Friday 25th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 11 ربيع الاول


الأهداف والغايات لتعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -
الشيخ/ إبراهيم بن محمد الضبيعي

من الدروس التي يجب ان يهتم بها كل مسلم هذا الموضوع الذي يتناول واجبا في الدفاع عن صواب ما فعله قدوتنا - صلى الله عليه وسلم -.
تتعرض سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من المستشرقين، والمستغربين للنقد، والتجريح وإثارة الشبهة في احكام شريعته، والتشكيك في نبوته - صلى الله عليه وسلم - وقد ركزوا على تعدد زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وحاولوا تدنيس المقاصد العظيمة، والاهداف النبيلة، والحكم، والاسرار المترتبة على تعدد زواجه بأمهات المؤمنين - رضي الله عنهن-.
وقبل ان نشرع بدحض هذه الشبهات يحسن الاطلاع على هذه الحقائق التي تثبت ان تعدد الزوجات ليس من شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فحسب فبدراسة تاريخ التعدد وجدناه معمولاً به منذ بدء التحضر عند اوائل الشعوب، فقد عدد ملوك الطوائف في العالم زوجاتهم، وتابعهم الزعماء والمصلحون اقتداء بالانبياء، والمرسلين، وكان موقف الاسلام من التعدد ان وضع له حداً ينتهي اليه، وجعل له شروطا تضبطه، فعند الحاجة اليه لا بد من الاستطاعة وتحقيق العدل والمساواة، فاذا كان علية القوم قد عددوا زوجاتهم فان محمداً - صلى الله عليه وسلم - ارفعهم شأناً، واعظمهم جاهاً عند الله وهو لم يأت بما يخالف منهج الانبياء والمرسلين:
(قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري مايفعل بي ولا بكم) الأحقاف 9.
واما الدليل على ان التعدد هو مسلك الرسل قبله عليهم الصلاة والسلام قوله تعالى:
(ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية,,,)الرعد 38.
اذاً! فكيف يجرؤ هؤلاء المغرضون؟ وكيف يستجيزون لانفسهم القول بان محمداً - صلى الله عليه وسلم - رجل شهواني ولذا تزوج ثلاث عشرة زوجة، واثاروا الشُبه لزواجه بكل واحدة منهن، وجعلوا الاغراض الشخصية، والاطماع، واشباع الرغبة الجنسية هي الهدف الذي يسعى لاجله من وراء تلك الزيجات، وقد تناسوا أن الله قد عصم الأنبياء عن مثل هذه الافتراءات الكاذبة، وان بشرية محمد - صلى الله عليه وسلم - فوق الشبهات، لانه ابعد الناس عن هذه الادعاءات لسلامة فطرته من نزوات الغرائز والشهوات، مع اعتقادنا بانه بشر، ويحتاج الى ممارسة ما تدعو اليه الفطرة السليمة، ولكنه نبي ومشرع، فالله سبحانه وتعالى قد تولى تربيته واعداده لتحمل اعباء الرسالة فكان اهلا لهذه المسئولية بجهاده، وصبره، ونزاهته، ويكفيه فخراً ان الله اثنى عليه بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم 4، واما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج باكثر من اربع فهي من خواصه، بل تقتضيه مصلحة انتشار الدعوة، ويستدعيه الموقف استقطاباً لوجهاء الناس، وزعماء القبائل، وتأليفا لشتى الطوائف المناوئة.
ولا شك انه تحقق في تعدد زواجه - صلى الله عليه وسلم - من المقاصد الحسنة، والاهداف العظيمة، والمكاسب الفخمة ما يفوق الحصر، ولا تدركه عقولنا، وكلما تقدمت الانسانية في العلوم، والمعرفة اتضح لها من الاسرار، والحكم ما يتحقق من اهداف، ومكاسب للدين، ويشاهد في عصر العلم، والحضارة ان قادة الامم وزعماء الشعوب يحرصون على ارتباطهم بوزرائهم، واعيان البلاد برباط المصاهرة، لما لها من التقريب بين وجهات النظر، فيعملون باخلاص، لتحقيق المصالح المشتركة، وهذا هو احد المقاصد التي سعى اليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن اجل هذا الترابط، وتقوية الاواصر بين ابطال المسلمين تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة بنت ابي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، ولاجل هذا الغرض نفسه زوج من بناته لعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين.
وقد تحقق له ما يهدف اليه من الارتباط بأقوى رجال العرب عن طريق المصاهرة، وهذا كسب عظيم للدعوة.
أهداف سياسية:
وهناك هدف سياسي تحققت فيه العزة، والمنعة للاسلام، والمسلمين، حيث تزوج - صلى الله عليه وسلم- ببنات ابرز خصومه، واشد اعدائه من اليهود، ومشركي العرب، فقد تزوج بصفية بنت حُيي بن اخطب ملك اليهود، وكذا جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق، ولقد كتب الله بزواجه منهن الخير الكثير للاسلام والمسلمين، تقول ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (لا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها من جويرية، لما تزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - اطلق الصحابة من قومها مائة اسير واسلم من قومها اهل مائة بيت) فأصبحوا قوة للاسلام، وايضاً تزوج ام حبيبة رملة بنت ابي سفيان حامل لواء الشرك وقائد الحروب ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لما علم بزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بابنته لم يستطع اخفاء سروره بذلك، وامتدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( هو الفحل لا يُقدع انفه) وخفت عداوته للنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى هداه الله للاسلام.
المغزى التشريعي:
وهناك من المقاصد التشريعية من تعدد زواجه - صلى الله عليه وسلم - ان الله تعالى زوجه بزينب بنت جحش بعد طلاق زيد بن حارثة لها، وكان يدعى زيد بن محمد، وقد هدف النبي - صلى الله عليه وسلم - الى تزويج زيد منها، وهي قرشية الى ابطال شيء من عادات الجاهلية، ومنها التمييز بين الناس، وجعلهم طبقات يتفاضلون عنصرياً، والتعصب لتلك الطبقة على من دونها فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - ان يقرر لهم ان التفاضل لا يكون الا بالعمل الصالح، وانه لا فضل لأبيض على اسود فالكل امام الله سواء: (وكلكم لآدم وآدم من تراب)، ثم ابطل الله عادة التبني في قوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) الاحزاب 5، واباح للمؤمنين الزواج بمطلقات الادعياء حيث كان ممنوعاً في الجاهلية، لاعتقادهم انهم ابناء لهم قال تعالى: (فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم اذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً) الاحزاب 37.
جوانب اجتماعية:
والى جانب تلك الاهداف السياسية النبيلة، والاحكام الشرعية تحققت اهداف اجتماعية عظيمة الفائدة ومنها تكريم الله - سبحانه وتعالى - لامهات المؤمنين حيث شرفهن الله بصحبة افضل الانبياء، واشرف المرسلين فأصبحن زوجاته في حياته، وهن موضع الحب، والتكريم، ومرجع لكبار الصحابة في معرفة الاحكام الشرعية، ومصدر وثائقي من مصادر سيرته الشريفة، وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - اصبحن معلمات يشرحن للمرأة المسلمة امور دينها، ودنياها، ويوضحن لها سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وواجب العشرة الطيبة، وهو تشريع لا يطلع عليه عادة الا النساء، وفي الآخرة يحظين بمنزلة رفيعة من الجنة بجوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد كان لزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهن الفوائد العديدة والجليلة، فلقد كن عونا له في جهاده، وغزواته، فتجدهن يسقين الماء للجند، ويضمدن الجرحى، ويدفعن الرجال الى القتال ضد اعداء الاسلام.
النواحي الإنسانية:
اما النواحي الانسانية فلم تكن بعيدة المغزى في تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث تزوج ببعض الارامل ذوات الاولاد الايتام وهن كبيرات السن، ولا يطمع في الزواج بهن احد، وقد فقدن من يقوم بشؤونهن مثل زينب ام المساكين، وهند ام سلمة.
فأي مغزى كهذا الذي تعددت بسببه زو جات النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وأي فكر بشري في أي زمان يستطيع أن يضع هذه القوانين، والتشريعات السماوية؟ ليأخذ الناس منها الغايات النبيلة، والمقاصد الحسنة، والفوائد الجمة، والحكم البالغة.
إن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن حياة ترف، ونعيم بل كانت حياة جهاد، وتبليغ، ودعوة، ولقد عاش زاهداً في بذخ العيش، ولذائذ الحياة، اذاً فتعدد زوجاته لم يكن حباً في المتعة الجنسية كما يدعي خصوم الاسلام من المستشرقين، والملحدين، وما ينقله عنهم بعض السذج ممن تربوا على ايدي الغرب، ولكن كان تعدداً من اجل اغراض سامية من شأنها رفعة الاسلام وعز المسلمين وللوصول الى غايات تقتضيها مصلحة الدعوة، وقد اكتسبت الدعوة بهذا التعدد مرابح عظيمة، وفاز المسلمون بانتصارات هائلة، ويمكن ان نستشف الحكم العظيمة، ونستجلي المقاصد الجليلة لتعدد زواجه - صلى الله عليه وسلم - مما يلي:
1- تعدد زوجاته تكليف وليس رغبة:
النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج هذا العدد من تلقاء نفسه، او اشباعاً لرغبته الجنسية، ولكنه تزوج بتوجيه من الله عز وجل, اذاً فمحمد - صلى الله عليه وسلم - بزواجه هذا منفذ لاوامر الله، وليس له دخل في معرفة الحكم، والاسرار المترتبة على هذه الزيجات بل ان الله - تبارك وتعالى - قد تولى تزويجه بهن، وتربيتهن له، وتوجيههن لادب المعاشرة مع المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وكذا طلاقهن بيد الله وليس اليه، فهو لم يطلق واحدة من زوجاته اللاتي دخل بهن وهن احدى عشرة زوجة، ولما رأين الغنائم، والفيء ، والصدقات يوزعها النبي - صلى الله عليه وسلم - على المجاهدين، وفقراء المسلمين، والمؤلفة قلوبهم دون ان يقتطع منها شيئاً لنفسه، ويدخله على زوجاته، عظم ذلك عليهن لمسيس الحاجة.
فاجتمعن، وتشاورن في تكليم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضوع لعله يرفع من مستوى معيشتهن فعاتبهن الله في ذلك بقوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) الاحزاب 28-29.
ومما يدل على ان الله تعالى هو الذي يزوج محمداً - صلى الله عليه وسلم - من شاء ، ويطلق ان شاء قوله تعالى مخاطباً إياهن:
(عسى ربه إن طلقكن أن يُبدله أزواجاً خيراً منكن) التحريم 5.
وقد جاء الامر بزواجه ببعضهن صريحاً في نص القرآن كما قال تعالى في حق زينب بنت جحش: (فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها) ونزل في حق ميمونة بنت الحارث قوله تعالى: (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكي لا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيماً) الأحزاب 50.
ولما بلغ الامر منتهاه واقتضت حكمة الله ان يقف محمد - صلى الله عليه وسلم - عند هذا الحد الذي اراده الله له، نهاه الله عن الزيادة بأن يتزوج أخرى أو يطلق واحدة ممن في عصمته، وهذا ما نجده في قوله تعالى: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن) الأحزاب 52.
2- لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد التمتع لتزوج البنات الابكار خاصة ان اهل كل بيت في المدينة يتمنون لو تزوج منهم بنتاً.
3- ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج هذا العدد الا بعد شيخوخته، وابان جهاده، ودعوته الى الله.
4- ان كل زوجاته ثيبات بل اكثرهن عجائز، وانه لم يتزوج بكراً غير عائشة - رضي الله عنها-.
5- محبتهن للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشدة تعلقهن به بالرغم من شظف العيش، والتقشف، ورغبتهن فيما اعد الله لمن خدم حبيبه - صلى الله عليه وسلم - وقد خيرهن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الرضا بحياة الزهد، وبين الفراق والحياة الرغيدة فاجمعن كلهن على اختيار الله، ورسوله، والزهد في الدنيا قال تعالى:
( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) الأحزاب 28-29.
6- تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - اثبت معجزة، وأوضح دليلا على صدق نبوته حيث لم تتفوه واحدة منهن بما يخالف ما لدى الاخريات، ولم ينقل عن واحدة منهن ما يناقض سره لعلانيته - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يمكن ان يحصل هذا الاتفاق لاي زعيم لديه مثل هذا العدد من النساء مهما اوتي من الحصافة والفطنة، والاستقامة.
7- كثرة بيوته - صلى الله عليه وسلم - اصبحت بعد وفاته منابر علم، ومنارات هدى، ومصدراً ثبتاً للسيرة النبوية الشريفة.
8- ومن المقاصد العظيمة التي تجلت بها الحكمة من زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا العدد الشفقة، والحنو على بعضهن، وايواؤهن، لفقرهن بعد استشهاد ازواجهن من المهاجرين، ولحاجتهن الى من يحوطهن بالرعاية، وخوفاً من ان يتسلط الوثنيون على بعضهن بعد ارتداد ازواجهن عن الاسلام في ديار الغربة كما حصل لرملة بنت ابي سفيان - رضي الله عنهما-.
9- تقوية الروابط بينه وبين كبار اصحابه -رضي الله عنهم - ولا يخفى ما للمصاهرة من زعماء الشعوب، ورؤساء القبائل والابطال من الفوائد العظيمة كاخماد الحروب فيما بينهم والقضاء على اسباب النزاع، وتأليفهم ليعملوا تحت مظلة الاسلام بعد ان كانوا يتقاتلون فيما بينهم.
10- وبقي ان نعرف كيف تم زواجه بكل واحدة منهن، فمن الملاحظ هنا انه - صلى الله عليه وسلم - لم يتقدم لخطبة واحدة منهن بدافع الشهوة، وتحقيق الرغبة الجنسية، فخديجة - رضي الله عنها - هي التي ارسلت من يخطبه لها، ويعزم عليه بالزواج منها، وبعضهن وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما ورد ذلك بنص القرآن، وبعضهن أهديت إليه - صلى الله عليه وسلم-، وبعضهن تزوجهن انقاذاً لهن من الرق بعد ان وقعن في الاسر بسبب الحروب كصفية وجويرية - رضي الله عنهما - وبعضهن لم يكن لهن خيار في الزواج منه - صلى الله عليه وسلم - حيث تم ذلك بأمر الله لتشريع حكم، وابطال عادات جاهلية، وبقية زوجاته تحمل هو اعباء الزواج بهن، لمقاصد عظيمة ودوافع نبيلة وعمل انساني رائع، فقد تزوج بعضهن حماية من اغرائهن للرجوع الى الشرك، وبعضهن لايوائهن واولادهن بعد ان استشهد ازواجهن، وهن مهاجرات ولاسيما ان بعضهن تربطه بهن رابطة القرابة.
وبهذا نعلم ان دور الحب، والشهوة في تعدد زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ضعيف وانه شيء ثانوي.
11- وبعد ان عرفنا الدوافع، والاهداف، والنتائج لتعدد زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وانه لم يتم بدافع الشهوة، والاستمتاع، ولكن للحكم العظيمة، والاحكام الشرعية، والاسرار التي تقصر عقولنا عن إدراك الكثير من غاياتها النبيلة، والمصالح الجمة التي خدمت انتشار الاسلام، وعززت بناء المجتمع، وشدت الروابط الاسرية، والاخوية فيما بينهم ولما انتهى الغرض الذي شرعه الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بأن يتزوج هذا العدد من الزوجات، ولما ادى التشريع دوره، واقتضت حكمة الله ان يقف عند هذا الحد امره الله ان يمسك على ما في عصمته من امهات المؤمنين، وألا يزيد عليهن كما لا يجوز له ما اباحه الله لامته من الاستبدال اذا بلغوا اربعاً، وهو طلاق بعضهن، والتزوج بدلهن بأخريات وهذا مما يزيد الامر وضوحاً، ويؤكد الارادة الربانية، وان محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما هو الا منفذ لما تقتضيه الحكمة الالهية، وليس ادل على ذلك من قوله تعالى: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيباً) الأحزاب 52.
فيا لجلال العظمة ويا لسمو الاخلاق، والاهداف النبيلة، وبعد: فان هذه الباقة من الثمار اليانعة ما هي الا بعض النتائج العظيمة، والفوائد المجناة، والارباح المكتسبة من تعدد زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وما هي الا قطرة من بحر، هذا بالاضافة الى كون التعدد بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً تعبدياً، وتشريعا ربانيا، وخاصية من خواص المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ومعناه انه يجب الايمان والتسليم بما اكرم الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - وما اجرى على يده من الآيات والبراهين التي تشهد بصدق نبوته، وانه محوط بعناية الله وتأييده.
وبعد ان عرفنا ما كسبه المسلمون من تعدد زواجه - صلى الله عليه وسلم - وما جلبه من خير وبركة وما صاحبه من عدل وانصاف وما تحقق من مصالح عادت على المسلمين بالعز، والتمكين وبعد ان اتضح الحق كوضوح الشمس فإن مثل هذه الافتراءات المقصودة مهما تعددت ومهما تفنن المستشرقون في افتراض النظريات الدنيوية فهي لن تستطيع ان تدنس العقيدة السمحة، وستظل السنة هي المورد العذب الذي يروي ظمأ المؤمنين ولسنا في هذا الصدد اردنا ان نرد على هؤلاء الحاقدين، او ان نكون ندا لهم، او ان يكونوا ندا لنا فلا يوجد الداعي للتحدي، وليس هناك اي مقارنة بين المؤمنين وغير المؤمنين، ولسنا بحاجة الى دليل اثبات ضد دعواهم الباطلة، لان الله سبحانه وتعالى اصدق القائلين في كتابه العزيز: (ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) الكهف 5، ولكن أردنا في هذا الصدد ان نلفت نظر شبابنا الى خطر افكار هؤلاء المغرضين، ونبين لهم اهدافهم المسمومة وما يكنون في قلوبهم ضد الاسلام وضد نبيهم، لان الجهل بسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والسكوت على ما يثار حولها من شبهات ربما يؤدي الى فساد العقيدة، ولا حول ولا قوة الا بالله.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved