Friday 25th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 11 ربيع الاول


أوراق من الأمس
عوض بن صويلح المالكي يقلب أوراق 125 عاماً من الذكريات
عشت فترة ما قبل حكم الملك عبد العزيز وكنا في خوف وجوع واقتتال
الحياة اختلفت الآن,,, وما بين الجيلين من تباين كبير ومتشعب

لقاء : عبد الله بن زاحم
ان مما يلفت النظر في فرعة بني حرب الواقعة الى الجنوب من محافظة الطائف هي ظاهرة المعمرين حيث لا يوجد رجال تجاوزت اعمارهم المائة والعشرين عاماً ولا يزالون بصحة جيدة ويمارسون حياتهم بصورة طبيعية ضيفنا اليوم هو واحد من هؤلاء المعمرين عاصر ما قبل حكم الملك عبد العزيز ومازال يعيش حياته في ربى قريته الجميلة المطلة على ساحل تهامة يستمتع بالحاضر ويتذكر الماضي ويسعد برؤية ابنائه واحفاده يملأون عليه الحياة بهجة وسعادة وللوقوف على حياته وذكرياته الماضية زرناه في منزله وكان لنا معه اللقاء التالي:
- بداية نريدك ان تعطينا البطاقة الشخصية:
- الاسم عوض بن صويلح بن سالم المالكي من سكان قرية فرعة بني حرب متزوج ولي عدد من الابناء والبنات ولله الحمد ابلغ من العمر 125 عاماً
- قريتك فرعة بني حرب هل هناك سبب لهذه التسمية؟
- على حد علمي ليس هناك سبب لهذه التسمية ولكن من المتعارف عليه بيننا ان المناطق المرتفعة على قمم الجبال تسمى فرعة فسكنا هذه الفرعة المرتفعة عن سطح البحر فأصبحنا نعرف بسكان الفرعة
ما بين الفترتين
- بما انك عاصرت الفترة السابقة لحكم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه فهل تستطيع ان تصف لنا بعضاً من ملامح تلك الفترة؟
- نعم ان من ابرز ملامح الفترة التي اعقبت سقوط الدولة السعودية الثانية وقبل حكم الملك عبد العزيز يرحمه الله هي التفكك السياسي والاضطراب الاقليمي وكثرة الحروب والفتن وانهيار جميع القيم والمبادئ فلم يكن في تلك الفترة قوة سياسية تستطيع ضبط الامور وتحقيق الامن واقامة شعائر الدين فعشنا مرارة تلك الفترة بجميع اضطراباتها السياسية والامنية غير ان الامل كان يحدونا دائماً في انفراج يزيل الغمة ويعيد لهذه البلاد استقرارها وبدأت تباشير هذا الانفراج تلوح في الافق حينما سمعنا بعودة الملك عبد العزيز يرحمه الله الى عاصمة ملكه ونجاحه في استعادتها وبدأنا نتطلع إلى وصوله الينا بفارغ الصبر.
كنا نعرفه
* هل كنتم تعرفون شيئاً عن الملك عبد العزيز طيب الله ثراه؟
- نعم فالملك عبدالعزيز يرحمه الله سليل اسرة حكم افرادها معظم انحاء الجزيرة العربية واشتهروا بتطبيق شعائر الدين الحنيف على جميع أمور دولتهم وكانت في الحقيقة لدينا قناعة تامة أنه لا يمكن ضبط الامور وتحقيق الامن واقامة شعائر الدين في هذه البلاد الا بقيادة احد افراد اسرة آل سعود وذلك لوجود استجابة حقيقية ورغبة اكيدة لدى الناس في حكم آل سعود فعدلهم وشريعتهم وتطبيقهم لاحكام الدين على جميع امور دولتهم جعل الناس يتطلعون الى حكمهم لذا فقد فرحنا بعودة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه الى الرياض ونجاحه في استعادتها وحينما انطلق الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في مسيرته التوحيدية لهذه البلاد كانت عيوننا ترقب وصوله الينا والالسن تلهج له بصادق الدعاء بأن ينصره الله عل اعدائه فنجح الملك عبد العزيز ولله الحمد في هذه المسيرة التوحيدية واستطاع ان يقيم دولة دستورها كتاب الله وسنة رسوله وشمل خيرها مواطنيها وجميع المسلمين في أقصى الارض وادناها.
تمنيت مقابلته
ولقد كنت اتمنى مقابلة الملك عبد العزيز يرحمه الله لما كنت اسمعه عن هذا الملك العظيم وعن آبائه وأجداده الاوائل من آل سعود من والدي وافراد قبيلتي حينما يرد ذكرهم في مجالسنا حيث كانوا يطرونهم ويطرون امجادهم بفيض من جميل الصفات وحينما وصل الملك عبد العزيز الى الحجاز تدافع الناس للسلام عليه ومبايعته والانضمام تحت لوائه فكثرت اعداد الناس فعمدت كل قبيلة الى اختيار شيخها ومجموعة من وجهائها وكبار السن فيها للسلام على الملك عبد العزيز ومبايعته باسم جميع افراد القبيلة فلم تتح لي الفرصة بسبب ان في القبيلة في ذلك الحين من هو اكبر سناً مني ولكنني حريص على رؤية الملك عبد العزيز طيب الله ثراه عن كثب فأتيحت لي الفرصة ورأيت الملك عبد العزيز عن قرب في حفل كبير في مدينة الطائف في ذلك الوقت.
الحياة اختلفت
كيف كانت الحياة بصفة عامة في الماضي؟ وكيف تراها اليوم؟
- الحياة في الماضي كانت صعبة وقاسية ولم تكن بها ادنى درجات الرفاهية التي تتميز بها الحياة في وقتنا الحاضر فلم تكن وسائل النقل معروفة ولم تكن الوسائل الاخرى المعينة على المهن الاقتصادية معروفة فكانت الدواب المختلفة هي المعين بعد الله للناس في تنقلهم وفي انشطتهم الاقتصادية المختلفة اما اليوم فالحياة تختلف اختلافا كليا عن حياة الماضي فالرفاهية والعيش الرغد هما ابرز مميزات حياتنا المعاصرة في هذه البلاد ولله الحمد فقد سخرت الدولة -ايدها الله- جميع الوسائل والتقنيات المعينة للمواطن في هذه البلاد لكي ينعم بحياة هانئة مطمئنة ورغدة
بين جيلين
ما هو الفرق بين جيل الماضي وجيل الحاضر؟
- الحقيقة ان افرازات الحياة المعاصرة قد انعكست على جيل الوقت الحاضر فساءت النوايا بين بعض الناس وتهالكوا على الحياة المادية فانتشرت بينهم قطيعة الارحام والتباغض وهذا كله عكس جيل الماضي تماماً فرغم قساوة الحياة في الماضي الا انها كانت مليئة بالسعادة الحقيقية التي كنا نشعر ونحس بها في جميع تصرفاتنا ونراها متجسدة في تعامل الناس بعضهم ببعض فلا كبرياء ولا قطيعة ولا تباغض فالجميع اسرة واحدة يتقاسمون لقمة العيش بروح طيبة ومشاعر مترابطة بوشائج من المحبة والمودة التي يفتقر اليها جيل اليوم.
* هل تعرفنا بأنشطتكم الاقتصادية التي كنتم تمارسونها في الماضي؟
- كنا في الماضي نمارس العديد من الانشطة الاقتصادية تأتي الزراعة في مقدمتها حيث نزرع مانملكة من اراض ونبحث في المناطق المجاورة عن اراض زراعية اخرى ناخذها من اصحابها بنسبة من الانتاج كذلك نمارس حرفة الرعي وبعض الصناعات اليدوية الخفيفة ومنا من كان يعمل في التجارة كتجارة المواشي والحبوب والاقمشة ولكنهم كانوا قلائل في ذلك الحين.
اشهر المنتجات
* الزراعة تحتل مركز الصدارة في انشطتكم الاقتصادية فما هي اشهر منتوجاتكم الزراعية؟
- الانتاج الزراعي في الماضي يختلف الى حد ما عن الانتاج الزراعي في عصرنا الحاضر فاليوم كثير من المنتوجات الزراعية التي كنا نزرعها في الماضي اختفت من الاسواق ولم تعد موجودة الا بصورة نادرة وقد تكون موجودة لدى بعض الاشخاص فمن هذه المنتوجات القديمة نوع من الحبوب يعرف باسم حب الحاج وحب السيال وحب البسيسة والذرة الصفراء وهي غير الذرة البيضاء الموجودة في الاسواق حالياً اضافة الى الفواكة مثل العنب والرمان والتين والتي لا زالت تزرع الي اليوم في مزارعنا.
التطور
* ما هي التطورات التي شهدتها الزراعة في وقتنا الحاضر؟
- لقد شهدت الزراعة في وقتنا الراهن تطورا كبيراً في كمية الانتاج وهذا بسبب دعم الدولة -ايدها الله- للمزارعين وتوفير جميع الوسائل والتقنيات الحديثة التي ساعدت المزارعين على استصلاح الاراضي فاتسعت مساحة الرقعة الزراعية وكثر الانتاج الزراعي وجميع هذه الوسائل والتقنيات تمنحها الدولة للمواطن بقروض ميسرة عبر صناديق التنمية الزراعية مما يخفف عن المزارع عبء الالتزامات المالية المرهقة.
كان سهلاً ميسوراً
* ماذا عن الزواج في الماضي؟ وكم كانت تكاليف المهر؟
- الزواج في الماضي كان سهلاً وميسوراً للراغبين فيه وكذلك المهر فقد كانت تكاليف زهيدة جداً فلم تكن تعقيدات العصر الحاضر معروفة لدينا في الماضي فقد تزوجت بزوجتي الاولى بمبلغ 40 ريالاً عربي في ذلك الحين وتزوجت بالأخرى بعدها بفترة من الزمن بمبلغ مائتي ريال عربي ولم تكن لدينا في الماضي اشتراطات نشترطها على طالب الزواج كما يحدث الان لدى العديد من الاسر التي تضع قائمة من الشروط التي لو تفحصتها لوجدتها امورا شكلية لا جدوى منها سوى ارهاق الزوج بتكاليف مالية تضاف الى تكاليف المهر وهذا بسبب اعتقادهم ان هذه الطلبات وهذه التكاليف سوف تزيد قمية بنتهم وهي في الحقيقة عائق وعقبة في طريق الزواج كما ان مراسيم الزواج في الماضي كانت اقل تكلفة من الوقت الحاضر.
ندرة المعلمين
* ماذا عن التعليم؟
- لم يكن التعليم معروفا بيننا قبل حكم الملك عبد العزيز يرحمه الله وحينما حكم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه انتشر التعليم بيننا ولكنه كان محدودا بسبب قلة المعلمين وعدم توفرهم ولكننا حظينا بنصيب طيب في ذلك الحين من التعليم على ايدي عدد من الشيوخ كانوا يعرفون بالفقهاء وكانت اماكن التعليم في ذلك الحين هي الكتاتيب غير ان الملاحظ على التعليم انه قد خطى خطوات حثيثة نحو التقدم والرقي منذ عهد الملك عبد العزيز رحمه الله الى ان وصل الى ما هو عليه اليوم.
نعمة الأمن والرخاء
* ما هي الكلمة الاخيرة التي تود قولها في نهاية هذا اللقاء؟
- الكلمة التي اود ان اختتم بها هذا اللقاء هي كلمة شكر لله تعالى على ما أنعم به علينا من نعمة الاسلام والامن والرخاء والاستقرار في هذه البلاد فلله الحمد والشكر والثناء كما انني اتوجه بوافر الشكر والامتنان لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني وحكومتهم الرشيدة عل ما يبذلونه من جهد واهتمام بهذه البلاد واهلها حتى اصبحت بلادنا المملكة العربية السعودية مضرب المثل ولله الحمد في الامن والرخاء ورغد العيش فنسأل الله تعالى ان يطيل في عمر مولاي خادم الحرمين الشريفين وان يمده بنصره وتوفيقه وان يحفظ لهذه البلاد امنها واستقرارها كما انني اشكر لجريدة الجزيرة هذه الاستضافة الكريمة وآمل ألا اكون ضيفاً ثقيلاً على قرائها الكرام.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved