 ايها الأخوة.
ان ثروات بلادكم كثيرة ولله الحمد وقد شهدت بلادنا في هذا العام افتتاح حقول بترولية جديدة مثل حقل الشيبة كما منحت شركة التعدين العربية السعودية معادن امتياز تعدين لاستغلال خام الذهب وخام الفضة المصاحب له.
ان المملكة ماضية باذن الله في سبيل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية اذ اننا ندرك التحولات الاساسية في الاقتصاد العالمي وفي آلياته ونحن لا بد ان نتعامل مع الواقع الجديد الذي يعيشه المجتمع البشري فنحن جزء منه وبما لا يتعارض مع معتقداتنا او مع المصالح الواضحة لبلادنا ومواطنينا.
ونحن في كل الأحوال نشدد على ضرورة المضي نحو تكامل اقتصادي عربي في عصر تتنامي فيه التكتلات الاقتصادية في مختلف انحاء العالم والعمل على تيسير ما يعزز هذا العمل وذلك بدعمه وتشجيعه.
وان مما وجدته الدولة منسجما مع مصالحها ولا يتناقض مع ما نؤمن به ونعتقده تشجيع الاستثمار الاجنبي في البلاد ونقل التقنية فالمجال مفتوح للمؤسسات والشركات الكبرى في العالم للاستثمار في المجالات الصناعية في المملكة مستندين في ذلك على مبدأ الاستقرار والاستمرار والانتاج المتواصل مما يحقق الفائدة الدائمة للطرفين والى زيادة مواردنا المالية التي تمكنا من تحقيق الرفاه المطلوب لمواطنينا.
ايها الاخوة.
تعلمون ان بلادكم مقبلة على الخطة الخمسية السابعة التي ستعلن بعد ستة اشهر باذن الله وقد سبق لمجلس الوزراء ان تدارس مع مجلس الشورى المبادىء العامة لهذه الخطة التي نأمل ان تأتي محققة لآمالنا وطموحاتنا وان تعالج بواقعية معوقات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة وان توجد حلولا عملية لقضايا التعليم والتوظيف بشكل خاص وقضية توطين العمالة بشكل اخص.
وان الحكومة ماضية في برنامجها المتعلق بتنويع مصادر الدخل الحكومي وايجاد مصادر رديفة تخفف من الاعتماد شبه الكلي على البترول الذي شهدت اسواقه العالمية في السنوات الماضية كما تعلمون تذبذبا يميل الى التراجع في الاسعار لكن المملكة وبتوفيق من الله نجحت في العمل على تحسين اوضاعه في الاشهر الماضية والمملكة ماضية في سياستها الرامية الى التعاون مع الدول الصديقة المنتجة والمصدرة للحفاظ على استقرار السوق وتماسك الاسعار دون التراجع عن الحصول على حصة عادلة للمملكة.
واننا نحمد الله على متانة الاقتصاد السعودي رغم الهزات والمتغيرات المحيطة بنا وما زال التفاؤل والحيطة توجه مسارنا حتى نجنب مكتسبات الوطن اي انعكاسات سلبية محتملة.
إنني لست بصدد حصر كل ما قامت به الدولة او تنوي القيام به من اجل التغلب على التحديات الاقتصادية الراهنة والمستقبلية ولكني اردت فقط ان اذكر بعض الامثلة التي من شأنها ان تؤكد للجميع ان مما يشغل دولتكم هو ان يستطيع الانسان السعودي مواصلة مسيرته في البناء والتشييد من اجل تحقيق الرفاهية المطلوبة له وللاجيال القادمة تلك الاجيال التي تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية رسم المستقبل الافضل لها بتوفيق الله وعونه.
اننا ملتزمون امام مواطنينا بأن نوصل اليهم في مختلف مناطقهم مختلف الخدمات وقد وجهنا ونوجه جميع المسؤولين في الحكومة بضرورة الوقوف على احتياجات ومتطلبات المواطنين في جميع المناطق والمحافظات والمراكز فالرغبة الدائبة لنا ولكافة المسؤولين في هذه الدولة هي الوصول بتلك المناطق الى أعلى مدارج التقدم والازدهار.
إننا ملتزمون امام الشباب على وجه الخصوص بتأمين فرص العمل لهم في القطاع الحكومي وفي القطاع الخاص ولهذا فقد اكدنا دائما على تدريب الشباب واعادة تأهيلهم بإعطائهم دورات متخصصة عن طريق مختلف الوزارات والقطاعات الحكومية ذات الصلة كذلك المؤسسات والشركات الاهلية والغرف الصناعية والتجارية وغيرها, كما وجهنا دائما بتشجيع الشباب على الالتحاق بالتخصصات التي تتفق مع حاجات التنمية والمجتمع، ولقد جاء انشاء وزارة جديدة للخدمة المدنية لتكون اداة فاعلة لرفع كفاءة الاداء في الوظيفة العامة وتطوير الخدمة المدنية واعادة تنظيم الفرص الوظيفية.
وهنا نعود فنؤكد على دور القطاع الخاص في الاسهام في استيعاب الخريجين من الشباب فالعناية باستيعاب الخريجين هي مسئولية وطنية نجزم بأن قطاعنا الاهلي يدرك اهميتها ويدرك شرف الالتزام بها مشيرين بارتياح الى مجمل الاجراءات والندوات والمؤتمرات والحملات التي قامت بها الاجهزة الحكومية مؤخرا لتشجيع احلال السعوديين في الوظائف العامة والاهلية.
ان من سياسات الدولة التوسع في مجال اعداد الاجيال وتهيئتهم لخدمة بلادهم واول ما يتحقق هذا الامر عن طريق التعليم فنحن ماضون في التوسع في مجال التعليم والاهتمام به انطلاقا من قناعتنا بأن ابناء هذا الوطن هم الركيزة الاساس لنموها الاقتصادي ولاجتماعي وان المتتبع لمسيرة التعليم يلحظ تسارع الخطى والمتغيرات في معدلات النمو المتحققة للتعليم العالي وانه مما اسعدنا غاية السعادة ما تحقق في العام المنصرم من اضافة صرح جديد الى بناء التعليم العالي في بلادنا وهو ما تمثل في دمج فرعي جامعة الملك سعود وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في ابها واطلاق اسم الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - على الجامعة الوليدة.
ان ما تحقق لبلادنا من نهضة شاملة في المجالات التعليمية والصحية والصناعية والزراعية وقطاع المواصلات والاتصالات وتحلية المياه وبناء العشرات من السدود وغيرها ما كان ليتم لو لا توفيق الله عز وجل ثم العمل ليل نهار بسواعد ابناء الوطن الذين اعدتهم الدولة عن طريق البناء السليم والاستثمار الامثل لقدراتهم وامكاناتهم ونود ان نشير بكثير من الاهتمام الى الخطوط العريضة التي وضعت للمحافظة على المياه وترشيد استهلاكها وكانت ثمرة تعاون مجلس الوزراء ومجلس الشورى خلال العام لمنصرم مؤكدين في الوقت نفسه على اهمية دور المواطن والمقيم في تنفيذ تلك الاهداف سواء في مجال مياه الشرب او مياه الري الزراعي.
واننا لنعلم جميعا ان تحقيق كل تلك المنجزات لا يمثل كل ما هو مطلوب منا كمواطنين تجاهها بل ان علينا ايضا الحفاظ الامثل على تلك المنجزات والمكتسبات وذلك من حيث العناية بها وحمايتها من العبث مهما كان نوعه وان مسؤولية امن تلك المنجزات هي مسؤولية كل مواطن ينتمي الى هذه الارض وهي في الوقت نفسه مسؤولية كل مقيم وجد من اهل هذه البلاد الترحيب والاكرام وواجب الاحترام.
أيها الاخوة
إن بلادنا بحكم موقعها المميز في محيطها العربي والاسلامي تدرك المسؤوليات الملقاة على عاتقها تجاه محيطها كما تدرك الدور الكبير الذي ينتظر ان تلعبه دائما تجاه القضايا والمشكلات التي تواجه امتها فهي لم تغفل قط عن هذه الحقيقة بل انها ما برحت تجعلها دائما نصب عينيها في كل ما تقوله او تفعله ولهذا فقد ظلت سياستها في هذا المضمار سياسة ثابتة وراسخة وهي تعتمد على التشاور المستمر مع اشقائها واصدقائها في العالم حول الظروف الراهنة والمستجدة ويتم ذلك عبر لقاءاتنا المتواصلة مع قادة العالم وزعمائه سواء من يجيء منهم الى بلادنا او من التقاهم سمو ولي العهد اخي الامير عبدالله بن عبدالعزيز في جولاته الدولية الموفقة.
وان من اهم ما يتم بحثه مع الزعماء العرب السبل الكفيلة بتدعيم وتعزيز مسيرة التضامن العربي ومن ثم الحرص على لم الشمل العربي وتفعيل فكرة العمل العربي المشترك والحفاظ على مصالح الامة العليا.
ولقد اكدنا للاخوة الفلسطينيين في لقاءاتنا معهم موقف المملكة الثابت مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة مشددين على ضرورة ان يطبق الجانب الاسرائيلي قرارات الشرعية الدولية حتى تتحقق اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وقد اعتبرنا ان قرار الامم المتحدة في العام المنصرم برفع مستوى التمثيل الفلسطيني في المنظمة الدولية انجازا مهما علىالطريق الصحيح نحو الاقرار للدولة الفلسطينية كعضو له كامل العضوية في الامم المتحدة.
ولقد ابدينا دائما قلقنا تجاه المسيرة المتعثرة لعملية السلام في المنطقة ودعينا دائما الى تحريكها وفقا لما اتفق عليه في مدريد واوسلو وواشنطن وهي الاتفاقيات المبنية على قرارات مجلس الامن 242 و338و 425 ومبدأ الارض مقابل السلام كل ذلك يعني ايضا ضرورة استئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني وقد دعونا دائما المجتمع الدولي ومنه راعيا عملية السلام وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الامريكية الى بذل اقصى الجهود لدفع عملية السلام والى العمل بكل قوة للحد من الغطرسة الاسرائيلية المؤدية دائما الى تعنت مقيت لم يكن من شأنه غير الانذار المستمر بانهيار مشروع السلام بكامله.
ففي الوقت الذي كان العالم ينتظر فيه من الاسرائيليين ان يدعموا جهود السلام وان يغتنموا الظروف المواتية لذلك وفق ماكانوا يتظاهرون به دائما لدى الرأي العام العالمي فقد ظهروا على خلاف ذلك إذ ظلوا يضعون العراقيل تلو العراقيل من اجل احباط كل مايبذل من جهود، هذا فضلا عن مواصلة اعتداءاتهم المتكررة علىلبنان والتي تسببت في قتل الابرياء من المدنيين والاطفال والنساء والشيوخ وهم لم يتورعوا قط عن توجيه التهديدات الى لبنان وبخاصة البقاع الغربي ومنطقة الشريط الحدودي المحتل.
لقد ناشدنا دائما المجتمع الدولي للعمل علىايقاف العبث الاسرائيلي في مدينة القدس وشددنا على ضرورة الابقاء على الوضع القانوني والديموغرافي للمدينة لأن تغيير الهوية او توسيع حدود المدينة وتوسيع سلطات بلديتها لن ينفي او يلغي باي حال حق العرب والمسلمين في المدينة المقدسة بل ان ذلك التغيير باطل وهو يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية ويعتبر خرقا لأسس السلام في الشرق الاوسط بل إنه يعتبر تهديدا للامن والسلام الدوليين.
أيها الاخوة.
ومن نافلة القول ان نؤكد ان المملكة تدعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وهيئة الامم المتحدة وكل مايضمن تنفيذ القرارات الدولية ويخدم العدل والسلام ويحقق الامن والرخاء والاستقرار لجميع شعوب العالم.
وان العالم الاسلامي قد حفل خلال العام المنصرم بتحديات واضحة للسلام الذي ننشده فمن الموقف المتوتر بين الهند وباكستان الى النزاع بين بعض الدول الاسلامية ان هذه البؤر الساخنة والمنذرة بدفع المزيد من قدرات الامة الى المخاطر كانت تثير قلقنا في المملكة وقد ظلت بلادنا تدعو الى ضبط النفس والى الحوار والتفاهم وتحكيم العقل وتغليب المصلحة ومراعاة حقوق الجوار والروابط المشتركة وان مما يهمنا كثيرا تعزيز الاستقرار في منطقتنا وان تحل دائما جميع المشكلات بالطرق السلمية على اساس من العدل والمصداقية.
ان سياسة بلادنا واضحة في هذا المجال فالمملكة تعمل بالطرق المباشرة او من خلال دورها في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي علىتمتين وحدة الصف العربي والاسلامي وتعزيز أواصر الاخوة وتوطيد دعائم الامن والاستقرار في الدول العربية والاسلامية معا.
ان تحقيق السلام في منطقتنا امر يهمنا كما قلنا سابقا لانه يحقق الرفاه لشعوبنا وان السلام في كل بقعة من بقاع هذا العالم هو ايضا امر يهمنا ويعنينا لانه من وجهة نظر انسانية بحتة سيضمن للابرياء من شعوب الارض الامن والاستقرار الضروريين لأي عيش كريم ولهذا فقد ظل موقف المملكة العربية السعودية الثابت والمعروف هو الدعوة الى السلام في كل مكان وهذا يستدعي بالضرورة الدعوة إلى حظر انتشار اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الاسلحة النووية وفي هذا الاتجاه فإن الجميع يتذكرون باننا أبدينا قلقنا حيال التفجيرات النووية واعتبرنا ذلك امرا يؤثر سلبا على الامن والاستقرار الدوليين وعلى الجهود الرامية الى ايجاد مناطق خالية من الاسلحة النووية فضلا عن كون ذلك يمثل خطرا وتهديدا لكافة الدول المجاورة.
ايها الاخوة ان مأساة شعب كوسوفا المسلم لم تغب عن بالنا في هذه البلاد ونحن نعتبر ان مايحدث هناك هو واحد من الامتحانات الشديدة التي تمر بها امتنا المسلمة وقد سبق هذا الامتحان بقليل امتحان المسلمين الابرياء في البوسنة.
|