Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


على ضفاف الواقع
عندما تصبح السعادة,, غثياناً
غادة عبدالله الخضير

** ,,, ان اجمل ما في الوجود كله.
ان تصل الى لحظة الرضا الكامل عن ذاتك ,, ومن ثم تصل الى مرحلة (الوجود جميلا),,
ايها الرفيق.
انها كلمات تحمل روح من كتبتها,, واظنها الآن,, رغم كل الضغوط,, ترى الوجود جميلا ,, فلقد عرفت على الاقل,, ان مارد الرضا يعيش داخلها,, وليس في ملامح من حولها!!.
ايها الرفيق,.
الانسان الذي يعيش حقيقة هي (الناس),, الناس في المنزل,, في العمل ,, في المدرسة,, الناس المجاورون لمنازلنا,, والمنازل التي تقرب من منازلنا,, والتي في الشارع المجاور!!
اقول لك ايها الرفيق - ان الانسان (المسكين) (التعيس) (الطيب),, والانسان الطيب في مفهومنا الثقافي والاجتماعي,, هو الانسان الذي حصل بدرجة شرف على رضا الناس,, رضا من حوله وهو (طيب لانه (يسمع الكلام) (لا يرفع صوته) (خجول) (مطالبه في الحياة قليلة) (يتنازل عن حقوقه للآخرين) (لا يعترض)(لا ينتقد) (لا يكره) (لا يحب)!!!.
انسان (ينحط على الجرح ,, يطيب),, والناس عادة - اغلبهم - يريدون ذلك الشخص (الطيب),, لينفجروا امامه وعليه,, فتطيب جروحهم!! كل ذلك,, لان الشخص (الطيب),, يريد الحصول على كنز (رضاهم) والا فقدت الحياة قيمتها لديه!!.
وبذلك ايها الرفيق,.
يصبح من يسمع الكلام (مؤدباً),, ومن لا يرفع صوته (خلوقاً) ومن لا يطالب بحقوقه (قنوعا) والذي يتنازل عنها علنا (عفيف النفس) والذي لا يعترض (حكيما) والذي لا ينتقد (مسكينا) والذي لا يحب ولا يكره (كتوما) والتردد (حرصا) والخوف من اعين الناس (تحفظا) وهكذا ,, مفاهيم عكس للمفاهيم ايها الرفيق!!
,, يرددون ايها الرفيق ان السكوت علامة الرضا,, ابدا لاعدمتك انه - علامة (للسلبية - الخوف - التردد واللا,, المكبوتة),, وفي حالات نادرة يكون علامة الرضا عندما ترافقه ابتسامة وعلامات فرح!!
يرددون ايها الرفيق ان (الجنة من غير ناس ,, ما تنداس ,, أفي الجنة مثل هؤلاء الذين يجعلون تقديرنا لذواتنا اسفل سافلين؟!!.
ايها الرفيق.
ما ابشعه ذلك الرضا عندما يتحول الى (تهديد) من والديك,, اخوتك - اصدقائك معارفك وبعض من يسيرون في الشارع ولا تعرفهم لكن نظراتهم (تهددك) فتوسوس لك نفسك ماذا فعلت؟ مع انك (ماشي في امان الله),.
يقول زرادشت نيتشه:
احب من يخجل حين يأتي زهر النرد لمصلحته ويسأل حينذاك هل انا غشاش اذاً؟ !!!
ورغم اننا سندع ما لزرادشت لفلسفته ,, الا ان ذلك المستوى المتأخر من تقدير الذات وعدم الثقة بقدراتها حاصل!!
وهو في موضع آخر يتساءل ويجيب.
ما اعظم تجربة يمكن ان تعيشوها؟
انها ساعة الازدراء العظيم,, الساعة التي تصبح فيها سعادتكم بالنسبة اليكم انتم ايضا، غثيانا وكذا عقلكم وفضيلتكم ايضا,, .
ترى ايمكن ان تصبح السعادة بالنسبة لنا,, غثيانا؟ يحدث ذلك عندما تصبح السعادة لها مصدر واحد,, هو ان نرضي (كل ) من حولنا,, وفي (جميع) الحالات و(مهما) كانت الظروف!!
تصبح غثيانا عندما لا يحصل عليها الا من كانت علاقتهم بالحياة نسبتها على الاقل 85% فأكثر!!
تصبح غثيانا.
عندما نصبح نحن موضع (مقارنة) بمن اصبحوا سعداء لأنهم ولأنهم,, ولأنهم!!!
تصبح غثيانا
عندما نردد بأسى ان رضا الناس غاية لا تدرك ,, دون ان نتساءل ولماذا تدرك؟!
تصبح غثيانا,.
عندما تتحول الى (ضلالة),, نعتقد من خلالها ان (كل) الناس اوصياء علينا وانهم يفهمون اكثر منا ومعلوماتهم في الحياة افضل ومكانتهم اعظم!!
ايها الرفيق:
ان الناس جبلوا على انهم (قد) يغفرون لك كل الخطايا الاخطيئة (الوضوح),, اذا انها تكاد تكون الخطيئة الوحيدة التي تفقدهم هيبتهم المزركشة,, و(الا هذه) ايها الرفيق ,, (الا هذه) فهي ما بقي لنا من تاريخنا العريق,, يوم كنا,, وكنا,,!!
و(كنا) هذه نوع من انواع الغثيان اذا انها تغلق العقول وتوصد ابواب النفس ونبقى بين عقدتي (كنا) وكيف (نكون)؟ دون ان تحل تلك العقد!!
وربما يدخل هذا في ما تعلمناه والذي كان تركيزه في (كان) اكثر من تركيزه في (كيف نكون)!!
ولنعد لموضوع (الهيبة) ايها الرفيق فهو موضوع سبق حد السخرية او ساخر حد الالم او مؤلم حد البكاء او مبك حد الضحك لك ما شئت!!
(الهيبة) لدينا في كل شيء في اقل الاشياء اذ اننا نعتقد ان (الهيبة) تصنعنا وتحفظ لنا شخصيتنا امام الناس!!
وهي غالبا ما تكون فارغة - إلامن رحم الله - اذ يكفيك ان تقول (كلمتين) لذلك الشخص فيهما من الصراحة ما يفوق تفكيره لتجده قد تبدل وتغير واعتدل في جلسته فقط ليشرح لك.
ان الدنيا تحتاج ذلك وقليل من (النفخة الكذابة) لا يضر!! والغريب ان (الهيبة) قد تجدها فقط عندمن يحملون على ظهورهم اسفارا لم يقرءوها ولن يقرءوها اما اولئك الذين يستحقون ان (يهابوا) فهم اكثر خلق الله تواضعا و(الهيبة) هذه امرها عجيب غريب اذا انها تختلف حسب الزمان والمكان والاشخاص والمواقف!! فهي تختلف في المنزل,, عن العمل عن الشارع عن الداخل او في الخارج وخذ بذلك مثلاً للاشخاص الذين تتعامل معهم في تلك الاماكن والازمان! ايها الرفيق.
قاتل الله (الهيبة) توأم (النفخة الكذابة) فالحديث عنها بات مملا!!
*** ترى متى يكون فهمنا لذواتنا ومعرفتنا لها ورضانا عنها جزءاً فاعلاً من هيبتنا؟!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved