يجب ان تتناسي ذلك!
أنا أيضا: سأفعل!
سأحاول أن أفيق كل صباح على صوت التلفزيون الذي يعمل بلا هدف! بدلا من دق أزرار هاتفك لأسمع تحية صباح مفعمة بالكسل والقلق! بدلا من ان يبدأ الصباح بقصيدة سأجعله يبدأ بقراءة الأخبار المحلية جدا, وتلك المقالات التي تشبه مشي الدجاج لكثرة ما فيها من كلام أعرج!, وسأعود لمجلاتي القديمة، أوراقي التي لا توجدين فيها، كتبي البعيدة عن مجال اهتمامك: الحلم وتأويله وخمسة دروس في التحليل النفسي وعلم النفس الإكلينيكي ورواية هيرمان: هسه أحلام الناي بعوالمها السحرية الخلابة التي تجعل قارئها يسافر في رحلة يحبها رغم مخاوفها ومتاعبها!.
وسأقرأ المجلة الطبية!
أكمل بحثي الذي بدأته من سنوات ولم أكمله حتى الآن ربما لأنني لم أزل أرى فيه كل يوم شيئا جديدا لم يكن في عين العدسة من قبل عن الكآبة كمحرك رئيسي للجنون المقنع !.
أعيد كتابة أسماء الأدوية التي حصلت على نشراتها بالبريد عن أدوية جديدة لم تنزل للسوق المحلي، بعد, سوف أتفادى ان أخطىء في الكتابة بالانجليزية, لدي القاموس, ولكن هذا مجهد!.
سألعب مع الكمبيوتر لعبة ترتيب أجزاء الصورة , أحاول أن أضع الذراع في مكانها قرب الكتف الأيمن, والجهاز الهضمي تحت الصدر, وفي أسفل الصفحة, ستجهدني عيني اليمنى ولكنني سأضع فيها قطرة, رغم معرفتي بأن القطرة مضاد حيوي قد يتعارض مع الميتابوليزم العام لي.
سأحاول ان أكتب في روايتي حبيسة الرفوف والكراتين منذ أكثر من عشرة أعوام غربان الشمال البيضاء , ربما تكون رواية عظيمة!! من يدري؟!, لا أذكر أين توقفت بالضبط!, لكني أذكر ان من آخر ما كتبت فيها حادثة موت صديقي عازف العود نتيجة لغيبوبة السكر! مات بلا أحد, كان أهله يحضرون زواجا, ونام هو وحيدا ومبكرا, ولم يفق مطلقا!, كان حزني عليه عظيما كجمال الفقراء، فلم أدخل قريته القريبة إلا بعد ثلاث سنين من موته, دخلتها منقبضا, أحس طعم الدمع المالح يسيل على خديّ المجهدين!, كانت شوارعها تبدو غريبة عليّ, كأنني لم أسر فيها معه زمنا انفلت كما تهرب الإبل من عقالها!.
وأنتِ: عليك ألا تتذكري وجهي!.
اعتبري كما لو كان الأمر حلما وانتهى بيقظة مزعجة مكدرة جالبة كل الصداع الممكن!, كما لو أنني لم أزل حروفا في جريدة سرعان ما تنتهين منها وتكورينها وترمينها بعيدا, لم أعد أكثر من ذلك, هكذا يقول قلبي, ومشكلته أنه اذا قال صار قوله صحيحا، حقيقيا!.
لست في وارد التنصل من حب ملأ كياني كله بماء اللغة المطرية التي تنطقينها كما ينطقها الفرنسيون إمعانا في حقن شراييني بكِ, واصرارا على ان يكون الحديث بيننا: لا حديثا عموميا يمكن ان يقوله اثنان لبعضهما على رصيف واسع قابل للأكاذيب, تتمتعين بحديثي عن فيلم رأيته البارحة, قد يكون غير مهم لكِ، ولكنك تخلقين حالة الانبهار التي تجعلني استرسل طويلا قبل ان اكتشف انني صرت سخيفا فأصمت خجلا من الأنا العليا !.
نعم لست في وارد الوداع.
فقط, سينصبّ تفكيري على زاويتي: سجني الجميل كما تحس طيور الزينة !, أرجو ألا تجربي هذا الإحساس: إنه جِدّ قاتل.
|