 * تحليل اخباري- اعداد محرر الشئون الدولية:
يتوقف نجاح الاتفاق الذي توصل اليه الرئيس الامريكي بيل كلينتون مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف خلال محادثاتهما في واشنطن قبل يومين حول اتخاذ خطوات ملموسة لاستعادة خط التماس في كشمير,, يتوقف نجاحه على مدى استعداد الهند للتجاوب مع هذا الاتفاق اذا كانت ترغب بالفعل في انهاء النزاع في الاقليم,, ويرى المراقبون ان هذا الاتفاق لن يرى النور الا اذا تدخلت الولايات المتحدة بقوة لدفع الجانبين الهندي والباكستاني الى المحادثات المباشرة ووصولها الى حل سلمي للصراع بينهما في الاقليم.
ولكن ومن خلال البيان الذي صدر في ختام مباحثات كلينتون ونواز شريف يلمس كل مراقب ضعف الموقف الامريكي الذي اكتفى بالاشارة الى الاتفاق والتأكيد على ان كلينتون سيولي اهتمامه شخصيا بتشجيع استئناف المحادثات الثنائية بسرعة وتكثيفها فور استعادة حرمة خط التماس بشكل كامل,, الا ان البيان لم يشر الى الكيفية التي سيتم من خلالها استعادة خط التماس لان هذا الامر يتطلب قرارات حازمة وحاسمة بالضغط على الجانب الهندي لقبول الجلوس الى مائدة المفاوضات والبحث عن حلول الصراع بالطرق الدبلوماسية تجنبا لحرب رابعة بين الجانبين تقضي على مقدراتهما ومكتسباتهما وتعرض المنطقة للخطر.
الرئيس الامريكي لم يكن هو المبادر لدعوة رئيس وزراء الباكستان الى واشنطن للبحث في ازمة كشمير بل ان الاخير -رئيس وزراء باكستان- هو الذي طلب من كلينتون خلال محادثة هاتفية بينهما يوم السبت الماضي بان يبحثا سويا المشكلة وصولا الى خطوات تسهم في حل النزاع سلميا,, وهذا يعني ان واشنطن لن تضغط بالقدر المطلوب على الجانب الهندي للتخلي عن مواقفه المتصلبة بشأن الازمة خاصة ان الادارة الامريكية تميل بعض الشيء الى جانب الهند وهذا يتضح من محاولات الضغط التي يقوم بها الرئيس الامريكي على اسلام اباد من اجل سحب من تزعم الهند انهم متسللون مسلحون من الجانب الباكستاني الى قطاع كارجيل باقليم كشمير,, وهو ما ترفضه الباكستان وتصر على ان من تسميهم الهند بأنهم متسللون هم مجاهدون كشميريون يسعون الى الحرية.
ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي ذهب الى واشنطن في مسعى لاستمالة الادارة الامريكية واقناعها بعدالة الموقف الباكستاني يقف الآن في موقف صعب للغاية وليس امامه حسب المراقبين سوى امرين لا ثالث لهما : اما الامتثال للضغوط الامريكية وسحب المجاهدين الكشميريين من كارجيل,, وهذا القرار ستكون له عواقب وخيمة من بينها انهيار الروح المعنوية لباكستان بأكملها على المستويين الشعبي والعسكري فضلا عن الخسارة السياسية التي سيتلقاها هو وحزبه الذي يتزعمه -حزب الرابطة الاسلامية- مما يعرضه الى فقدان منصبه,,ومن بين العواقب المترتبة على هذا الخيار ايضا تأثر موقف المجاهدين الكشميريين داخل جامو وكشمير فضلا عن التوقف عن اثارة اي مواقف حول قضية كشمير لسنوات طويلة رغم استمرار الحوار حولها لاكثر من خمسين سنة.
الخيار الثاني: هو الاستمرار في رفض الامتثال للضغوط الامريكية والدولية ومواصلة دعم المجاهدين الكشميريين في السيطرة على مرتفعات كارجيل وهذا يعني اتساع نطاق الاعمال العسكرية بين الباكستان والهند ولا يعلم خطورتها وخسائرها الا الله عز وجل.
وفي حال اختار نواز شريف هذا الخيار فان اندلاع حرب بين بلاده والهند يتوقف على عدة عوامل اهمها مدى صمود الباكستان في الحرب وهل امكانياتها الاقتصادية والعسكرية واوضاعها السياسية تسمح بذلك,, فمن المعروف ان الباكستان تعاني من مشكلات اقتصادية خطيرة فضلا عن تفوق الهند عليها في امتلاك الاسلحة الثقيلة.
وحسب مصادر مطلعة فان مخاوف باكستان تكمن ايضا في احتمال توجيه الهند ضربة قوية لمنطقة صناعية حدودية رئيسية في باكستان والتي قد تعرقل المسار الصناعي في باكستان لسنوات طويلة فضلا عن ذلك فان اسلام اباد في هذه الحالة لن يكون امامها الا اللجوء الى الخيار النووي وهو ما المحت اليه بالفعل مؤخرا على لسان وزير الشؤون الدينية محمد راجا ظفر الحق.
ويضاف الى ذلك تزايد العزلة السياسية التي تشعر بها باكستان واستمرار الانتقادات الدولية.
وطبقا لما ذكرته مصادر باكستانية فان ما تأمل فيه اسلام اباد هو ان تنجح في اقناع واشنطن بأن تعمل على الحصول على ضمانات قوية من الهند بالدخول في مفاوضات جادة معها حول قضية كشمير بأسرها مقابل ممارستها ضغوطا على المجاهدين للانسحاب من كارجيل.
غير ان حركات المجاهدين الكشميريين اكدت مرارا انها لن تقبل الانسحاب من كارجيل تحت اي ظرف من الظروف وفي نفس الوقت فان الولايات المتحدة اكدت انها لن تلعب اي دور وساطة بين الهند وباكستان وان موقفها حيال مرتفعات كارجيل واضح ويتمثل في ضرورة ان تسحب باكستان المتسللين منها,الهند من جانبها ترى انها في الجانب الصحيح وتستند في ذلك الى تأييد العديد من الدول لوجهة نظرها فيما يتصل بالنزاع في اقليم كشمير وحملت دوما اسلام اباد مسؤولية تصاعد التوتر الحدودي بينهما، وسعت الهند الى اقناع العديد من الدول بعدم بيع الباكستان اسلحة بما فيها الطائرات الحربية حيث بذلت جهودا دبلوماسية لاقناع فرنسا بعدم تسليم الباكستان ثماني طائرات حربية من طراز ميراج- 3 كان من المقرر تسليمها لاسلام اباد خلال الايام القليلة القادمة بموجب عقد موقع بين البلدين العام الماضي.
وذكرت مصادر الخارجية الهندية ان نيودلهي تعتزم الاعتراض على مشروع قرض مقترح من صندوق النقد الدولي لباكستان في وقت لاحق من الشهر الحالي قيمته مائة مليون دولار على الرغم من ان كلا من الهند وباكستان كانت تدلي بصوتها لصالح الدولة الاخرى بشكل تقليدي في مشروعات الاقراض بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كما ستسعى الهند الى اقناع الدول الاخرى بالاعتراض على هذا القرض وذلك في اطار المساعي الهندية لزيادة الضغوط على اسلام اباد لانهاء عملية التسلل.
واضافت المصادر ان الهند تعتزم ايضا تقديم شكوى ضد باكستان امام محكمة العدل الدولية باعتبارها مسوؤلة عن دفع المتسللين الى الجانب الهندي من كشمير وانتهاك خط السيطرة الحدودي واحتلال اراض هندية وبذلك يمكن محاكمة المسؤولين الباكستانيين الذين اتخذوا قرار عملية التسلل.
وفيما يتعلق بالاوضاع في باكستان قالت المصادر ان عدم قيام باكستان حتى الآن بأية خطوة تدل على اعتزامها الانسحاب من كارجيل برغم الضغوط الدولية المتزايدة يرجع الى خلافات بين رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف والجيش حول مسألة الانسحاب الامر الذي يبين ان نواز شريف يخشى معه من قيام الجيش بانقلاب ضده لو مضى قدما في عملية الانسحاب,واوضحت ان الدول الغربية لا تريد انهاء النظام الديموقراطي الحالي في اسلام اباد بسيطرة الجيش على الحكم كما ان الهند بدورها لا تريد سيطرة العسكريين على الحكم في اسلام اباد لان ذلك يعني انهاء عملية لاهور التي دشنها رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجباي في فبراير الماضي لتطبيع العلاقات بين البلدين.
ومن ناحية اخرى اعلن وزير الدفاع الهندي جورج فيرنانديز ان القوات المسلحة الهندية ستشن هجمات ضارية خلال الاسبوع القادم لاستعادة ثلاثة او اربعة مواقع قمم جبلية رئيسية في قطاع كارجيل من سيطرة المتسللين وتوقع انهاء عملية التسلل قريبا بخروج المتسللين من المواقع الهندية سواء احياء او موتى,
|