Friday 9th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 25 ربيع الاول


العولمة واقتصاد صناعة الترفيه !!

في ظل مايعتبر التحول الاوسع نطاقاً للعلوم الانسانية منذ احتلال النقد الادبي لموقع الصدارة قبل اكثر من نصف قرن، اصبحت الثقافة موضوعاً مهماً للاهتمام الاكاديمي,, وهو التحول الذي ساعد الدراسات الثقافيةعلى ان تبرز بوصفها فرعاً معرفياً جيداً، او علىكل حال باعتبارها مزيجاً جديداً بين عدة فروع معرفية.
فالاهتمام الاكاديمي بالثقافات ينتمي الى عملية اوسع تنتقل فيها تقنيات واجناس واعمال الثقافات وتتفاعل عبر الحدود الثقافية والقومية على نحو متزايد وقد يكون من المغري ان نسمى هذه العملية الاوسع بالعولمة.
فمنذ الثمانينات اصبح بعض المنتجات الثقافية رائجاً فعلاً علىالمستوى الكوني، فهي توزع وتمتع الناس في كل مكان.
يقول سيمون ديورينج: تتخذ العولمة الثقافية اشكالاً كثيرة ولها تأثيرات عديدة مختلفة فالتقنيات الثقافية والشبكات الانتاجية والتوزيعية العولمية قد ولدت المزيد من الاعمال المنتجة والمستهلكة محلياً، بدءاً من العروض الاخبارية حتى المسلسلات التلفزيونية من خلال المنتجات الثقافية المحلية المعولمة.
ان العلاقات بين انواع العولمة الثقافية المختلفة وكذلك الاشكال الاكثر محلية للانتاج الثقافي تتغير وتتفاعل باستمرار, وهو امر صحيح خاصة على اربعة مستويات: التمويل والقوانين الحكومية والتقنية وفتنة السوق بنجوم معينين.
ان العولمة الثقافية عنصر قوي، داخل مؤسسات العولمة (الاقتصادية، السياسية،,,).
ويمكن ان نقدم تمييزاً نسبياً بين العولمة الاقتصادية والمالية والثقافية.
فالعولمة الاقتصادية تشير الىاللامركزية عبر القومية للانتاج والخدمات في عملية يتم من خلالها تصدير عمالة القيمة المضافة المنخفضة من البلدان الغنية لايجاد تقسيم دولي للعمل, وهو مايؤثر بشكل مافي الانتاج الثقافي.
اما العولمة الثقافية، فمن اجل فهم شروط وجودها، فاننا نحتاج للقيم بالتفاتة اوسع تجاه اقتصادات صناعة التسلية، إذ الواقع ان الحقيقة الاكيدة في الاسواق الثقافية المعاصرة هي الدرجة التي يهيمن بها جهاز واحد عليها: هو جهاز التلفزيون.
حيث ان مشاهدةالتلفزيون لاتزال تسيطر على اوقات الفراغ في العالم اجمع كما ان التلفزيون اكثر من السينما - الموصول غالباً بجهاز الفيديو هو التقنية الدافعة لعملية العولمة المعاصرة للمنتجات السمعمرئية.
ومن المهم أن ندرك ان برامج التلفزيون اقل عولمة من صناعة اجهزته, كما ان تدفق الصادرات بالتأكيد لايتم بالتماثل، واوضح الامثلة في هذا المجال ماتبثه القنوات الفضائية.
ومع انه لايمكن اعتبار العولمة الثقافية عدواً للثقافة المحلية، ومع ان المنتج الاجنبي قد يلقى المقاومة، الا ان عولمة اجهزة الفيديو المنزلية والبث المتزامن جغرافيا، وظهور النجوم العالميين، لاتزال تعمل جميعها علىاضعاف العديد من الثقافات الوطنية.
ولان صناعة سينما شعبية على المستوى الكوني نشاط تجاري ذو مخاطر جمة وذو تكلفة عالية، فان العولمة تجد ذاتها علىنحو اكثر فعالية في التمويل.
ان من المهم، استيعاب الاساسات المالية والاقتصادية والتقنية للعولمة الثقافية.
فالدراسات الثقافية تهتم اكثر بتلك الاسئلة التي تركّز على : كيف ستبدو الثقافة الكونية؟ وما آثارها؟ وما الرغبات التي ستشبعها؟!.
ان هذه التساؤلات تقاوم المستقر السهل، كما يصعب تخيل - بناء على ذلك - ثقافة عالمية موحدة في ظل سيطرة عوالم مستنيرة.
لذا، قيل ان العولمة الثقافية تحدث في واقع الامر علىمسار اكثر محدودية اي عبر صناعة الترفيه.
اذن : ماذا عن العولمة في علاقتها بالدراسات الثقافية؟!
يمكن القول ان العولمة بوجه عام تزيد من الاهمية الاقتصادية النسبية للانتاج الثقافي في بلدان العالم المتقدم وان الدراسات الثقافية هي انعكاس اكاديمي لهذه العملية.
وبتعبيرات الاقتصاد السياسي الاكثر دقة، تصبح الصناعات الثقافية محورية لاقتصادات المركز فقط، لان العمالة ذات القيمة المضافة المنخفضة تصدر للخارج وهي عملية قد تتعرض لبعض التشويه.
وفي ظل هذا الوضع تقوم الصناعات الثقافية بنشر حملات تسويق دائمة واستراتيجيات رقابة ترمي الى تقليل المخاطر الى حدها الأدنى.
وفضلاً عن ذلك، فإنه داخل اسواق اوقات الفراغ التنافسية حيث الامم المصدرة للثقافة، تتدفق كمية هائلة من المعلومات والكتابات، لكي توجه وتتوقع الخيارات الاستهلاكية المحلية، ليس فقط فيما يتعلق بالإعلان، وإنما ايضاً ببحوث التسويق والمراجعات والكتابات الترويجية.
ومن ثم، تصبح العبارة الشائعة إن العولمة تعمل علىتوسيع نطاق اسواق اوقات الفراغ.
وختاماً اقول ان مايمكن لهذا التاريخ ان يقدّمه هو ان يزودنا بمعلومات موثقة عن الكيفية التي ارتبطت بها صناعات الترفيه في السابق بجماهير الناس، وعلىالاقل بإشارة الىالعلاقات القائمة بين الصناعات الثقافية وأشكال العولمة المبكرة,.
د, زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الامام محمد بن سعود
عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية
عضو الجمعية السعودية للادارة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved