Sunday 27th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 13 ربيع الاول


أعدادهم في ازدياد والظاهرة تحتاج إلى بحث الأسباب والمسببات
لماذا يتقاعد المعلمون مبكراً؟!
هل ستقف وزارة المعارف مكتوفة الأيدي حتى نفقد المزيد من أصحاب الخبرة وهم في أوج نشاطهم؟!

تحقيق : عبدالرحمن محمد الرشيد
لا أحد ينكر الدور الذي يقوم به المعلم في حياة الطالب باعتبار المعلم هو الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء غيرها الطريق المعلم هو الذي يبني النفوس وينشىء العقول ويكدح بصمت ويعمل على إعداد أجيال صالحة من غير ملل ولا كلل ولكن في الآونة الأخيرة بدأ المعلم يمل ويكل وبدأ يتذمر من مهنته لكثرة الأنشطة المختلفة والكتابات المتعددة والأساليب المتغيرة والتعاميم الصادرة فترك التعليم تقاعد واتجه إلى الأعمال الأخرى والبعض ركن في بيته للراحة.
وكان المعلم في الماضي لا يتقاعد عن عمله إلا بعد اكمال السن النظامية وفي الآونة الأخيرة ازداد وكثر التقاعد وخاصة التقاعد المبكر,, وفي هذا التحقيق نسلّط الضوء على هذا الموضوع لماذا يتقاعد المعلم مبكراً؟ :
حيث تحدث في البداية مدير التعليم بالدوادمي الاستاذ عبدالله سعد الضويان فقال في الآونة الأخيرة كثر اقبال المعلمين على طلب التقاعد قبل بلوغ السن النظامية وتفاوتت الآراء ووجهات النظر حول الاسباب الداعية إلى ذلك وهل هي ظاهرة صحية وسليمة أم لا فمن قائل ان من تجاوز العشرين عاماً في الخدمة وأموره المادية ميسرة فالراحة أولى ويجب ان يضحي ويفسح المجال لغيره من القدرات الشابة, وقائل يرى أن من تجاوز ذلك فقدرته على العطاء محدودة فقد اعطى ما لديه وعنصر الابداع والتجديد والابتكار اوشك على الانتهاء نحن في عصر متغير يجب على الشخص مسايرته فمن هذا المنطلق التقاعد المبكر هو المخرج الوحيد, وهناك بعض الآراء المغايرة التي ترى أن المعلم أو المعلمة لا يتمكن من العطاء ولا تبرز لديه عصارة الفكر ونتاج التجارب إلا بعد مضي عشرين عاماً فأكثر وكم اختلفت الآراء في التقاعد المبكر من عدمه واختلفت أيضاً في السن النظامية التي يجب ان تكون حداً آخر عند بلوغها يتقاضي المعلم راتبه كاملاً او نسبة تتجاوز 80% اسوة ببعض الكوادر وخلاصة لما سبق ومن وجهة نظري الشخصية ان تقاعد المعلم في سن مبكرة تسمح له بممارسة أي نشاط يميل اليه بوقت كاف يمكنه من التكيف معه قبل بلوغ 60 عاماً هو أجدى.
هيئوا له الجو المناسب
وتحدث الاستاذ عبدالله محمد العويس مدير مدرسة العزيزية فقال بادىء ذي بدء اقول ان التعليم بصفة عامة هو المؤشر الصادق والمعيار الحقيقي لتقدم الشعوب ورقيها ويشترط لتحقيق التعليم وجود المعلم لايصال العلم للمتعلم إذ بدونه لا يحصل التعلم ومن هذا المنظور يتضح انه بمثابة المحور الرئيسي الذي تدور عليه عجلة التعليم ومن هنا تضح أهميته لعظم دوره ليتسنى للمسؤولين توفير ما هو كفيل بتهيئة الجو المناسب والمناخ الملائم ليؤدي عمله على الوجه الأكمل فالمعلم عند بداية خوضه في الميدان التعليمي يحتاج الى بعض المؤازرة واسداء التوجيهات والتوصيات بضع سنوات الى ان يكتسب الخبرات الميدانية الكافية ليصبح في ذروة عطائه وقمة انتاجيته لطلابه, فكان المعلم الى وقت قريب لا يفكر اطلاقاً في التقاعد إلا في ظروف ضيقة جداً أما في الآونة الأخيرة فتزايد نفور المعلمين من تلك المهنة التي هي في الحقيقة تعتبر شرفاً ووسام عز ورفعة فلو كان الأمر فردياً لكان عادياً أما انه أضحى ملحوظاً وبأعداد كبيرة وفي أوج نشاطهم واكتمال خبراتهم التي ازدانت ونضجت ثمارها مزدحمين الى ما يسمى بالتقاعد المبكر وهذا الوضع يتوجب وقفه تأمل من مقام وزارتنا وعلى رأسهم معالي الوزير لاجل دراسة الايجابيات وتعزيزها لصالح المعلم وملاحظة السلبيات المنفرة والمملة والعمل على تلافيها ومن مفهومي وخلال استطلاعي لآراء زملائي الذين تقاعدوا بالأمس وممن في طريقهم للتقاعد قريباً وسؤالي عن الدوافع والاسباب خلصت بما يلي:
1- مساواة المعلمين بالانصبة يحتاج الى نظر فالمعلم كلما زادت خدمته فان نصابه يخفض تبعاً لذلك وفق تصنيف معين يحدده مقام الوزارة لاسيما مع ارتفاع اعداد الطلاب في الفصول حالياً وما يتطلبه ذلك من تصحيح للواجبات ورصد للدرجات اضافة الى التقويم المستمر وما يحتاجه من جهد وتمحيص ومتابعة دقيقة وتقدير موضوعي للدرجة لان ذلك امانة عظيمة يحتسب لها المعلم المخلص.
2- طالب الأمس يختلف جذرياً عن طالب اليوم ويتبعه ولي أمره بكثرة مشاغله عن متابعة وتوجيه ابنه وهكذا ينعكس اثره على المعلم سلباً.
3- إثقال كاهل المعلم مع كامل نصابه بالانتظار والإشراف اليومي على الطلاب والنشاط الطلابي وما يتطلبه من مشاركات وقد أكون صادقاً عندما أقول إن النشاط الطلابي قارب ان يأخذ النصيب الأوفر من العناية والاهتمام من جانب المسؤولين إذا ما قورن بالمنهج والمادة العلمية ولا اعترض اطلاقاً على مبدأ النشاط لقناعتي بأهميته للطالب ولكن ليس إلى هذا الحد المؤثر على جوهر التعليم وكأني به في بعض المدارس بمثابة نافذة يطل من خلالها القائمون على النشاط ممن يسعون للشهرة والاطراء ولكن على حساب المنهج والطالب ووقته الذي يحرص عليه المعلم المخلص ومع هذا يهمش دور المجد في عمله اما المشرف على تنظيم نشاط مسرحية او انشودة فيحصل على مكافأة بدرع، وشهادة، أو شكر وهذا بلاشك يوغر صدور المعلمين الجادين المخلصين في عملهم.
4- كثرة التعاميم المنظمة ولوائح الاختبارات المتواترة وكذلك جرأة الصحافة والوزارة في نشر بعض القرارات لاسيما ما يتعلق بتأنيب المعلم لما لذلك التصرف من دور فعال في اذابة شخصية المعلم أمام المجتمع عامة والطالب خاصة فلماذا لا يكتفى بالمخاطبات بين الوزارة وادارات التعليم فالحديث عن هذا الموضوع وما يتعلق بالتعليم طويل وذو شجون ولكن نصيبي من صحافتنا الكريمة قليل وعن ذلك لا أحب أن اطيل.
أين الحوافز
كما تحدث المدرس سعود فلحان العصيمي فقال قبل الشروع في هذه المشاركة أتمنى من كل اعماقي وآمل من الله العلي القدير ثم من وزارتنا العزيزة ممثلة في القائمين عليها ان تجد مشاركاتنا هذه وغيرها في الموضوعات التربوية والتعليمية بصفة عامة العناية والاهتمام وأن تؤخذ بعين الاعتبار فهي حلقة وصل بين خبرات المعلمين الميدانية واصحاب القرار في الوزارة بالاضافة إلى أن طرق مثل هذه الموضوعات وفتح باب المشاركة بها أمام الجميع يعتبر هدفاً نبيلاً ينعكس بالايجاب والرقي والتقدم على واقعنا التعليمي بمشيئة الله تعالى أما بالنسبة لموضوع هذا التحقيق لماذا يتقاعد المعلم مبكراً؟ فانني أرى من وجهة نظري الشخصية ونقلاً عن الكثير من زملائي المعلمين ان تقاعد المعلم مبكراً يندرج تحت المبررات التالية:
1- الجهد الكثير الذي يبذله المعلم بدنياً وذهنياً لأداء رسالته على أكمل وجه والذي لا يقارن بأي شكل من الاشكال بجهد أي موظف في أي مهنة أخرى.
2- اثقال كاهل المعلم بالأعمال الاضافية التي تحد من عطائه في مجال عمله الأساسي.
3- كثرة القيود على المعلمين من قبل الوزارة وادارات التعليم والحد من صلاحيات المعلم في علاج الكثير من الحالات كالاهمال وعدم المواظبة واساءة السلوك في ظل عدم وجود العلاج الناجح لمعظم الحالات.
4- عدم تقدير خبرة المعلم وتكليف المعلم صاحب الخبرة بنفس الأعمال التي يقوم بها المعلم الحديث العهد بالمهنة إن لم تكن اكثر في بعض الأوقات.
5- عدم وجود الحوافز المعنوية الملموسة التي تدفع بالمعلم إلى الاستمرار كتخفيض نصاب المعلم كلما تقدم به العمر أو كلما ابدع في مجال عمله هذا على سبيل المثال لا الحصر.
6- عدم وجود الضوابط والمعايير الواضحة والصريحة عند اختيار المديرين او الوكلاء للمدارس او حتى المشرفين بادارات التعليم.
7- نظرة المجتمع القاصرة لمهنة التعليم وللمعلم خاصة وجعله عرضة للسخرية والاستخفاف والاستهتار من قبل ولي أمر الطالب او حتى من الطالب نفسه كل هذه المبررات تدفع بالمعلم للتقاعد المبكر او حتى البحث عن أي مهنة أخرى يكمل فيها حياته لاشباع رغباته وطموحاته العملية.
النظام لا يفرق بين المعلم القديم والجديد
وتحدث الاستاذ عبدالله بن سعد البالود مشرف الإدارة المدرسية بالإدارة فقال: إن التعليم ليس مجرد عمل وظيفي نمطي يؤدى، بل هو رسالة سامية وعاطفة أبوية حانية تستوعب نفوس النشء وتربيتهم تربية صالحة،,فالمعلم هو حجر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية وصاحب المسؤولية الكبرى فيها, وبحكم تطور الفكر التربوي أصبح ذا وجهة قصوى في تعديل سلوك النشء والنهوض بمستواهم على كافة الأصعدة ونظراً لكثرة طلب التقاعد المبكر لدى كثير من المعلمين احببت ان استعرض بعض هذه الأسباب التي تؤدي الى التقاعد المبكر عند المعلمين وهي:
1- ان عمل أي موظف لا يتطلب الا القليل من الجهد بينما نجد أن التعليم يستهلك المعلم من النواحي العقلية والجسمية والنفسية.
2- النظام لا يفرق بين المعلم القديم والمعلم المستجد من حيث الأنصبة.
3- كثرة الأعباء الملقاة على عاتق المعلم مما يضطر المعلم إلى اكمال عمله بالمنزل.
4- توقف العلاوة الدورية بعد انتهاء درجات المستوى.
5- النظرة عند بعض فئات المجتمع للمعلم.
لذا أرى انه من الممكن ايجاد حلول منها مايلي:
1- تطبيق نظام المعلم الأول الذي يخفض نصاب المعلم ويدعم العملية الاشرافية.
2- العمل بنظام الساعات المكتبية للمعلم كجزء أساسي من عمله.
3- ايجاد مكافأة مقطوعة لمن استكمل درجات المستوى وذلك اسوة بالمستوى السادس.
4- اسهام الإعلام بجميع رسائله في ابراز دور المعلم ومكانته.
نفقد خبراتهم
وتحدث الأستاذ محمد ابراهيم الصقيران فقال: إن العملية التعليمية التربوية ترتكز على ركائز ثلاث هي المعلم- والطالب- والمنهج المدرسي وبتفاعل هذه الركائز مع بعضها البعض تتحقق العملية التعليمية تبعاً لتكامل الأدوار بين تلك الركائز وتناسقها.
وبما أن الحديث يتمحور حول الركيزة الأولى وهي المعلم فإنه من المسلم به أن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية وأن نجاح هذه العملية يعتمد بالدرجة الأولى على المعلم وقدرته على إنشاء جيل متعلم مدرك لتداعيات عصره وثيق الصلة بدينه.
فنجاح المعلم في ذلك يتحقق إذا أشبعت حاجته النفسية والاجتماعية المحاطة بالاطار الديني، وعدم تعرضه لعوامل ضاغطة تؤثر عليه تأثيراً مباشراً وتحد من اندفاعه نحو التجديد والابتكار داخل حجرة الدراسة، قد تعجل تلك العوامل برحيل المعلم تقاعدياً فتفقد المدرسة خبرة علمية تربوية كان بالإمكان أن تعطي لسنوات قادمة.
ويمكن إجمال تلك العوامل المعجّلة بتقاعد المعلم فيما يلي:
- الشعور بالملل المتولد لدى الغالبية العظمى من المعلمين لرتابة وروتينية النشاط اليومي المدرسي.
- جمود طرق التدريس واعتماد أكثر المعلمين على طريقة واحدة طوال فترة خدمتهم في حقل التعليم كالطريقة الإلقائية مثلاً.
- كثرة التعاميم الواردة من الوزارة والمتضمن طيها تعديلات جديدة تفقد المعلم استقراره العملي، وكان من الأولى رسم خطة سنوية ثابتة تصدر قبل بدء الدراسة.
- عدم وجود الحافز المعنوي الذي به يتميز المعلم المميز عن غيره ويشعره بالتقدير والعرفان لتميزه.
- معاناة المعلم من بعض الإدارات المدرسية وأدوارها المتسلطة، وهذا بدوره يفقد المعلم اتزانه النفسي داخل المدرسة وفي ذلك بالغ الأثر على الأداء العملي له أثناء أداء الحصص الأسبوعية.
- غلبة الطابع الكتابي على عمل المعلم وازدحام جدوله الحصصي الأسبوعي مما يولد لديه الازدواجية في عمله ومعاناته من الأعباء الجديدة وعدم مراعاة التقدم السني للمعلم من قبل الوزارة لتخفيض نصابه تبعاً لسنوات خدمته وتميزه أثنا هذه الخدمة.
- اختلاف توجيهات المشرفين التربويين وتناقضها أحياناً وهذا فيه إحباط للمعلم وفقده الثقة بقدراته الوظيفية.
كل تلك العوامل الآنفة الذكر وغيرها من العوامل غير المباشرة تشكل ضغطاً نفسياً على المعلم تدفع به إلى الترجل عن صهوة جواده والاستقرار في دنيا المتقاعدين.
أين يكمن السر؟,.
وتحدث الاستاذ المتقاعد سليمان الجميعي فقال: معلم متقاعد يشارك المعلمين همومهم ويخفف عن المهنة انين وعكتها، حيث أصيبت بداء الجفوة والتنصل بالتقاعد المبكر من منسوبيها رغم الاغراء المادي وتخصيص المعلمين بسلم المستويات دون سائر موظفي الدولة الذين ينعمون بطابع الاستمرارية واكمال سن الخدمة النظامية، وكثير منهم يطالب بالتمديد، وهنا سؤال يطرح نفسه، ما السر في ظهور ظاهرة التنصل من الوظائف التعليمية التدريس ؟,, سؤال حتمي يبحث عن الحل العاجل من جهات الاختصاص قبل استفحال أمره، لان المعلم يشكو ولايكاد يبين لانه فقد أهليته بين الملتقى وهو المحور والمسؤول في عالم المتغيرات والقرارات المتناقضة تحت طائلة التطور,, فلا ثبات ولا استقرار، واركز في هذا الموضوع على المناهج التعليمية ونصاب المعلم من الحصص الاسبوعية واعادة النظر في قرار سلب المعلم صلاحيته في التأديب لان التربية سباق للمتعلم ونحن نعلم جميعاً بأن المعلم رسول رحمة لاسليط عذاب وما ذلك إلا لتعود للمعلم احترامه وهيبته ولم نسمع مسبقاً بأن طالباً مات من تأديب معلم وذلك من بعد طرح استبيان على الهيئات التعليمية في المدارس، لكون الحاضر يدرك ما لايدركه الغائب والمعلم المخلص يتعامل مع فئات مختلفة ومستويات متفاوتة لظإيصال معلوماته للمتلقي باشباعها شرحاً وتطبيقاً غير متقيد بسويعات الدوام اليومي مضيفاً جل وقته بالمتابعة والتصويب للواجبات ولاسيما أن المدارس في وقتنا الحاضر تغص بالطلاب كزيادة عبء ونفاد طاقة وتدن وللاسف الشديد بالأخلاق والتحصيل الضرب ممنوع ، أما ما يتعلق بالمناهج فأرى أنها بحاجة إلى الثبات والاستقرار لأن التغيير المستمر يحدث الارباك في المسيرة التعليمية لاختلاف الطريقة والاسلوب مما يوجب اعادة التأهيل لان المعلم كان متلقياً ويفاجأ بطرق مغايرة لما تلقاه وأما ان يجامل على عمى فيعمى بنفسه ويعمي غيره وله العذر في ذلك لان فاقد الشيء لا يعطيه أو أن يواجه بالحقيقة ويطالب بالدورات التدريبية مما يعرقل تحصيل طلابه.
وكل هذا من وجهة نظري سبب من أسباب ظاهرة التقاعد المبكر والذي برز في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للنظر.
النصاب كامل
وتحدث الاستاذ عمر عبدالله الضويان وكيل المدرسة العزيزية الابتدائية بالدوادمي فقال خطت بلادنا بعد توحيدها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز خطوات حثيثة في جميع المجالات ومنها التعليم بجميع مراحله وتخصصاته حتى اصبحت بلادنا من اوائل الدول العربية محاربة للأمية ومتطورة في التعليم مواكبة للعصر ومتطلباته,, وما هذه الجامعات العديدة إلا دليل على تقدم التعليم, وان الركيزة الأولى في العملية التعليمية هي المعلم الذي أوكلت اليه أعظم رسالة وأسمى مهنة في الحياة,, وتدرج المعلم في هذه المهنة سنة بعد سنة، إلا أنه وبعد كل عام ومع تزايد المسؤولية عليه عائلياً وعملياً اصبحت اللوائح تثقل كاهله حتى صار المعلم ممن تجاوز العشرين عاماً في العمل اصبح يفكر بالتقاعد المبكر، لان العملية التعليمية اصبحت عملاً مضنياً والسبب في ذلك : كثرة التلاميذ وتزاحم الصفوف والنصاب الكامل والأعمال الكتابية المرهقة التعاميم المستمرة، الامتحانات الشهرية، المشاركة، الواجبات، رصد الدرجات,, الخ ، والطول في بعض المناهج بشرحها للتلاميذ كاملة والقيمة الاجتماعية ومكانة المعلم التي أصبحت لا ينظر اليها إلا مجرد عمل وليست رسالة.
ألا يستحق المعلم القديم أن تشفع له هذه السنين التي أمضاها في هذا العمل المضني ان يخفق ويفكر بالتقاعد المبكر؟.
لا يقل نصابه مع الخبرة
وتحدث الأستاذ سعد محمد الطخيس المدرس بمدرسة ابن القيم المتوسطة بالدوادمي فقال: أود أن اتطرق إلى نقطة هامة وهي أن المعلم هو الأساس في التنمية الاجتماعية في هذا الوطن المعطاء، فبفضل الله ثم بفضل المعلم تخرج على يديه الكثير والكثير ممن يتولون المراكز الكبيرة في الدولة، فالمعلم الذي افنى عمره في مجال التعليم كالشمعة التي تضيء وتحترق من أجل ان يرى الغير الطريق, وبعد أن يمضي من عمره 25 سنة في خدمة العلم وطلبه، نجده يتقدم بطلب منحه التقاعد المبكر لكي يستريح من عناء التدريس، وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا يتقاعد المعلم مبكراً؟ رغم انه لم يكمل السن النظامية في خدمة الدولة مثل الموظفين الحكوميين الآخرين؟ إن اجابتي على هذا اجملها في سببين هما:
أولاً- نصاب المعلم من الحصص الاسبوعية، فعندما ننظر إلى جدول المدارس نجد أن المدرس لا يقل نصابه عن أربع وعشرين حصة أي لا يوجد لديه راحة طول الاسبوع إلا القليل جداً فكيف يستطيع تكييف نفسه ووقته مع هذا الوقت القصير؟.
هل يصحح الدفاتر أم يكتب درجات المتابعة أم يستعد للحصة التي تليها؟,ز وهكذا بينما نجد في الدول الأخرى ان نصاب المعلم يقل كلما زاد في العمر.
ثانياً- كثرة الأعمال الملقاة على عاتقه مثل تحضير الدروس وتصحيح الدفاتر وتعبئة دفاتر المتابعة اليومية، ريادة الفصل الريادة في النشاط اللامنهجي- الاختبارات الشهرية- الاشراف على الطلبة اثناء الفسح والخروج من المدرسة- المشاركة في الأنشطة اللامنهجية في المدرسة- انتاج وسائل تعليمية تعينه في شرح دروسه- أليست هذه الأعمال الملقاة على عاتق المعلم المظلوم تثقل كاهل أقوى رجل يعمل وباتقان وجد في عمله الذي كلف به؟.
ليست لديهم رغبة في الاستمرار
وتحدث الأستاذ عبدالرحمن صالح العبداللطيف رئيس الاشراف التربوي بإدارة تعليم الدوادمي فقال: هذا السؤال يتردد كثيراً بين المعلمين وممن هم في حقل التعليم ولاشك أن التعليم كيان تربوي يتطلب ممن يدخله أن يكون أهلا لهذه المهنة الشريفة وأن يعطيها من جهده ووقته الكثير حتى يكون راضياً عن نفسه وعن عطائه ويرضى عنه غيره، إلا أن مع الاستمرار في العطاء لابد ان يعتريه التعب أو المرض مع طول المدة التي قضاها في التدريس مما يجعله يطلب التقاعد المبكر، وهناك عدة أسباب للتقاعد المبكر من أهمها: كبر سن المعلم وقناعته بأنه وصل إلى مرحلة لن يستطيع أن يعطي أكثر مما لديه وعدم قدرته على الوفاء بمتطلبات المهنة ومنها الأساليب الاشرافية التي لم يتعود على تطبيقها بحكم قدمه في هذا الحقل وقناعته بانه يمارس اشرف مهنة وهذا يتطلب منه المزيد من الجد والجهد والعطاء والتفاني وانه لن يفيها حقها، وهذا شعور نبيل نقدره في هذا المعلم وكذلك وجود أعمال أخرى لدى المعلم تجعله يتقاعد مبكراً لمتابعة أعماله والتفرغ لها، وهذا افضل ممن يجمع بين التدريس وأعماله الخاصة التي قد تكون على حساب مهنة التدريس,, وشعور بعض المعلمين بانه مقصر في عمله وان ما يقوم به من جهد لا يتنساب مع ما يتقاضاه مقابل ذلك، لذلك يفضل التقاعد,, ايضا كثرة الأعباء الملقاة على عاتق المعلم والملل وعدم الرغبة في الاستمرار في مهنة التدريس مع عدم قدرة المعلم على تحقيق رغباته وطموحاته خلال عمله في التدريس وعدم وجود جو تربوي ملائم بالمدرسة العلاقات داخل المدرسة ووجود ضغوط على المعلم في العمل تجبره على ترك التدريس,, قبل وقته والأمراض التي قد يصاب بها المعلم وتعيقه عن الاستمرار في مهنة التدريس ويمكن الاشارة إلى أن التعليم يفتقد سنوياً بعض الكوادر الفنية المؤهلة والمخلصة والمنتجة من خلال التقاعد المبكر، كما أن الميدان مليء بالمعلمين الذين يعطون بسخاء ولايمكن اغفال بعض المعلمين الذين هم على رأس العمل ولكن عطاءهم لا يصل الى طموحات وتطلعات المسؤولين عنهم، فعلى المعلم ان يعطي بأمانة وإخلاص ووفاء أو ان يترك المجال لمن هم أهل لذلك، فهذه المهنة تتطلب تقدير المسؤولين والوفاء بها على اكمل وجه,, وما تقوم به ادارة المدرسة وادارة التعليم هو محاولة لتسيير العملية التعليمية حسب الأهداف المخطط لها والتي يسعى الجميع لتحقيقها.
ملل وإحباط
وتحدث الأستاذ عبدالله محمد الجريس وكيل مدرسة خالد بن الوليد فقال بما أن موضوعنا هذا يدور حول التقاعد المبكر واسبابه احب في البداية أن أوضح أن التعليم رسالة قبل ان يكون وظيفة فهذا العمل هو بالحقيقة من الأعمال الشاقة والمجهدة للجسم والعقل والتعليم ليس كالأعمال الأخرى المكتبية أو الأعمال الميدانية والمعلم في وقتنا الحاضر ليس كالمعلم في الماضي حيث كثرت عليه الأعباء,وضاعت شخصيته في المجتمع مع العلم ان مهنة التعليم من اجل المهن لذا أرى ان هناك اسباباً ادت بالمعلم لترك مهنته منها نظرة المجتمع للمدرس وكثرة الأنشطة الصفية وغير الصفية والتفرغ للاعمال التجارية وقلة الثقة بين المعلم والطالب وولي امره واستمرار المعلم على نمط واحد سنين طويلة كذلك نصاب المعلم والمناهج المدرسية وطول اليوم الدراسي وكثرة الطلاب في الصفوف وكثرة الأعمال الكتابية وكثرة الأعباء الملقاة على المدرس والشعور بالملل والاحباط.
أعمال كتابية عديدة
أما الأستاذ عبدالله بن حمد السبيعي وكيل ثانوية الدوادمي فقال من الأسباب الداعية لتقاعد المعلم مبكراً عدم وجود حوافز معنوية للمعلم المعلم الأول وكثرة الحصص فقد يبدأ المعلم حياته بأربع وعشرين حصة وينتهي بنفس النصاب وكثرة الأعمال الكتابية بالاضافة الى الجهد البدني فالموظف يقتصر عمله على العمل الكتابي فقط أما المعلم فيزاد عليه بالاضافة الى الجهد البدني الأعمال الكتابية والتي قد يحملها معه الى المنزل كذلك الزام المعلم بالقيام ببعض الأعمال الإدارية مثل الاشراف اليومي على الطلاب وجمود السلم الوظيفي بالنسبة للمعلم وتغير سلوك الطلاب في السنوات الأخيرة وظهور موضوع نماذج اسئلة الدور الثاني مما يضطر المعلم احياناً إلى اعداد اكثر من أربعين نموذجاً ومساواة المعلم حديث التخرج بالمعلم الذي امضى سنوات طويلة بالخدمة وذلك من حيث عدد الحصص والمميزات الأخرى وطول العام الدراسي مقارنة بالدول الأخرى وقصر الاجازة الصيفية مقارنة بما يبذله المعلم من جهد خلال العام الدراسي وعدم الاستفادة من تجارب وخبرات المعلم الذي أمضى سنوات طويلة وكثرة الأنشطة الصفية وغير الصفية مما يترتب عليه زيادة في الحصص.
فقد شخصيته
وتحدث الأستاذ عبدالعزيز محمد الشعيلان مدير مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية فقال في السنوات الماضية القليلة بدأت افواج المعلمين بالتقاعد المبكر قبل انهاء مدة الخدمة سألخص اسبابها في انعدام شخصية المعلم المعنوية في المجتمع وفقده الكثير من المميزات التي يتميز بها الموظف والارتباط الزمني الدقيق اثناء العام الدراسي فهو يطالب بمنهج محدود ودخول حصة بزمن معين مما يسبب له الضغط النفسي وزيادة نصاب المعلم الى 24 حصة في الاسبوع اي لا يوجد لديه فراغ اثناء الاسبوع إلا قليلاً من الحصص ويشغلها في التصحيح ومتابعة الطلاب كمراقب ومشرف نشاط وكثرة اللوائح والتعاميم والانظمة من تقويم وطرق تدريس وانشطة مختلفة ودروس عمل وحشو المناهج بأمور لاتخدم العملية التربوية وكثرة اعداد الطلاب داخل الفصل حيث قد يصل العدد إلى أكثر من 40 طالباً ونلاحظ أن المعلم يقل عطاؤه بعد 25 سنة من الخدمة.
تغير التعليم
وتحدث الأستاذ المتقاعد صالح عبدالله الصويلح فقال: إن ما نلحظه في السنوات الأخيرة من كثرة التقاعد عن مهنة التعليم سواء معلمي المرحلة الابتدائية او المتوسطة او الثانوية انما يرجع الى تبدل التعليم وتغيره عن السابق حيث كان المعلم يتشرف ان يلتحق بهذه المهنة بل ويفتخر بها في كل مكان لأن المعلم في السابق كانت له مكانته العلمية والاجتماعية ويحظى باحترام الطالب وولي امره سواء كان في المدرسة أو الشارع أو في أي مكان أما في عصرنا الحاضر فقد تبدلت الأحوال وتغيرت الآراء والاساليب والطرق فلا طالب يحترم معلمه ولا يقدره وان كان في مجتمعنا من يحترم معلمه فهم قلة وهذا الشيء لا يبشر بالخير وسار على نهجه ولي أمره فتحتم على المعلم ترك مهنته ليريح ويستريح وهذا شيء يسير من الأشياء الكثيرة التي أدت بالمعلم إلى التقاعد أضف إلى الأشياء السابقة أشياء أخرى منها تطبيق الأنشطة الصفية وغير الصفية بالمدارس مما اضاف عبئاً على المعلم والمدرسة بأكملها.
كثرة الطلاب عاماً بعد عام وزيادة نصاب المعلم وكثرة الأعمال الكتابية عليه كالاختبارات والتصحيح والرصد للدرجات والمراقبة داخل المدرسة وخارجها ومشاكل الطلاب مع مدرسيهم طول اليوم الدراسي وطول العام الدراسي والدراسة في الحر الشديد وإرهاق المعلم والروتين المتبع، كل هذه الاشياء التي أدت إلى ظهور وبروز ظاهرة التقاعد المبكر لدى المعلمين وعن سؤالك ماذا تعمل بعد التقاعد فأقول لك أنا لم أتقاعد إلا لطلب الراحة البدنية والفكرية من عناء الطلاب وعناء المدارس ولكن أعمل بعض الأعمال التي تشغل أوقات فراغي الزائدة عن احتياجات المنزل.
ظروف قاسية
أما الأستاذ المتقاعد عبدالله علي الدويرج فيقول عن الأسباب التي أدت بالمعلم إلى التقاعد أحب أن ابدأ بالقول ان مهنة التعليم مهنة شريفة ودقيقة واجتماعية بحيث ان المعلم وهو يمارس هذه المهنة وهو في وضع جيد والظروف مهيأة له ليكون مرتاح البال وكل يوم يمر عليه يزيد من المامه بمادته العلمية ويكون فخوراً بهذه المهنة حيث تخرج على يديه المهندس والطبيب والعسكري وغيرهم ولكن في اعتقادي تنحصر أسباب التقاعد المبكر في الآونة الأخيرة في عدم وضع حوافز معنوية كشهادات الشكر والتقدير او تمييز للمعلم المخلص بأي شكل يراه المسؤولون وعدم التفريق بين المعلم المخلص والمعلم الاقل اخلاصاً من قبل المسؤولين وعدم التعاون بين البيت والمدرسة بسبب انشغال أولياء الأمور وعدم ثقافتهم مما يدعو إلى ملل المعلم من مهنته وكذلك تغير المناهج وعادات الطلاب في الزمن الحاضر عن الماضي مما يدعو بعض المعلمين إلى عدم التكيف مع وضعه الحالي ومنع العقاب منعاً باتاً ولو بشكل يجعل الطالب يهتم ولو قليلاً ونشر منعه في وسائل الإعلام مما قلل من شخصية المعلم وميول بعض المعلمين إلى ممارسة التجارة ممن حباهم الله ثروة مالية مما يدعو الى التقاعد كما أن مهنة التعليم لا تقبل التأجيل وبها دقة متناهية ونتيجة لذلك يتحمل المعلم العبء الكبير مما يدعوه للملل من هذه المهنة وفي رأيي الشخصي لو اجتمعت هذه الظروف في المعلم وعمره الوظيفي بعد ال25 سنة لفضل التقاعد المبكر ولكن حرص الوزارة على تهيئة الظروف للمعلم تمنع حصول مثل هذه الأسباب ولكن بعض المعلمين يفضل التقاعد ولو بجزء من هذه الظروف أما عن سؤالك ماذا تعمل انت الآن بعد التقاعد فأقول بالنسبة لي لم أفكر بأي عمل حتى الآن ولكن في المستقبل القريب ربما أعمل بأي عمل أراه مناسباً لي ولوضعي الصحي حيث تقاعدت عن العمل لطلب الراحة قليلاً ليرتاح جسمي من العناء والتعب من هذه المهنة الشاقة.
تختلف الأسباب
وتحدث الأستاذ المتقاعد سعد عبدالرحمن المنصور فقال يختلف المتقاعدون من شخص لآخر وأعني بذلك من يأخذون التقاعد المبكر وذلك في أسباب طلبهم للتقاعد حيث البعض منهم قد كون لنفسه حصيلة لا بأس بها من الأعمال الحرة والأعمال الخاصة وقد لا يستطيع التوفيق بينها وبين أعمال التدريس حيث عمل التدريس عمل دقيق وغياب المدرس يكون على حساب طلبته وبالتالي يؤثر على تحصيلهم العلمي فيفضل التقاعد والتفرغ لأعماله الخاصة والبعض الآخر قد أمضى فترة طويلة بالتدريس وقد يكون الفارق بين ما يتقاضاه من راتب شهري وراتب تقاعدي لايساوي الجهد الذي يبذله اثناء فترة عمله وخاصة ان التدريس في الوقت السابق يختلف عنه في الحاضر حيث البساطة والرغبة الأكيدة لدى طالب العلم في السابق الى جانب قيمة المعلم سواء في البيت أو المدرسة أو المجتمع أما الآن فيختلف الوضع تماماً فنجد المعلم في صراع مستمر سواء مع الطالب أو ولي امره حيث تلاشت هيبة المعلم وقل تقديره واحترامه واصبح المعلم هو المقصر دائماً في نظر بعض أولياء الأمور وخاصة عند تقصير ابنائهم أو اخفاقهم.
أما الأعمال التي يمارسها المتقاعدون بعد التقاعد فمن المؤكد أن من يأخذ التقاعد المبكر لابد أن يكون لديه أعمال خاصة يزاولها بعد التقاعد سواء كانت تجارة أوزراعة أو غيرها لأن التقاعد المبكر حصل عن قناعة من الشخص فيكون بذلك قد أسس لنفسه قاعدة يرتكز عليها بعد الله وبهذه المناسبة أود من الاخوة المسؤولين الاستفادة من الكوادر المتميزة من المدرسين التي عايشت التعليم قديماً وحديثاً وأفنوا زهرة شبابهم في هذا المجال سواء باشراكهم بالندوات التعليمية أو المحاضرات أو التحقيق في بعض المناهج التعليمية أو المشاركة في إصدار النظم المدرسية وتوجيه الدعوة لهم لحضور الاحتفالات او الندوات سواء على مستوى المدارس او المحافظات أو المناطق فيكون المتقاعد على اتصال بمجاله السابق حتى لا تضمحل قدراته وتنضب مواهبه التي كانت لديه في السابق.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
تحقيق
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved