Friday 9th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 25 ربيع الاول


مدرسة شيردار بسمرقند

د, احمد الصاوي
سمرقند حاضرة الغازي الكبير تيمورلنك هي اليوم واحدة من اهم المدن التاريخية بجمهورية اوزبكستان بآسيا الوسطى, ويحق لهذه المدينة ان تفخر عن حق بما جاد عليها به الزمان من آثار الدول الاسلامية والتي نجت من الدمار الذي اطاح بعشرات من العمائر الاسلامية اما بسبب الحروب او من جراء الزلازل او نتيجة للاهمال والاعتداءات العمرانية في العصور الحديثة.
ويعد ميدان ريجستان بمثابة القلب في سمرقند القديمة اذ تحدق به عدة عمائر شهيرة لعل اهمها مدرسة اولوغ بيك ومدرسة تيلا قارى ومدرسة شيردار شيرت الاسد ودار= مالك او صاحب .
ومدرسة شيردار هي المدرسة الاسلامية الكبرى الثانية في سمرقند بعد مدرسة بي بي خانوم زوجة تيمورلنك وقد شرع في بنائها سنة 1619م على يد المهندس الاوزبكي عبدالجبار الذي ظل عاكفا على هذا العمل المعماري الضخم الى ان افتتحت للتدريس في عام 1636م, وهي مدرسة شاسعة لها مدخل معقود مهيب مكسو بالقاشاني المتعدد الالوان وقد نقش على كل جانب منه بالقاشاني صورة اسد ضخم علامة القوة والبأس، وعلى جانبي هذا الباب الداخلي مئذنتان شاهقتان لهما بدن اسطواني يستدق الى اعلى لينتهي بشرفة الاذان وقد كسيتا من الخارج ببلاطات من القاشاني ايضا وقد اعيد ترميم وتعديل وضع المئذنة الواقعة على يمين الداخل بعدما تعرضت لميل شديد كاد ان يودي بها وذلك اثناء العهد السوفيتي لاعتبارات سياحية وأثرية كما تمت اعادة المئذنة الثانية الى وضعها الشاقولي الصحيح باستخدام ثماني الات ضخمة من الروافع في عام 1957.
وقد حملت هذه المدرسة خلال القرن الحادي عشر للهجرة 17م مهمة الحفاظ على علوم الدين حيث كان يدرس بها مشاهير الاساتذة في بلاد التركستان كما قصدها ايضا عدد من المدرسين من اقطار اخرى ولاسيما من خراسان وبلاد اليمن.
ومما يؤسف له ما آل اليه حال مباني مدرسة شيردار اليوم من تهدم ولاسيما في الاجزاء الداخلية التي كانت تحوي قاعات الدرس ومساكن الطلاب والاساتذة وما يلحق بها من مرافق كدورات المياه والمخازن.
والحقيقة أن هذه المدرسة تضم بداخلها مدرسة اخرى اقدم وربما اوسع شهرة منها وهي مدرسة اولوغ بك ذلك الامير التيموري الذي لقي مصرعه على يد ابنه عبداللطيف، وكان ميرزا اولوغ بك مغرما بعلم الفلك وآلاته وقد بنى مرصدا وابتكر له آلة جديدة ودقيقة لتعيين ابعاد الاجرام السماوية وشيد هذه المدرسة بسمرقند لتدريس علم الفلك والرياضيات وذلك في عام 1412م، وظل العمل قائما فيها لمدة 11 سنة.
واذا كان مرصد اولوغ الشهير قد اطاح به زلزال مدمر في سنوات القرن الحادي عشر الهجري 16م ولم يتم العثور على الالة الا في اوائل القرن العشرين على يدي المستشرق الروسي كراتشكوفسكي، فان مدرسته قائمة الى اليوم بمناراتها الاربع الرشيقة والتي كسيت ببلاطات مزخرفة من القاشانى الذي تغلب عليه درجات اللونين الازرق والاخضر.
وكان ملحقا بهذه المدرسة ايضا مساكن للمدرسين والطلاب كما كان الدأب في المدارس الاسلامية.
وقد اختفت في الفترة التي دارت فيها رحى الحرب بين الاوزبك والجيش الروسي القيصري خلال القرن التاسع عشر الذخائر من الكتب النفيسة والنادرة والتي وفرها اولوغ بك لمكتبة هذه المدرسة وفيما يبدو أن تجار العاديات وجنرالات الجيش قد تنافسوا على سرقتها بغرض الاتجار فيها ولا يبعد ان تكون قد آلت موسوعاتها الكبرى ونوادر كتب الفلك والرياضة الى مكتبات ومتاحف بطرسبرج ولندن وباريس وبرلين حيث نلحظ بها كثرة من المخطوطات المنسوبه لأوزبكستان ومنها ماهو باللغات العربية والفارسية الى جانب الأوزبكية.
وعلى مقربة من مدرسة شيردار يقع مدفن جور امير الذي يضم رفات تيمورلنك وحفيده اولوغ بيك ووالده شاه رخ وعدد آخر من مدرسي تيمور فضلاعن ضريح القثم بن العباس رضي الله عنه وهو الذي استشهد على رأس جيش المسلمين عند فتح بلاد ما وراء النهر في سنة 57ه 677م وقد شيدت فوق قبره قبة تعود الى عام 777ه 1375م .
وهذه المدرسة وما حولها من عمائر تشق مآذنها وقبابها المزخرفة بالقاشاني عنا السماء تعد بمثابة الدليل الحي على عظمة الاسلام وحضارته في بلاد التركستان.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved