الأمن العام في المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزأ من تلك الملحمة العظيمة التي تحكي قصة هذا الكيان منذ ان بدأ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل بوضع حجر الاساس له من قرية صغيرة في نجد قبل مائة عام خلت - هذه القرية- التي تغلق أبوابها عند حلول الظلام هي المدينة التي يعيش فيها الآن أكثر من ثلاثة ملايين واربعمائة ألف نسمة, فمدينة الرياض نمت بتواتر غير خاضع للأرقام والرسوم البيانية المتصلة, وليست مدينة الرياض وحدها تلك التي فاقت الزمن في التطور، وإنما هي في مسار متصل يضم سائر مدن المملكة وقراها.
الأمن في المملكة - قصة ذات فصول مثيرة، فالدولة هي الأمن والأمن هو معنى وجود الدولة.
لقد تعددت سبل تأمين الحياة للانسان استكمالا لتحقيق رفاهيته في المملكة وتأهيله للإبداع والانتاج والابتكار، إلا ان هذه الأساليب تحتاج الى مراجعة وتحديث، فالأمن قبل خمسين عاما خلت ليس هو ذلك الأمن المنتظر بعد عام 2000م.
مع تباشير كل صباح يتجه كل مواطن الى عمله على أمل ان يباشر نشاطه في الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم ثم تأتي المفاجأة، فإذا بأكثر من ساعة كاملة تراق على أرصفة الطرق ليصل الانسان الى ورشة العمل بعد ساعة من الوقت المحدد,, ولم يعد هناك ساعة ذروة، وهي الساعة التي تضاف إليها الاخطاء والزلاّت، من تأخر الانسان عن منزله أو عن عمله,, فقد أصبحت كل الساعات ساعات ذروة، واصبح التأخر القسري عن أداء الواجب وضعاً مألوفاً لدى العاملين, كما ان معنى الالتزام بالوقت في تحديد المواعيد بات من الصعوبة بحيث لا يمكن تحديده إلا بشق الأنفس, ولذا يلجأ الانسان الى وضع مساحة زمنية تعفيه من الحرج بحيث يضع 30 دقيقة على حساب الاخطاء وكل هذه الدقائق والساعات يتم احتسابها من المخزون العام للوقت، فنحن الآن نخسر الكثير في حياتنا, ولعلّ أكثرها ألماً خسارة الوقت وفقدان الزمن.
الطرق الداخلية في مدينة الرياض والشوارع الرئيسية، تم تخطيطها وتشييدها وفق خطة قصيرة الأجل لم تأخذ في اعتبارها تمدد المدينة الأفقي وازدياد معدلات النمو السكاني, كما لم تأخذ في الاعتبار تطور مكونات الحضارة في اضافة وسائل مواصلات اخرى الى جانب السيارات.
واذا كانت الجهات المعنية بالتخطيط لم تكن مستوعبة لتطورات المستقبل، فهذا لا يعني الايمان والتسليم بسوء الطالع والنظر الى المستقبل بعيدا عن التفاؤل والمقدرة على تجاوز الصعوبات التي بدأت تواجهنا منذ سنوات.
أمن اللحظة هو ما يسعى المجتمع الى خلقه- بل لابد من تحقيقه وبأقصى سرعة ممكنة، حتى نحاسب أنفسنا ونستفيد من كل لحظة في حياتنا للإعمار والبناء والابتكار والانتاج.
عندما يشتري المواطن أو المواطنة سيارته الخاصة وعندما تشتري الشركة أوالمؤسسة أو التاجر سياراتهم المخصصة للعمل والنقل، فيجب ان يرافقها بطاقة التأمين الكامل بحيث لا تتحول أية احتكاكات بين سيارة وأكثر الى حواجز تقتل الوقت وتعطل الحركة - التأمين في البداية من الضرورات الحتمية لبناء حياة آمنة داخل الطريق والشارع والممر ليصل الانسان الى عمله في الوقت المحدد- ويحدد التزامه بقداسة المحافظة على الوقت واحترام كل لحظة من ممتلكاته في مخزون الزمن, وبتحقيق هذه الغاية سوف نشعر بنشاط قوي ومقدرة على الامتداد تؤهلنا لخلق مبتكرات جديدة لنقلة أكثر عمقاً لتقدير معنى أمن اللحظة وتطوير المفاهيم المؤدية الى تحويله درساً من دروس الحضارة الملزمة.
ان حب الانسان للوقت أكثر بكثير من حبه للمال ومتع الحياة الأخرى, فحب المال والرفاه الاجتماعي يتم التمتع بكل منهما بلحظات من مخزون الزمن, ومن هنا تأتي إلزامية المحافظة على الوقت لكل شرائح المجتمع الغني منها والمحدود الدخل والفقير على حد سواء,, فالغني يريد ان يستمتع بالحياة أكثر,, ومحدود الدخل يريد ان يزيد من مساحته ونشاطاته، والفقير يريد ان يحسِّن من اوضاعه لمغادرة مرتبة الفقر الى مرتبة أعلى.
أجهزة الأمن مطالبة الآن بتحقيق أمن اللحظة، وهي درجة من درجات سلَّم الحضارة ونقطة بداية للتحرك للاستيلاء على موقع من مواقع الصدارة بين الأمم.
عند تحقيق أمن اللحظة سوف تمتلىء المحفظة بالدقائق والساعات, وعندئذٍ يمكن صرفها في حقول جديدة لم تكن مدرجة في جدول الحياة اليومي، بل كانت مرجأة الى حين.
هل تستطيع أجهزة الأمن تحقيق أمن اللحظة للمواطن- وهل يمكن لوزارة الداخلية ان تسخر أجهزتها الادارية الأخرى لمساندة هذا المطلب والعمل على تحقيقه بتقديم الدعم لأجهزة الأمن المحلي؟,, أستطيع القول إن وزارة الداخلية ممثلة بشخص صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز، قادرة على ان تحقق الكثير والكثير، بابتكار الأساليب والسبل الموصلة الى تطوير مفهوم الأمن ليصل الى معناه ومحتواه الحضاري والعلمي؟
|