او مديحا واطراء او غير ذلك، بل وضع نصب عينيه تأدية الامانة التي يحملها بكل نشاط وتضحية وكم انا سعيد وفخور بأنني كنت احد طلابه الذين يكرس وقته وجهده من اجلهم.
ومن المعلوم ان المدرس يستطيع أن يربح الكثير من المال من خلال الدروس الخصوصية او دروس التقوية التي يعطيها الطلاب، ولكن اقول لاستاذنا الفاضل انك رجل والرجال قليل.
كذلك في المرحلة الثانوية اذكر ان الطلاب كانوا يطالبون ادارة المدرسة باحضاره ليدرسهم مادة الرياضيات.
استاذنا الفاضل كان اخا وزميلاً وصديقا لجميع الطلاب، ولقد تشرفت بمقابلته اكثر من مرة خلال دراستي بالمرحلة الثانوية، فأذكر انه يسألني عن طلابه بأسمائهم ويدعو لهم بالتوفيق والنجاح دائماً.
وبعد فترة من الزمن سألت عنه فقيل لي انه يحضّر الدراسات العليا في امريكا ففرحت وكم كان يستحق هذا الرجل الشهادات العليا والشهادات التقديرية نظير جهوده المتميزة منذ سنوات عديدة فكم هي قليلة بحقه الآن.
مادعاني لكتابة هذه الخاطرة هو مانلاحظه في هذا الزمن وفي هذه الايام بالذات من تغير الظروف والاحول التي بها تغيرت اساليب مجتمعاتنا وعاداتهم الحميدة، فالآن كل يتعب ويكدح من اجل نفسه فقط، وقليل الذين نجدهم يتفانون من اجل مساعدة الغير او حتى الاخلاص في مجال العمل المناط بهم.
فبينما كنت افكر في حال مجتمعنا اليوم واتصفح شريط الذكريات وجدت شخصية فريدة تحب فعل الخير وتحب الاخلاص في العمل متمثلة في ذلك المدرس فلم اجد نفسي الا وانا اكتب عن هذه الشخصية المتميزة جدا والمتمثلة في شخصية ذلك المربى الفاضل.
فجزاه الله عنا خير الجزاء، وجعل هذه الاعمال في ميزان حسناته.
كريم بن عيادة العنزي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق الخرج
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved