اصبح الخوف هاجس الموظفين والموظفات الذين هم على وشك التقاعد, هل سيقل العطاءويتوقف قطار العمر؟ وهل ستنخفض المكانة الاجتماعيةويفقد المتقاعد مكانته بين الناس ويظل حبيس البيت يدب اليأس في نفسه وتنهشه الامراض من كل جانب ويصبح عالة على اسرته؟!.
الجزيرة حاولت من خلال هذا التحقيق التعرف على هموم هؤلاء الذين هم على وشك التقاعد وكذلك المتقاعدين,, ورغم الصعوبة التي واجهتنا في إعداد هذا التحقيق بسبب رفض البعض من هؤلاء ذكر اسمه او ظهور صورته الا اننا نقلنا مقترحات المتقاعدين وامنياتهم ومطالبهم,, وامورا اخرى جاءت في هذا اللقاء، كما قمنا بزيارة للبنوك التي تتولى صرف رواتبهم التقاعدية لنظفر بمعلومات عن التقاعد والمتقاعدين.
كما ان الجزيرة قد طرحت عدة اسئلة عن التقاعد على رئيس مصلحة معاشات التقاعد الاستاذ مقبل المعمر سوف ننشرها حال تلقينا الاجابة عليها.
المتقاعدون من التعليم
في البداية التقينا بمجموعة من العاملين في سلك التعليم بعد احالتهم على التقاعد حيث تحدث الاستاذ محمد ابراهيم حسن العبيد الذي عمل مدرساً لمدة 34عاماً في المرحلة الابتدائية فقال: في الواقع ان التقاعد ظرف واقع واجراء تنظيمي من شأنه ان يعطي الفرصة للآخرين كونهم من ابناء هذا الوطن لنيل شرف خدمته.
وأنا والحمد لله قدمت خلال الخدمة ماهو مطلوب مني، واشكر الله على تمام الصحة والعافية كل ما اقوله: إن الذين هم على وشك التقاعد ان يتكلوا على الله ولايجعلوا اليأس يدب في نفوسهم فالحياة مليئة بالعطاء والعمل.
35بدلاً من 40
أما بخصوص سؤالك عن تخفيض سن التقاعد للموظف من 40 سنة الى 35 فأعتقد أن هذا مناسب واقتراح وسؤال وجيه وذلك لعدة امور,, اولاً: ان الشخص المتقاعد يستطيع ان يعمل في أي مجال آخر وهو في تمام صحته وعافيته ويتيح الفرصة للآخرين الذين ينتظرون فرص العمل كما ان الانسان اذا تقاعد وهو في كمال صحته يستطيع ان يستمر ويعطي بدلاً من ان يتعب نفسه وصحته ثم يصبح عالة على اهله ومجتمعه.
20سنة للمعلمات بدلاً من 40
اما فيما يخص المعلمات فالافضل ان يحدد لهن سن التقاعد بعد خدمة عشرين سنة لتتفرغ لمنزلها واولادها وتتيح الفرصة للخريجات اللاتي ينتظرن دورهن في مجال العمل، هذا مجرد رأي شخصي واتمنى ان تقرأ آراء الآخرين في هذا الشأن.
العلاقة مستمرة
اما فيما يخص علاقة المتقاعد بزملائه ومعارفه فهي والحمدلله مستمرة وهناك تواصل دائم, وهذا يعود إلى فضل الله سبحانه وتعالى ثم إلى العلاقة المتينة التي كان ينهجها الموظف قبل تقاعده مع زملائه فتجده محبوباً بينهم في العمل قبل التقاعد وبعد التقاعد.
قرار المعارف قرار حكيم
لقد كان القرار الحكيم الذي نهجته وزارة المعارف في الاستعانة بعدد من المتقاعدين في التعليم وترشيحهم في اعمال اخرى كالاشراف على المدارس الاهلية ومستشارين قرارا صائبا ويشكرون عليه,, لكنني أنصح من لايستطيع صحياً العمل ان يريح نفسه.
الجزيرة في البنك
واستكمالاً لهذا التحقيق حاولنا اللقاء بعدد من المتقاعدين اثناء استلام رواتبهم من البنك المخصص لهم وكانت البداية مع المتقاعد سعيد سالم وكان يعمل في السلك العسكري، يقول الحمد لله تقاعدت وانا في كامل صحتي واعمل الآن في مجال التجارة وكل شيء على خير مايرام.
ان كان لي من عتب ولوم فهو على شركات التقسيط التي ترفض البيع على المتقاعدين بالتقسيط بحجة عدم ضمان راتب ثابت وهذا سبب غير مقنع اتمنى من وزارة الخدمة المدنية ومصلحة معاشات التقاعد مناقشة هذه المسألة مع الجهات المختصة,, فلماذا يحرم هذا المواطن الذي افنى شبابه في خدمة هذا الوطن وحينما اراد ان يشتري له سيارة او ثلاجة ونحوها يواجه طلبه بالرفض؟ واتمنى ان نقرأ رأي وزارة الخدمة والمصلحة.
كما اقترح على مصلحة معاشات التقاعد ان يتم تحويل رواتبنا على حساباتنا في البنوك اسوه بما تطبقه وزارة المعارف مع المعلمين.
هدأ رنين الهاتف وفقدت أصدقاء المصالح
اما الموظف المتقاعد عبدالله عبدالرحمن متقاعد مبكر فيقول: الشيء الذي حز في نفسي بعد التقاعد ان تلفون منزلي هدأ ولم اعد اسمع رنينه من الاصدقاء اصدقاء المصالح,, والآن حينما اراجع دائرة حكومية,, أجد انه قد اختفي وهجي ومكانتي الاجتماعية، ويقول في نهاية حديثة لقد عانيت من الجلوس في المنزل حتى اعضاء اسرتي تضايقوا من هذا الجلوس لانني تسببت في وجود الكسل والخمول لدى افراد اسرتي,, انني انصح زملائي الذين علىوشك التقاعد ألا يركنوا للجلوس والخمول.
ويقول الاستاذ سعد بن عبدالرحمن القباع وهو مدرس عمل 32عاماً في سلك التعليم في المرحلة الابتدائية لقد احسست براحة تامة بعد التقاعد لعدة اسباب,, اولاً: ان الله سبحانه وتعالى وفقني لخدمة هذا الوطن وتقديم ماهو مطلوب,, ثانياً: انني في صحة وعافية والحمدلله, اما سؤالك بخصوص تخفيض سن التقاعد, فأعتقد انه ضروري للغاية لمصلحة الجميع للمعلمين وللمجتمع، وان المعلم والحمد لله في كل لحظة يقابل احد طلابه في اي قطاع حكومي وهو يجد هذا الاهتمام والتقدير من طالبه، انها رسالة المعلم ومكانتها العظيمة.
اما العلاقات الاجتماعية عموماً فهي مستمرة والحمدلله, كما قلت سابقاً ان المعلم له مكانة وتقدير عظيم يجد كل من اضاء الطريق لهم وعلمهم يستقبلونه بالتقدير والاحترام.
اما المعلم ناصر عبدالرحمن الزياد ويعمل وكيل مدرسة المزاحمية الابتدائية فيقول لقد بلغت خدماتي 33سنة -تقاعدت مبكرا.
وكان ذلك لرغبتي في التقاعد المبكر قبل ان اجبر على التقاعد لراحتي النفسية وسوف اتجه الى الاعمال الحرة والاعمال الثقافية، ولقد عرض علي العمل في ادارة مدرسة اهلية واقنعت به لان الهدف من التقاعد ليس ماديا وانما ذاتي واجتماعي,, اما ما يتعلق بتخفيض سن التقاعد وانا ممن اؤيد التخفيض في التقاعد الى 35 عاما ولكن عدم خصم 80% من راتب التقاعد لانه حق من حقوق المدرس لمراعاة النفسيات والحالات الاجتماعية، وارغب ان يكون للمدرس والمدرسة والموظف مساهمة فعالة في القبول في التخفيض عند حصوله.
واقترح ان يكون للمدرس المتقاعد مميزات منها:1-البطاقة الصحية 2-تهيئة الظروف لابنائه ومساعدتهم في دخول الجامعات والمدارس 3-ان يكون هناك مركز ثقافي يضم هذه الخبرات وتستعين بها وزارة المعارف لتطوير المدرسين والاساتذة من هذه الخبرات والتجارب.
اما بالنسبة للعلاقات فهي تستمر بعد التقاعد اذا اراد المدرس ذلك.
ويقول المدرس عبدالله ابراهيم الشهيل -المزاحمية -ان خدماتي 34 سنة.
واشعر بالراحة النفسية بعد التقاعد لاحساسي بالرضاء عن اداء واجبي وافتخر بامتلاكي الخلفية عن اداء الواجب بضمير ولست بحاجة لما يثبت ذلك الآن, كما انني اؤيد ان ينخفض سن التقاعد الى 35 عاما بالنسبة للمدرس اما بالنسبة للمدرسة فيكون 25 عاما لاهمية كونها مع اطفالها ومنزلها بحاجة الى متابعة وتوجيه لان صلاح المنزل فيه صلاح المجتمع.
وبعد التقاعد تزداد العلاقات الاجتماعية ولا تتأثر بالتقاعد,, أما بالنسبة للعمل بعد التقاعد في مدارس اهلية لا اؤيده لان الانسان بحاجة الى راحة.
واتمنى اقامة مركز ثقافي واجتماعي لاجتماع المتقاعدين حتى يستفيد المدرسون الشباب من خبراتهم وتجاربهم.
اما المدرس الشيخ محمد بن عليس العرفج وكان يعمل مديراً لمدرسة موسى بن نصير في الرياض فقال: كانت خدماتي من عام 1401ه وحتى التقاعد وقبلها كنت مدرساً في متوسطة وقبلها كنت اعمل في معهد المجمعة العلمي وانا في الحقيقة اؤيد تخفيض سن التقاعد لان فيه مصلحة للمتقاعد بحيث تستمر المميزات للمدرس بعد تقاعده ويستمر في عمل آخر لفتح المجال للطلاب والطالبات المتخرجين, اما بالنسبة للمدرسة فاعتقد ان هناك مصلحة لتخفيض سن التقاعد لديها لتوجيه اطفالها.
ولا امانع من العمل في المدارس الاهلية لان المتقاعد الخالص النية لله يكون له اثر كبير ونافع ويزيد خبراته.
اقترح على وزارة المعارف اخذ نخبة من المدرسين المتقاعدين للاستفادةمن آرائهم ويكونوا على قسمين ميداني ومكتبي حسب حاجة الوزارة من جهة وحسب رغبة المتقاعد من جهة اخرى.
ولقد ألفت كتابا هو عبارة عن مجموعة رسائل عن التقاعد والحث على العمل بعد التقاعد وترك الكسل والخمول والتوجه الى الدعوة الى الله سبحانه وتعالى والرجوع الى الشريعة الاسلامية الصحيحة.
واكد الشيخ العرفج على اهمية العمل والعطاء وان لايحرص الانسان فقط على الدخل الثابت ويركن هو للكسل لان ذلك له دوره النفسي الهام، فالعاطل عن العمل حتى لو توفر له الدخل المادي المناسب يعاني من عدم الاحساس بالكفاءة واهميته الاجتماعية، وقد يرافق ذلك في ازدياد في المشاكل الاسرية داخل الاسرة، وان في التقاعد معنى ضمنياً بان المجتمع بدأ يستغني عن الفرد وخدماته ومن ثم فإن وجوده سيكون بعد ذلك عالة على غيره، لذلك فقد اثبتت الدرسات النفسية والطبية ان مستوى الانحدار في الصحة الجسمية والنفسية يكون اشد سرعة في السنوات اللاحقة للتقاعد منها في السنوات التي سبقت التقاعد، لذا فالمتقاعدون اصناف فمنهم من لايستطيع العمل لظروف صحية فالله قد عذره، ومنهم من لديه خبرات ويتمتع بصحة جيدة ولكنه اخلد الى الراحة والكسل وجعل عمله بعد التقاعد محدوداً وفي اضيق نطاق والكسل مرض يهد الصحة زيادة ويفوت على المسلم وقتا ينبغي صرفه في طاعة الله والنفع المتعدي وقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل فقال( اللهم إني اعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال).
ومن المتقاعدين من لديه فكر ناضج وخبرات طويلة وتفرغ للابداع والنفع العام فينفع نفسه وينفع غيره فينبغي استغلال ذلك في طاعة الله والمؤمن حيثما حل نفع.
ويقول الشيخ العرفج: أشكر الجزيرة على هذا اللقاء .