Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


ديوان الأم والابن - 11
(تغريبة فلسطينية , إلى أمي,, ومنها إلى أبي,,)
قصائد : ابراهيم نصر الله

في حديثها عن أيامها
من صباح الخميس
الى ليلة السبت
يمتلىء البيتُ بالضحكات الصغيرة
يركضون هنا في الممراتِ
خلفَ المقاعد يختبئون,.
يضيئون انوار بيتك
من دونما سبب في النهار!!
(عليٌّ) سيلعب دور الامير امامي
لأنسى
وتلعبُ (مريمُ) دورَ الاميرة
وفي آخر الامر لا شيء يبقى
سوى
بقع الشاي فوقَ الحصيرة!
, , , .
من صباح الخميس
الى ليلة السبت
يجتمعون هنا تحت اغصان داليتِك
وينتظرون
-كما قبل عامين-
- كفَّك يمتد نحو يديهم
وحنيَّة الله في لمستك
ويبتكرون ثلاثين عذرا
لكي يلعبوا بالتراب هنالك في ساحتِك
كيف لم ارو عينيَّ من نبع وجهك
اذ كنت قُربي
ومن اين جاء اليقين بأني سأرحل قبلك
يسبقني قمر طيب مثل صوتِكَ او ضحكتِك
كنُت ادعو: الهي خذني اذن قبله
كي اسير الى القبر خضراء
لكنني الآن اجلس وحدي,.
لأحكي لقلبي - منذ رأيتك -
سيرة قلبي في سيرتك
, , , .
من ليلة السبت
حتى صباح الخميس
رياح سكون تهبُّ
فأدفعها كي اظلَّ كما شئت عالية
ويظلَّ نخيلك في قامتي
ويظلَّ نخيلي في قامتك
في حديثهما معا
1-
لا شيء تحت الارض غير الارض
يمكن ان اقول به المدائح
الريح قاسية هنا
والصمتُ جارح
يأتي النهار وليله فيه,.
الطرائد في الجوارح
قد كنتُ ابصر وجه موتي غامضا
كغموض قتلانا هنالك في المذابح
أأقول: ان الموت واضح؟!
وكأننا عشناه قبل الآن منفى او سعير
لا,.
لا تزوري القبر اكثر من زيارتك الاخيرة
ههنا موت كثير
لا,.
لا تزوري القبر
تحت الارض لا أُغنية تعلو
ولا طيرٌ يطير
أَخفيتُ حُلمي فيِك قبل الموت
اسمائي وموطننا الصغير
لا,,لا تزوري القبر قد يعتاد وجهك حزنه
ينسلُّ خلفِك ثم يأوي
بين قلبك والسرير
2-
يرتاح وجهُكَ مثل دوري على شباك بيتي
النورُ فيه جناحه وحنين اغنيتي لصوتي
يرتاحُ وجهُك
فوق صمت مخدتي
ليسر لي عيشي طويلا
كي أُنا كف فيك موتي
في حديثها عن نشيدها
,, وباسمي,, وباسمك
باسم التراب
وباسم الهواء الذي يتوارد مثل العصافير
يأوي أليفاً لأشجارنا
اتجمَّعُ كلَّ مساء وأنشدُ اسماءنا
كي أغالب ريحا تهبُّ عليَّ,.
عليكَ هنا
منذ خمسين عاما وتخطفنا
واحداً واحداً
وأُساهر روحي الى أن ينام المنام
ويتركنا وحدنا
ضوء وجهك
يشرقُ بي,, وأنا
كل بيت سكنّاه
في ليل هذي المنافي الطويلة غافلنا
ومضي للبعيد وفي يده بعض احبابنا
لم يعد وجه أُمي
ولا وجه جدّي
ولا انت - يا سندي - بيننا
ولم تكن الارض في ايِّ يوم
هنالك
اضيقَ من جسمنا
في البعيد - القريب
هنالك بحر ونهر وصحراء
مرج بأجنحة الميجنا
ويقود خطانا صغاراً
الى سرِّ أرواحنا
,, في الشتاء الاليف يردُّ علينا عباءته
مثل اجدادنا
وينادي علينا
ويعرفنا
في ظلامِ الكلامِ
وفي بوحِنا
في احتراقِ النهارِ على جبهتي
اتجمَّع كل مساء أغالب
خمسين عاماً من الموتِ
مرت على قلبنا
وادورُ اعدِّدُ كم اخذت من خيولٍ
وكم ذبحت من ضنى
ثم اعجبُ من غرفةٍ وسعتنا
ومن لقمةٍ أشبعت جيشنا
وأعني: انا انتَ اولادنا
ذات يوم صعدنا الجبال وحيدين
لكننا الآن,,,!!!
اجلس نصف معذَّبة نصف فرحانة
كي اعدَّ اصابع كفيَّ
أحصيكَ
أحصي مدى جسدي في بنيك
وأُحصي بنيك بأحفادنا
في حديثها عن نذرها
اذا كان لي في حياتي نصيب
لأحيا هناك
سآخذُ من ارض منفاي حُزني عليه
وآخذ عشب اصابعه ,,وحنين يديه
وشمس فلسطين في قلبه
تتسللُ خضراء مثلي اليه
اذا كان لي في حياتي نصيبٌ
سأحمل اسماءه الاربعة
وانثرُها في سهول الجليل
وأَجري معه
وأعقدُ عُرسي على ظهر مُهر
كما شاء يوما
وأحمله في دمائي صلات
وفي الحلم حلما
وأهتف: عش من جديد
وكن للحمام هديلا
وكن للسطوح سماء
وكن لاشتياقي جسما
وكن لجراري نهراً
وكن لشفاهي طعماً
وكن لي كما كنت دوما
اباً وأخاً ثم أُماً
اذا كان لي في حياتي نصيب
لأحيا هنالك يوما - كروحك - حرا وصافي
سأغفرُ
كلَّ
خطايا المنافي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved