Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


مسرح ومردح
حمد المبتلى في رحلته إلى ديار الجن والإنس وما بينهما!
المقام العاشر
محمد العثيم

قال الحكي وهو من حال زمانه ضاحك باك:
تحت ستائر الليل المسدلة على اسرار السحرة والجن في امسية غير مقمرة انطلق حمد صوب المدينة وفي ذهنه ان يقتل الديك الافرق,, ليستطيع حنحون الظفر ببنت الوالي كان الديك نائما مع دجاجاته بأمان,, وقبل ان يبتعد كثيرا توقف وقد خطر بباله ما اثار شكوكه وسأل نفسه,, كيف يقول حني انه لا يستطيع دخول حدود المدينة وها هو حنحون يعيث بها فسادا,, هل حنحون من جن غير جن حني,.
رجع ادراجه وقد غضب ان يغرر به حنحون وتعجب حنحون عندما رآه,, قال لم عدت يا حمد؟ قال حمد لحنحون: أليس من العجيب انه لا يعوقك عن فعل ما تريد غير ديك افرق عند احد حاشية الوالي بينما حني يقول: انه لا يستطيع اجتياز حدود المدينة,, قال العاشق الفارس حنحون اف لك يا حمد! هذا امر بسيط سأشرحه لك بالتفصيل حين تعود من مهمتك,, قال حمد بل انا لن اذهب حتى تخبرني,, هنا مسخ حنحون نفسه بصورة أمير من أمراء الجن ليكتسب الهيبة,, وقال لا تكن صغير العقل يا حمد,, انت تعرف ان الدليل حني من الاتباع ولا يحق له ما يحق لي,, نحن في ديارنا درجات لا تحكمها درجة التساوي في,, وسأشرح لك الامر فيما بعد.
وجد حمد الامر مقنعا فقد رفع الله الجن على بعضهم بعضا درجات كما هو حالنا نحن الانس,, ولكن ماذا عن الحظوظ العاثرة مثل حظ حمد,, كان لايزال يؤلمه ان كنزه من المجوهرات صار ترابا ولم يشك ايضا ان الذهب الذي قد يجنيه من المهمة التي اوكلها له الشيخ حنحون سيتحول نحاسا وهل ستقبل هلكوتة ببعل ثروته قطع من الحديد او النحاس,, كان ابوه يقول له انت يا حمد عاثر الحظ لكن الحظ العاثر ليس ميتا,, ابق مع حظك فقد ينهض مرة فلا يعثر بعدها ابدا,, كثيرون عثرت حظوظهم ثم نهضت كالخيل الجامح.
***
وصل حمد الى اكنان الدجاج حيث تنام بسلام,, اخرج الديك الافرق فزعق الديك (وقطقطت) الدجاجات ضرب برأسه الديك الجدار وهو يمسكه من رجليه كرر ذلك حتى تناثر دمه ورماه ,, ووقف غير بعيد لكي يستمع الى صراخ الفتاة بعد ان يتلبسها الجني حنحون لكن شيئا من ذلك لم يحدث,, كان الوقت قريب الفجر صلى ولم يستدع اهل البنت راقيا كما وعد حنحون,, وخرج من المسجد وهو يقول في نفسه مجنون من يصدق الجن,, ولكنه لم يسر بعيدا حتىوجد الكلاب السود تحيط به وتوجه مسيره الى طريق الخرائب حيث يقيم ابن شيخ الالف,, وجد حنحون ينتظره على احر من الجمر,, فقام اليه وقال عيب يا حمد ان تخذل عريسا ليلة عرسه وتحرجه عند (معازيمه) ومدعويه,, قال وماذا حدث؟ قال حنحون: محقك الله لقد تركت الدم ينتثر من الديك الافرق في كل مكان ولم استطع العبور الى بنت الوالي أتسحبني انسى طعامه طائر الدجاج,, لا يا حمد ان اثر ديك واحد قد يحرقني.
***
والى ان ينتهي حنحون من تدبير امر زواجه سنعرج على والد ووالدة حمد (بهيج وسارية) وليس هناك الكثير فقد عاشا الكفاف,, او قل الجوع ويئسا من عودة حمد بل انهما تذكرا ما حصل لهما من ثراء ثم فقر وافلاس وكأنه حلم عجيب بل ان بهيج والد حمد نسي الامر بحذافيره وسنتركهما ينتظران فرج الله الى ان نفرغ من امر هلكوتة التي منذ فارقت حمد لم تذق عيناها الرقاد واستعملت كل سحر لطيف وخفيف لتهدئة قلبها لكن قلبها يزداد خفقانا لم تعهده من قبل,, وذهبت الى وردانة,, مع كرهها لها تشكو امرها قالت لها وردانة تعرفين يا اخت السحر العجيب اني ما طمعت به الا لما له وحيث ان ماله مسروق من اودية البرزخ فقد خفت منه ومن ماله فهو لك فأنت وهو بعمر ابنائي لكني علمت انه ذهب ليقتل ديكا افرق ليخدم حنحون في محنته مع بنت الوالي فان كنت احببته فان الخوف كل الخوف من بنت الوالي التي ان رأته ستهيم به حبا وقد يفعل اهلها المستحيل لطرد الجني منها وتزويجها من انسي حتى لا تطالها يد اشرار الجن.
قالت هلكوتة وماذا افعل وانا لا ادري هل يحبني حمد بن بهيج ام لا,, قالت وردانة والله لا حيلة في ذلك فقد عجزت سابقا عن مثل حالتك فما بالك وانت اخت ساحرة تستطيعين تدبير نفسك ولولا مضار سحر العطف لنصحتك به لكنه يجعل القلب يسوس بالمحبوب واول شروط هذا العمل للحب ان يكون حبا عذريا طاهرا وألا يتم الوصال او الزواج وهذا ما لا تريدينه يا هلكوتة,, اما نصيحتي فأقول: اسألي شيوخك من هواريت الجن,, وان عجزوا فطيري على جذع نخلتك الى شيخك ابو آسية الهندي فلا شك ان لديه لكل خبر سحرا.
اما هلكوتة من جانبها فهي لا تفكر بضرر حمد المبتلى حتى لو تزوج غيرها,, لقد أحبته حقيقة قبل ان يستحم في بركة اكسير المخلدين عند الجن التي مر ذكرها,, واحبته بعد ان صار من اوسم الشباب الذين عرفتهم,, ولانه الان في مدينة لا يحبها الله ولا ملائكته بسبب فعل اهلها بالسحر الاسود فهو اوسم من مر بهذه المدينة لان الله جل وعلا سخطهم بالقبح، فقبحت تقاطيعهم عقابا لهم على ما اقترفوه من آثام؟,, ولان اهل هذه المدينة كثيرو الحب للطعام يزدردونه في كل وقت وبدون حساب فقد ابتلاهم الله بالسمنة وامراضها فاذا مشيت بينهم سمعت لهم فحيحا كفحيح الافاعي لثقل ما ينوءون به من احمال الشحم المتكدس في صدورهم,, ولا تنس روائحهم التي تشبه روائح اللحم الفاسد.
***
قال حمد لحنحون,, وماذا عليّ ان افعل يا اخا الجن,, قال حنحون ,, تذهب ومعك ممسحة مبللة وتمسح دم الديك عن الجدران والارض,, قال حمد ولم لا ترسل كلابك لتلعقه وتتركني ارعى اموري,, قال حنحون لا يكلف الله نفسا إلا وسعها,, وكلابي لا تفعل ذلك لانها حيوانات ضالة بينما يجب ان يكون هناك قصد,, والحقيقة ان حمد المبتلى لم يكن يدري ان الديك (مخطوط عليه) وهي كلمة تعني ان لا احد يستطيع مسه من اهل البلد ولكن حصر الخط يمنع منه اهل البلد وحمد من غير اهل البلد فاستطاع الوصول اليه وقتله,, وبقي على حمد ان ينقذ حنحون من الاحراج فقد دعا كثيرين لزواجه واسكنهم كل مكان في المدينة واحس اهل المدينة بثقل مدينتهم بالزوار الغرباء من قبائل الجن غير المرئية,, وعندما عرض حنحون ذلك لحمد اخذته نزعة الكرم وقرر مسح الدم بنفسه لتقام الحفلة لعرس حنحون والحقيقة ان حمد حسب ان هذه الحفلة مثل ليلة حفل الساحرات لكنه كان مخطئا فقد كانت ليلة من الشر المستطير مثل ليالي عيد الشيطان التي يعرفها اهل الغرب ويسمونها (الهلاوين) وقد احس كل الناس برهق تلك الليلة فتعبوا دون مبرر وناموا باكرا فخلت المدينة لشياطين الجن فتلبسوا عشرات من نساء المدينة بزواج او بغيره والعياذ بالله.
الحمد لله ان احدا لم ير ما حدث وهي اشياء من الافعال لا توصف من العهر وتوابعه من الشرور,, ولم ير حمد ما حدث لانه نام مثل الاخرين حتى قبيل الشمس فصلى الفجر ووجد بيت الوالي ينوحون على درتهم المصون ويسألون عن قارىء بعد ان جربوا فنونا من الرقى,, جاءهم وقال لهم سأقرأ على ضمان خروج الجن من هذه البنت ولكني لن اقرأ الا اذا تحقق طلبي,, قالوا وما طلبك,,؟ قال وزن بنتكم ذهبا خالصا من حر مال ابيها,, استغربوا وكانوا يحسبون انه سيقول اريد الزواج منها,, ووافق ابوها لكن حمد شديد الحذر فقال لهم هل تعرفون انكم ان حنثكم بوعدكم ستصابون بمس لا قراءة له,, ولم يكونوا بحاجة لتحذير حيث انهم عرفوا ان الجن استباحوا المدينة وربطوا الشرور ببعضها وهم يحسبون حمد ساحرا عظيماً سلط الجن على مدينتهم كما سنعرض له فيما بعد,, وهنا حملوا له اربعة خروج من قطع الذهب المسكوك,, ونفث على البنت فزال عنها المس بأمر الله,, ولكن اهل المدينة امسكوا بحمد وطالبوه بازالة المس من بناتهم,.
والحقيقة انه ليس قارئاً وليست لديه قدرة على ذلك,, وكانت هلكوتة تتابع ما حدث فركضت الى المكان الذي امسك به الناس بحمد وعلمت انه لا فكاك له منهم,, فتخلصت من الجموع حتى وقفت الى جانبه وقالت: يا اهل بلدي,, سكت الجميع,, ثم كشفت وجهها وقالت: هل عرفتموني,, قال الجميع نعم انت هلكوتة الملكوتة ساحرة الانس والجن,, قالت هذا الرجل تحت كفالتي وانا اضمن ان يرقي لكم بناتكم فقط دعوه يذهب اليوم لاعداد رقيته ولن يدع بنتا من بناتكم إلا فك عنها شر الجن.
انتهى المقام العاشر ويليه الحادي عشر,.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved