Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


ذرف
الشعر والحرب
فيصل اكرم

حرب الجبناء عادة ما تكون في الخفاء، ولان اسرائيل مكشوفة امامنا فقد ارادت ان تستر وجهها بالظلام قبل المواجهة هذا ما حدث في لبنان مساء الخميس 24 حزيران (يونيو) 1999 حيث كنت مع الصديق الشاعر الياس لحود في مكتب المحامي ناصيف قالوش، واذا بالكهرباء تنطفىء مرة واحدة ماذا حدث؟ اسرائيل ضربت محطة كهرباء الجمهور,, وماذا بعد طائرات تخترق الجدار الجوي وتحدث دويا رهيبا وطائرات تقذف الجسور والمحطات التي تشكل البنية الاساسية لدولة تستعيد انفاسها وجمالها، نيران تتصاعد من كل مكان، وسماء مشتعلة تماماً اختلط فيها الاحمرار الناجم عن مضادات الطائرات باللهب المتصاعد من ألسنة الحرائق والنار المقذوف من اعلى.
كان المنظر مثيرا جدا وكانت الاصوات اكثر اثارة ورعبا وكانت رغبتي في الخروج الى الشارع لا تقاوم لم اكن وحدي في الشارع كل الفتية والرجال كانوا في احسن حالاتهم وهم يراقبون ما يحدث, لم يلجأ الى المخابىء سوى بعض الاجانب القادمين من الغرب ولم ار خوفا على وجه عربي، كل الوجوه كانت تقول: اذا لم يكن لنا نصيب في ان نكون شهداء حرب فلا بأس اذن ان نموت ضحايا حرب مع عدو حقيقي، فهذه حرب حقيقية، وهذا عدو مغتصب محتل يضربك وانت غارق في الظلام، لو كان على الارض كان بوسعنا ان نفعل شيئا لكنه يختبىء وراء الغيوم!!
لست ادري كيف نسيت في تلك اللحظات كل ما قيل من شعر في مثل هذه الحالات ولم يكن في ذهني وعلى لساني غير شعر سميح القاسم: تقدموا,, تقدموا
كل ارض تحتكم جهنم,.
كل سماء فوقكم جهنم,.
وما اكاد أسكت، حتى يحضرني سميح مرة اخرى: احكي للعالم,, احكي له
بهذا اكون وقفت على نقطة مهمة كنت ارددها باصرار وهي ان الشعر الحقيقي هو الذي يحضر اليك في الاوقات التي تناسبه وقد يغيب عنك في الاوقات التي تناسبك انت للقراءة, وهكذا كان سميح القاسم بجملتين صغيرتين يجعلك تشعر انك لست وحدك وان الحرب قدر طالما انت عربي واسرائيل تحتل ارضا عربية فسميح القاسم: شاعر حقيقي
وسميح القاسم: شاعر حرب
هذا رأيي بعد هذه التجربة وليعذرني شعراء الدراسات النقدية!
28/6/1999م
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved