Tuesday 6th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 22 ربيع الاول


تعليم 21
التعليم وحالة الطقس

على كل بقعة من ارضها الواسعة تقدم بلادنا - أعزها الله - التعليم لجميع مواطنيها , ومع التزايد الملاحظ لمعدلات النمو السكاني في الفترة الاخيرة اصبح توفير التعليم تحديا استطاعت السلطة التعليمية ان تتعامل معه بكل كفاءة واقتدار، خصوصا فيما يتعلق بتوفير التعليم في القرى والمناطق الصغيرة وسط مطالب اجتماعية تتعارض احيانا مع التوجه لنشر التعليم في انحاء البلاد بأقصى كفاءة تعليمية واقتصادية ممكنة.
والتعليم في جانبه الكمي لم يعد هو التحدي الوحيد الذي تواجهه السلطة التعليمية, هناك تحد آخر لا يقل عنه أهمية ألا وهو تقديم تعليم نوعي يستجيب لما استجد من متغيرات وتبدلات مذهلة شملت النواحي المعرفية والتقنية والاقتصادية بل وحتى الاجتماعية, والحقيقة التي لا تقبل الجدل هي ان التعليم الذي كنا نقدمه لطلابنا بالأمس القريب لم يعد هو التعليم الذي يستطيع طلابنا ان يواجهوا به متغيرات زماننا هذا, ومع الاحتفاظ بثوابت تعليمنا فإن تبدلات هذا العصر تتطلب قبل أي شيء آخر تقديم تعليم يحترم العقل في جميع مراحل نموه وينسجم مع إمكاناته الكبيرة التي وهبنا الله إياها.
منذ ان بدأت حياتي معلماً (قبل ربع قرن من الزمان) وأنا اسمع واقرأ عن المناداة بإحداث تغييرات في تعليمنا تنأى به عن الحشو والإفراط في التلقين والحفظ الى ممارسة التفكير والإبداع، كثيرا ما نادى المنادون أيضا بتقديم تعليم يقفل الفجوة (وإن شئت الجفوة) الكبيرة بين التنظير والتطبيق, ولم يكن الحديث عن التعليم قصرا على المتخصصين فيه, فلقد رأينا الكثير من اصحاب الاختصاصات الاخرى (علوم، اقتصاد، إدارة، إعلام,, الخ) يتحدثون عن هموم التعليم ويطرحون آمالهم فيه, وهم إنما يعملون ذلك بدافع حسهم الوطني إضافة الى قناعتهم المطلقة بأن التعليم والتعليم فقط هو الوسيلة التي تمكننا من بناء وامتلاك عقول افضل ومعرفة افضل واقتصاد افضل وتقنية افضل, وهنا نسأل: هل يصدق على حالنا هذه مقولة احد التربويين: ان الحديث عن التعليم يشبه الحديث عن حالة الطقس، الكل يتحدث عن الطقس وأحواله لكن أحدا لا يستطيع تغيير هذا الطقس ؟, في ظني ان الطقس التعليمي يمكن تغييره شريطة أن نقاوم الميل الى البحث عن جهة واحدة أو مسؤول واحد لنحملها (أو نحمله) لوحدها مسؤولية الضعف والقصور التعليمي, التعليم لم يكن في يوم ما جزيرة منفصلة، بل هو نظام يرتبط في آلية عمله ومدى نجاحه بالعديد من الانظمة المجتمعية الاخرى, وهنا يتطلب الأمر قيام مظلة (استراتيجية) تلزم الجميع بالعمل في ضوء معايير تعليمية محددة وواضحة وعالية القيمة، وتحدد المسؤوليات، وتقر مبدأ المساءلة (مدى ما تحقق من انجازات مقابل ما صرف من أموال)، وتلقى دعما ومؤازرة على المستوى السياسي والتنفيذي, في اعتقادي ان هذا هو الضابط الرئيسي لعملية إصلاح التعليم.
د, عبدالعزيز بن سعود العمر

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved