Sunday 11th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 27 ربيع الاول


بدون ضجيج
فصام 2000!
جار الله الحميد

هناك حالة تشبه الفصام يعيشها الإنسان حالياً (اي في نهاية هذا القرن) فهو يسمع عن أهوال مثل الحروب القادمة وزيادة حرارة الارض وحرب الجراثيم وفيروسات الكمبيوتر وعودة امراض كانت قد انتهت الى الظهور من جديد بشكل كبير ومخيف والأقمار التي تسجل مكالماته على مدار الساعة مع ملايين آخرين مثله وما بعد الانترنت! وحرب النجوم وانصراف العلماء الى تحليل الظواهر البايولوجية بدلا من البحث عن علاج (للسرطان) و(الأيدز), وفي ذات الوقت يرى كل شيء امامه ساكناً، هادئاً، مملاً صامتاً, وعبر القنوات الفضائية لم يشاهد منذ شهور اي جديد سوى اسمي: عبد الله اوجلان وأيهود باراك.
الأول سيتوج بطلاً اسطورياً اذا أعدم (وهذا هو المحتمل)! والثاني توج على رأس السلطة الصهيونية مما يعني بدء دوامة جديدة في سلام الشجعان (!) وفي الجنوب اللبناني الصامد ببطولة استثنائية اي العودة من جديد الى ملفات (نتنياهو) و(عرفات)! أو يرى اغان مكرورة او مسلسلات معادة, فلماذا اذن هذا القلق من القرن القادم؟! ولكن حالة (الفصام) التي ذكرنا من قبل تعيد على الانسان طرح نفس الاسئلة, تلك الأسئلة القابلة لأية اجابة!! قبل فترة خرج اليابانيون المهووسون بالصناعة الدقيقة والمباغتة بتصميم لمنزل القرن القادم!!.
كان عبارة عن (مغارة) الكترونية، فهناك عيون سرية ترى الناس من حيث لا يرونها وتليفونات في (دش) الحمام وجهاز الطبخ عبارة عن كمبيوتر يعرف ان يطبخ ويشوي ويسلق ويضيف البهارات اللازمة، وفراش النوم يبث موسيقى من اي نوع يريده الذي سينام على هذا السرير! وكل ما يلزم الانسان ان يضغط زراً واحداً لطلب اية خدمة او تلبية اية رغبة.
كم هو موحش ذلك المنزل!.
موحش كما لو كنت وحيداً في الصحراء ليلاً وميتاً من العطش وتسمع عواء لا تدري مصدره وتتشوش عيناك ويرتعد جسمك!.
ولا يسمع انسان هذه الاعوام التي تشبه الكارثة الا الحديث عن تطور الاتصالات بشكل مذهل كل يوم, ما حاجة الانسان الحقيقية الى الأنترنت؟ ما هو البديل الذي ستقدمه الأنترنت لرجل مهزوم عاطفياً حد الكآبة؟! ما هذا الاصرار على ان العام القادم هو آخر عام في هذا القرن؟ لماذا لا نعتبره عاماً عاديا؟! ولو احدث مشكلة تتعلق بالتوقيت في الكمبيوتر! لقد حلت وبنفس الطريقة سيحل غيرها, وضمن كل هذه الاحداث التي لا ينقطع سيلها لا نسمع عن مستقبل الطيور، والازهار، والشعر، ولا نسمع عن كيف ستكون الجغرافيا؟! ولا كم ستطور الدول الكبرى من سلطتها النووية والجرثومية!!.
كل ما نسمعه (غير الحديث المستمر عن التطور الاتصالي المذهل) هو ان (مونديال 2002) سيقام في دولتي اليابان وكوريا!!.
هذا يكفي!!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved