عندما يتحدث شخص مثل سلطان بن فهد حديثا محدداً لفئة محددة لمناسبة محددة الينا,, فانما يتحدث من منطلقين:
الاول: بصفته مواطنا منتميا لهذا البلد المعطاء فرضت عليه روح المواطنة هذه وضوحاً في الرؤية ومنهجية في التحدث,, واذا ما اضفنا لهذا كله بعد النظر لدى سموه المبني على دراية بالامور مكتسبة من عوامل عدة يصبح هذا الحديث نابعاً من القلب ومحاطا بالصدق في القول والسلامة في التوجه.
الثاني: كونه مسئولاً قياديا في اكثر القطاعات اهمية (قطاع الشباب والرياضة) مما يعني قربه من موقع القرار,, فان هذه المسئولية تضفي عليه مسئولية اخرى ذاتية في تحديد الاطر والاهداف للخطوات التنفيذية والمستقبلية المبنية على ملامسة الواقع والتعامل معه مما يضمن نجاح هذه الخطط وتحقيقها للاهداف التي وجدت من اجلها.
وعندما يتحدث صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز نائب الرئيس العام لرعاية الشباب ونائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم من خلال تلك المنطلقات فانما هو في الواقع يسير على نهج واضح ومحدد رسمه وأرسى قواعده صاحب السموالملكي الامير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اتحاد كرة القدم منذ ان تسنم سدة القيادة في رعاية الشباب والاتحاد.
نهج يعتمد الوضوح في الرؤية والتعامل مع الاحداث بلغة المنطق,, وحقيقة الواقع.
هذه مقدمة وجدت انه لابد من ذكرها، وقد تداعت الى فكري وأنا اقرأ تصريح او توجيه - وهذا هو الاصح - سمو الامير سلطان للاعبي المنتخب وكلماته لهم قبيل مغادرتهم لإقامة معسكر تدريبي في الولايات المتحدة الامريكية تمهيدا لمشاركتهم في بطولة العالم للقارات على كأس الملك فهد التي تستضيفها المكسيك خلال الاسابيع القادمة.
لن ادخل في تفاصيل حديث سموه الشامل وتفصيلاته ولكنني اركز هنا على جزئية بسيطة تلك التي اكد فيها سموه على عدم مطالبة لاعبي المنتخب بتحقيق البطولة,, او التأهل للادوار النهائية بقدر مطالبته لهم بتقديم مستوى مشرف يليق بسمعة ومكانة الكرة السعودية في هذا المحفل العالمي الذي تفخر المملكة ممثلة في الاتحاد السعودي لكرة القدم برئاسة الامير فيصل بن فهد انها مصدر الفكرة ومنبعها,, وبداية تنفيذها.
والذي يجب ان ندركه جميعا على مختلف فئاتنا وتوجهاتنا ان ذلك التوجيه او الحديث لم يكن المعني به افراد المنتخب دون سواهم والا لأمكن احاطته بالسرية او على الاقل كان بعيدا عن اعين الاعلام,, ووسائل النشر,, لكنه في نظري يحمل رسالة اخرى اكثر اهمية للجميع من جماهير رياضية,, وايضا وهذا هو الاكثر اهمية للاعبين انفسهم خصوصا الصحافة الرياضية في كيفية التعامل مع الاحداث برؤية واضحة ومنطقية.
ولعله من غريب الصدف اوعجائبها ان يتزامن نشر تصريح سموه مع موضوع كتبه احد القراء في احدى الصحف وبنفس العدد الذي تم نشر تصريح سموه فيه,, يتساءل فيه عن الحظ ولماذا يعاند منتخب المملكة في بطولة القارات؟! وقد تم ابراز الموضوع بعنوان واضح ولافت للنظر، وكأني بالمحرر المسئول لم يدرك فحوى تصريح سمو الامير سلطان وابعاده.
لقد كانت مشكلتنا كمسئولين وتحديدا بعضهم,, هو عدم تقييمنا لأنفسنا اولاً وللآخر ثانيا تقويما واقعيا مبنيا على اسس واضحة عند المشاركة في البطولات والدورات خاصة العلمية منها، وهذا ما غذاه الاعلام وساهم في تنميته بشكل كبير مما انعكس بأثره على الجماهير انفسهم,, او المجتمع بصورة عامة,, في نظرته لمنتخباتنا الرياضية وتقويمه لمشاركاتها,, لذلك دائما ما تكون ردة الفعل على النتائج في هذه المشاركة او تلك سلبية وغير منطقية لأنها لا تتناسب مع الموقع الذي وضعنا انفسنا فيه قبل المشاركة,, وهو موقع لم يكن مبنيا على نظرة واقعية وكما هو معروف في قانون الطبيعة,, ان لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه .
تلك الرؤية مبنية في نظري وللاسف على احد امرين:
الاول: اما رغبة في الوصول لهدف معين من خلال مجاراة لواقع معين - كما يعتقد البعض - وهو افتراض خاطىء.
الثاني: او عدم قدرة في تقويم الامور ووضعها في موضعها الصحيح والتعامل معها من هذا المنطلق.
وكلا الامرين خاطىء,, ولهذا نلحظ ردود الفعل على بعض المشاركات,, والتقلبات التي تحدث لدى بعض الصحف,, وبعض فئات المجتمع,, بمجرد انتهاء الحدث وظهور النتائج بصورة غير متوقعة وان كانت تعبر عن المستوى الحقيقي والمقبول,, نتيجة الوضع المسبق الذي صوره هذا المسئول,, او ذلك الاعلام وعزف عليه.
وعندما اتحدث عن هذه الاشكالية فانني اؤكد ان هذا لا يعني ان ننظر لأنفسنا بدونية مقارنة بالآخرين,, بقدر ما ننظر لأنفسنا بعين واضحة,, وواقعية يحدوها امل وطموح يتناسب مع المشاركة ويحدده الهدف منها.
ان نظرتنا لبطولة الخليج ,,وموقعنا منها يختلف عن بطولة العرب يختلف عن بطولة آسيا يختلف عن كأس العالم,, وعن بطولة القارات.
وهي نظرة لا تختلف سواء كان المعني ناديا,, او منتخبا.
وسواء كان على مستوى الناشئين او الشباب او الاولمبي او المنتخب الاول.
ثمة بطولات تجاوزناها,, واخرى يجب ان نحققها,, او بمعنى آخر نتفوق فيها,, وثالثة لنستفيد منها ولكل,, طموح وهدف محدد يختلف حسب البطولة وحجمها.
وحسبي ان سمو الامير سلطان بن فهد وهو يتحدث للاعبي المنتخب والذي اشرت اليه في بداية المقال,, انما اراد ان يركز على هذه النقاط دونما ان يشير اليها صراحة.
وحسبي ان سموه ايضا,, اراد من ذلك الحديث توجيه رسالة واضحة وصريحة لنا كمجتمع رياضي على وجه الخصوص ومجتمع سعودي على وجه العموم يتطلع الى مشاركة ايجابية لمنتخب بلاده تحفظ له قيمته ومكانته المكتسبة من قيمة ومكانة المملكة في المحافل الدولية.
ورسالة اكثر اهمية لنا كاعلاميين بالتعامل مع الاحداث,, والبطولات العالمية,, ومشاركة المنتخبات والاندية ايضا السعودية في هذه المحافل تعاملا واقعيا ومنطقيا حتى يصبح تقويمنا لهذه المشاركات تقويما سليما وصحيحا ينعكس بأثر ايجابي على تخطيطنا للمستقبل بما يضمن مشاركة ايجابية دائمة ومستمرة لرياضتنا السعودية في المحافل الدولية.
والايجابية في المشاركة ليست مشروطة بالنتائج في كل الاوقات.
والله من وراء القصد.
|