Friday 25th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 11 ربيع الاول


رياض الفكر
وجه أم وجهان؟
سلمان بن محمد العُمري

للانسان طباع مختلفة، منها الحلو، ومنها المر، ومنها الذي يساهم برقي الانسان، ومنها الذي يجعله في الحضيض، وكلما اقترب الانسان من الفطرة التي جبله الله سبحانه عليها كان اقرب من انسانيته وحضارته وجماله الذي اراده الله له.
وقد يتعود بعض البشر على عادة الكذب والمراوغة منذ صغره عليها، وتنمو عنده كنبتة خبيثة بمرور الايام، واخطر ما يكون الكذب عندما يؤذي البشر، والكذب كله حرام، وبعض الناس يستمرئونه حتى يصبح جزءاً من انفسهم، ويكبر اعتمادهم عليه في حال حقق لهم بعض المصالح الزائلة، وهكذا تجدهم يقولون باطلاً هنا، ويمدحون هذا كذباً، ويذمون ذلك افتراء، في وجودك انت عسل، وفي غيابك أنت اسوأ من عرفوا، يمدحونك ان ارادوا منفعة، وان لم يحصل ذلك فانت القبيح في نظرهم، يجلسون في مجلس فيتخذون مواقف قد يظنها البعض رائعة، وبعد سويعات - وفي مجلس آخر - يتخذون مواقف على النقيض من تلك، إنهم المذبذبون لا يرسون على بر، ولا يعرفون غير المصلحة الضيقة والانانية والانتهازية، هم ذوو الوجهين، لا بل ذوو الوجوه المتعددة التي تتلون كالحرباء باختلاف الظروف والوقائع.
ان ذلك قد ينطبق على فرد، وقد ينطبق على منظمة، وقد ينطبق على دولة، ويتلو ذلك اخطار تتزايد باستمرار حسب حجم من يقوم بهذه التصرفات.
حقيقة: هذا ما ينطبق عليه وصف النفاق الذي يبغضه الله تعالى، ويتوعد اهله باشد العذاب يوم القيامة.
ان واجبنا تجاه انفسنا وتجاه ابنائنا وتجاه الآخرين كبير، فعلينا ان نطهر انفسنا وقلوبنا من ادنى درجات النفاق - والعياذ بالله - لو كانت عندنا - لا سمح الله - لتكون صفحات بيضاء ناصعة، يأمن الجميع وجودنا، يحبنا كل بني البشر، ونسمو، ونرتقي بسلام.
ان النقاء وامتلاك الانسان لوجه وحيد نظيف ظاهراً وباطنا هما من اروع المميزات التي تزيد الانسان جمالاً وبهاء، وتجعله محط احترام الجميع.
لقد وصلت تلك الحالة البغيضة التي ذكرنا الى حد قيام بعض البشر باعتناق معتقدات باطلة وزائفة وإخفائها في صدورهم، والتظاهر امام الآخرين بالمحبة والوفاء والنزاهة، وهم عكس ما يظنون، وهذه هي المذاهب الباطنة التي انكشفت حقيقتها امام البشر، وعرف الجميع مقاصدها، وغايتها غير النبيلة.
ان من هذه الحالات ما يقوم به البعض، وهو في ظاهره خدمة لبلادهم، يتظاهرون باشياء واعمال تعاكس ما ينوون القيام به، ويخدعون العديد من الناس، ولكنهم في الحقيقة ربما يخدمون هدفاً محدداً، لقد وصل الامر ببعضهم ان يكون متعدد الاتجاهات، ويضع نفسه في خدمة جهات متناقضة، وربما متعادية، ويجود عليه الناس من اموالهم مما يجهله بنو أصله وجذوره.
اننا - والحمد لله - نعيش في ظل الاسلام، ذلك الدين الحنيف الذي ارتضاه ربنا سبحانه لنا لنكون خير امة اخرجت للناس تبشر بخير الاخلاق، واروع المثل الحضارية والانسانية، اننا بهذا الدين العظيم لا نعيش الازدواجية التي يحياها غيرنا، اننا بوجه ناصع واحد، يرانا الجميع به لا نخفي كيداً، ولا نبطن شراً، اننا نسعى لخير البشرية كلها، ومنها انفسنا، وذلك بوسائل الشرع الخيرة، والله نسأل ان يحفظنا، ويحفظكم على الفطرة السليمة، والمنهج القويم الذي يحفظ سعادة الانسان - باذن الله-.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved