Friday 9th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 25 ربيع الاول


سيناريو شعبي
الشاعرة فتاة النعايم

الشاعرة فتاة النعايم التي كتبت عنها قبل فترة في هذه الزاوية من اكثر الشاعرات التي استباحت دموعي وبحرقة كافية لأن اعيد الكتابة عنها وذلك ليس لانها الشاعرة الفذة الوحيدة بل على العكس قد تكون ذات تجربة بسيطة وهي ايضا من اولئك القابعين بعالم الحب المفرط والشفافية العذراء التي لم تدنس بالمدنية وزحمة التشويش في ثناياها, الشاعرة عاشت طفولتها وشبابها في قرية تنام بهدوء في احدى مناطق القصيم الهادئة تعلمت كيف تحب بشرف وكيف تغازل الغيم والعصافير وتمنح الالفة والقوة كاي انثى اصيلة, ذكاؤها وحبها المفرط للشعر جعلها تحفظه بنهم غريب وكانت كثيرا ما تسترق السمع على مجلس والدها اذا اجتمع الشعراء فيه حيث كان والدها شاعرا وذا مكانة في قبيلته تنبه والدها وسمعها ذات مساء وهي تحدث صاحبتها عن قصيدة كتبتها وكانت عدة ابيات جميلة تصف والدها واخوانها وتفتخر بهم وما كان من والدها الا ان اخذ يرعد ويبرق عليها بوابل غضبه ان سمعها تقول شعرا ايا كان نوعه.
تقول الشاعرة (رحمها الله ووالدها) انني منذ ذلك الحين وانا ارتجف فقط لسماع قصيدة.
فتاة النعايم اثرت بي بالفعل لأنها ما ان علمت بمرضها وشعرت بأن ساعاتها معدودة حتى مارست ذلك الحب النائم في مكامن روحها التي شقيت بآلام المرض الخبيث وكانت كلما قالت قصيدة طارت فرحا كعصفورة في حقل ياسمين وليس مريضة أسيرة الابر والمحاليل الكيميائية كما حدثتني بذلك هي بنفسها قبل وفاتها اتصلت بي وطلبت ان انشر لها قصائد، وكنت سعيدة جدا وانا ادونها لها وارسلتها للجريدة وتأخر النشر لاسباب اقلقتني وانا اعلم كم هي متحمسة لأن تراها في الصحيفة وكانت فقط تريد يدا واحدة تصفق لها فهذا يكفي لأن تشعر بالقوة والسعادة, وما اصابني بالحزن ان قصائدها نشرت بعد وفاتها بيوم واحد فقط, وانا هنا اتساءل من حرم هذه الانسانة من الاستمتاع بابداعها عندما كانت على قيد الحياة هل هو الخوف عليها من لا شيء هل هو التسلط المرضي ام هي العادات الضاربة بالقسوة حد النهايات، ما اثار هذا الموضوع في خاطري ان هناك الكثير من الشاعرات اللواتي يعشن التجربة ذاتها ايضا, وقعت بيدي قصيدة الشاعر امل دنقل (الوردة) والتي اعادتني الى قصيدة فتاة النعايم الوردة وهو ما يسمى بالفعل توارد الخواطر رغم ان كليهما لا يعرف الآخر وكليهما لم يقرأ للآخر.
ومن الغريب بالموضوع ان الفكرة واحدة والمكان الذي نسجت به القصيدة واحد والمرض واحد والغاية التي كتبت لاجلها القصيدة هي نفسها في كلتا القصيدتين وسأترك لكم حرية الحكم وستلمسون كيف ان الانسان يبلغ درجات عالية من الشفافية عندما يقع فريسة المرض او الغربة.
يقول امل دنقل:
وسلال من الورد
ألمحها بين إغفاءة وافاقة
وعلى كل باقة
اسم حاملها في بطاقة
تتحدث لي الزهرات الجميلة
ان اعينها اتسعت - دهشة -
لحظة القطف
لحظة القصف
لحظة اعدامها في الخميلة
تتحدث لي انها سقطت من عرشها في البساتين
ثم افاقت على عرضها في زجاج الدكاكين
او بين ايدي المنادين حين اشترتها اليد المتفضلة العابرة
تتحدث لي كيف جاءت؟!
(واحزانها,, ترفع اعناقها الخضر
كي تتمنى لي العمر وهي تجود بأنفاسها الآخرة!!
كل باقة بين اغماءة وافاقة - تتنفس مثلي بالكاد ثانية,, ثانية
وعلى صدرها حملت,, راضية اسم قاتلها في بطاقة
وشاعرتنا فتاة النعايم تقول:
يا ورد لا تذبل وانا خاطري فيك
خلك معي في غرفة مستقلة
انسى الغصون اللي من العرق تسقيك
واقبل باسرك زي ماني قبلة
رد الكلام بهمس للي يحاكيك
جاوب مريض جاه بالدم علة
انته على اسمك ورد والناس تبغيك
كلن يبي له باقة مستقلة
والا البشر لطاب محد يراعيك
واللي مرض كثرت علية المحنة
فوزية الحربي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved