Tuesday 6th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 22 ربيع الاول


معادلة في الإنصاف بين الوالد وولده

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
حياة الاسر مليئة بالمواقف,, بشتى صورها واشكالها والوانها وانواعها,, ففيها واجبات والتزامات ومستحبات وتنازلات وتضحيات ومحظورات ومحرمات وذلك حسب ما تقتضيه الاوامر الشرعية او ما تمليه العادات والتقاليد الاجتماعية مما لا يخالف الشرع منها.
ومع تباين افراد الاسر واختلافاتهم,, فأهم ما تبنى عليه الاسرة: الوالدان والابناء, وكل منهم عليه حقوق وله على الآخر حقوق,, فحقوق الوالدين على الابناء معروفة بما يستوجبه البر بهما، والابتعاد عن عقوقهما، والحرص على الاحسان اليهما,, ومسؤولية الوالدين تجاه ابنائهما مطلوبة بالاهتمام بتربيتهم، وتنشئتهم تنشئة حسنة قائمة على الصلاح والتقى والعدل في كل , وعلى كل ، فتعامل الوالدين مع أبنائهم وتعامل الابناء مع والديهم مقيد بعاطفة داخلية، ومدرج بانتماء اصيل ثابت، ومسرج بالحب والعطف والحنان والشفقة والرحمة.
ولكن قد تشذ حالة فيصيب تلك المعاملة بعض الخلل او القصور او التقصير,, وقد تكون غالبا بدون قصد سواء من الوالدين او من الابناء.
وسأتناول بعض الحالات التي تصدر من الطرفين تجاه الاخر رغبة في الوصول الى الاحسن واستنارة بالآراء والطروحات.
فأقول هناك حالات قد تشذ عن القاعدة والاساس في التعاملات بين الوالدين مع ابنائهم او العكس، فاليك بعض الحالات فيما يخص معاملة الوالدين للابناء.
1 - قد يخرج الابناء من المنزل للسكن مع زوجاتهم في منزل خاص بهم بعيدا عن الوالدين فيبقى احد الابناء عند والديه ايناسا لهما وادخالا للسرور عليهما,, مع ذلك فان كيل المديح والثناء والاطراء لأولئك الخارجين واما من بقي عند والديه يقوم بحاجتهما ويقف بين يديهما ليلبي مطالبهما فانه لا يجد ما يجده إخوانه,,!!
2 - يعمل الابناء في خدمة ابيهم في شتى مناحي الحياة من قيام بأمره او مساعدة له في اعماله والاستعداد لقضاء حوائجه ومع ذلك فان الاطراء يخصص للبعض دون الاخر مع ان من لم يمدح قد يعمل احسن ممن مدح او اكثر منه ومع ذلك فلم يلاقوا من الشكر مثل ما لاقى الاخرون.
2 - ام يخرج ابناؤها بزوجاتهم ليسكنوا بعيدا عنها ويبقى بعضهم عندها في البيت ومع ذلك يكال المديح والثناء لزوجات الابناء البعيدين ويذكرن باوصافهن الحميدة ويبالغ في مدحهن,, اما زوجات من سكن عندها وسعين في خدمتها وارضائها لاتكاد تسمع كلمة ثناء بهن,, ولو ذهبت احداهن يوما او نحوه لزيارة اهلها لقامت الدنيا وما قعدت فاين الانصاف والعدل,,؟!
تلك بعض المواقف التي قد تقف حجر عثرة في استمرار الابن في القيام بما يجب عليه نحو والديه,, او قد تقلل من جهده نحوهما لما يراه من اثار عكسية نحوه فهو يقدم اكثر ومع ذلك لا يلاقي في المعاملة ما يلاقيه غيره اقل منه تقديما واقل منه برا.
واما ما يخص الطرف الآخر من معاملة وهي معاملة بعض الابناءلابويهم واليك بعض الحالات.
1 - شاب قد يفضل اصدقاءه على ابويه وخذ بعض الامثلة عن هذه الحالة:
أ - يريد الابن ان يخرج مع رفاقه في طلعة برية او رحلة سياحية فلا يستأذن والديه ولا يسألهما عن رغبتهما في بقائه او ذهابه مع انهما في امس الحاجة اليه.
ب - ابن يقدم خدماته للاصدقاء بكل رحابة صدر، ويتذمر من البقاء مع والديه عندما يطلبان منه حاجة اويقضيها لهما.
ج - ابن وديع مطيع لكل صديق يخفض صوته ولا يرفع بصره,, ولكنه مع والديه مختلف تماما يدخل مقطبا ويخرج متأففا,,!!.
2 - ابن قد يفضل زوجته على امه ولهذه الحالة امثلة كثيرة اليك بعضا منها:
أ - يعطي زوجته كل شيء تطلبه سواء احتاجت اليه ام لم تحتج له,, ويحرم امه من اشياء هي بعض حاجتها.
ب - يرفه زوجته ويكثر الخروج بها منزها ومسليا,, ويترك امه في البيت لا يذهب بها معه ولا حتى يقوم بايصالها لزيارة او نحوها.
ج - ومن الابناء من يقدم طلبات زوجته على طلبات امه وقد يغفلها تماما.
د - ومن الابناء من يكثر الجلوس مع زوجته,, ومع ذلك يقلل الجلوس عند امه وقد لا يجلس معها فلا تراه الا واقفا او ما شيا او جالسا على جمر, فأين الانصاف؟! واين البر؟!
ايها الاخوة: تلك حالات تقع في حياة الاسر وهناك حالات غيرها كثيرة تدل على عدم الانصاف,, وتطفيف في الميزان!!
فيا أيها الآباء ويا أيتها الامهات ان كنتم تريدون ابناءكم في البر سواء فعاملوهم بالعدل فيما بينهم.
ويا أيها الآباء والامهات ان خير الآباء من اعان ابناءه على بره، وان خير الامهات من اعانت ابناءها على برها,, والعدل والانصاف في معاملة الابناء من الاعانة على البر.
أما انتم ايها الابناء فمهما لاقيتم من ابويكم فلا يسوغ لكم عقوقهما,, بل ينبغي الحرص على برهما والاحسان اليهما والصبر على اذاهما ومحاولة تبرير ما يصدر منهما من تقصير,, فحق الوالدين على الابناء عظيم وكبير لذا قرنه الله تعالى بعبادته في قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا) النساء 36 .
وقوله تعالى: (وقضى ربك الا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا,,) الاسراء 23 .
ومهما قدم الابناء وعملوا من أعمال بر ,, فلن يوفوا لأبويهم حقهما لقوله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والدا الا ان يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه رواه مسلم.
وفي الختام ايها الابناء غضوا الطرف عن هفوات الوالدين وتفضيلهما لاحد الابناء على الآخر فمع ان هذا الامر مسؤوليتهما الا انه ليس من مسؤوليتكم أيها الابناء,, ولكن قدموا لهما النصح بلباقة وحسن عبارة واهتموا بما يجب عليكم نحوهما وصابروا على ذلك ,, احي والداك ,, ففيهما فجاهد .
عبدالمحسن المنيع
الزلفي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved