وزارة للخدمة المدنية ولم تشرق من الغرب !! د, عبدالله ناصر الفوزان |
 قد تظل تنظر للغرب وتترقب شروق الشمس اعتقاداً منك ان اتجاهك هو الشرق، ثم تفاجأ بشروق الشمس من خلفك، أي من الاتجاه المعاكس، فتكتشف أنك كنت تبحث في واد والحقيقة في واد آخر، وهذا ما حدث لي بالنسبة لوزارة الخدمة المدنية التي تم استحداثها مع التشكيل الجديد لمجلس الوزراء، فقد كان لدي انطباع ان مسؤولية ديوان الخدمة المدنية ليست فقط متوقفة عن النمو منذ سنوات عديدة، بل تتناقص بالتدريج، وبشكل حثيث، فإحداثات الوظائف الجديدة تقلصت منذ سنوات عدة بسبب تشبع الجهاز الحكومي بالموظفين والحالة الاقتصادية، والديوان نفسه قام بسلسلة من تفويض صلاحياته للجهات الحكومية ابتدأها بإعطاء الجهات صلاحية التعاقد من الخارج على الوظائف الشاغرة التي يتعذر شغلها بمواطنين بعد أن كان يقوم بهذه المهمة بنفسه عن طريق لجان تعاقد يشكلها هو ويشرف على أعمالها، ثم أعطى للجهات أيضا صلاحية الإعلان عن وظائفها الشاغرة (من المرتبة الخامسة فما دون) لشغلها بالمواطنين وإجراء المسابقات وإكمال إجراءات التوظيف بعد أن كان يقوم بذلك هو بنفسه أيضا، وأوجد نوعاً من المرونة بالنسبة لأمور أخرى خففت بالتأكيد من حجم الجهود التي يقوم بها.
وبسبب انطباعي هذا، وبحكم الوضع الاقتصادي الذي نمر به منذ عدة سنوات والذي وصل إلى ذروة جديدة في بداية العام المالي الحالي فقد كنت أتوقع تقليص الإمكانات الموفرة للديوان بما يتناسب مع تناقص الجهود التي يقوم بها بحيث يتم الاستفادة من الوفر الذي سينتج من ذلك في تقليص عجز الميزانية، أو على الأقل يضاف ذلك الوفر لإمكانات الجهة المسؤولة عن سعودة القطاع الخاص، وبالتالي كنت أتوقع تعديلاً تنظيمياً يتعلق بالديوان وبغيره من بعض الجهات التي تقلصت أو زادت أنشطتها، وفي ظل هذا الاعتقاد الراسخ لدي، وبينما كنت أتطلع للأفق منتظراً شروق الشمس فوجئت بها تخرج من الاتجاه المعاكس لتطلعي لأكتشف خطأ اعتقادي ولأدرك أن هناك حقائق كانت غائبة عني.
المسألة الآن واضحة بالنسبة لي ولغيري فيما أعتقد، فهناك بالتأكيد مبررات كافية دعت لرفع مستوى الجهة المسؤولة عن الربط بين وزارات الخدمة المدنية من ديوان عام إلى وزارة، ولكن هذه الدواعي غير معروفة على ما أظن لقطاع عريض من المواطنين حتى الآن بدلالة أن التساؤل عن تلك الدواعي طُرح بعد التشكيل الجديد ولا يزال مطروحاً في بعض أحاديث المجالس، وهناك تخمينات من ضمنها مثلاً أن الغرض رفع المستوى لتكون تلك الجهة في موقف قوي وهي تتابع تنشيط برنامج سعودة الوظائف الحكومية، ولكن فيما عدا الوظائف الصحية والوظائف التعليمية هل بقي من الوظائف الحكومية المشغولة بغير المواطنين ما يبرر مثل هذا التحول,,؟؟
إن وزارة الخدمة المدنية وهي تبدأ ممارسة دورها الجديد وتسعى لتحقيق الهدف الذي من أجله أوجدت لا بد أنها تتطلع لتعاون العاملين في وزارات الخدمة المدنية وتعاون المواطنين بشكل عام فهذا التعاون له أهمية كبرى لنجاحها في مهمتها، ولا شك ان المواطنين سيتعاونون مع الوزارة لمعرفتهم أن غرض الحكومة من برامجها ومساعيها وسياساتها فائدة المواطن وتحقيق مصالحه، ولكن هناك فرقاً بين تعاونه وهو مدرك لطبيعة الهدف ودواعي الإجراء وتعاونه وهو غير ملم بذلك، ولهذا أعتقد أنه من المفيد جداً الآن تفعيل تعاون المواطن مع الوزارة الجديدة بإيضاح دواعي استحداثها.
|
|
|