Monday 12th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 28 ربيع الاول


صمت العصافير
قليل من الوهم

* سقسقة:
كثير من الأخطاء يولد من حقيقة نسيء استعمالها .
- حكمة فرنسية -
* * *
الحياة برموزها لا تتغير,, نحن الذين نتعامل معها وفق ما يستجد في حياتنا والحقيقة رمز خالد لا يخبو ولكن الى اي مدى نتعامل معها بموضوعية!!.
منا الذين يبحثون عن الحقيقة خارج ذواتهم فيطول بهم الطريق ولا يجدونها لانها لا تأتي من الخارج بل تنبع من داخل الانسان من اعماقه.
ومنا الذين يهربون منها وهم بذلك يضلون في لهاث مستمر فكيف تهرب من ذاتك!! لكن الصحيح ان نواجه الحقيقة,, ندخل في تفاصيلها,, نعيش دقائقها مثلما يقول الشاعر خليل مطران:
فاستقبل الحقيقة ,,, بمهجة طليقة
وأظن هذا ما يمكن فعله مع الحقيقة التي من خلالها يستطيع الانسان ان يؤكد ذاته ويفهمها وبالتالي يفهم الآخرين.
للأديب هنريك ابسن مسرحية ذات أبعاد انسانية خطيرة اسمها (البطة البحرية) هذه المسرحية ترسخ مفهوم الوهم لتحمل الحياة بكل ما فيها من تناقضات.
جاء اسم المسرحية من اسطورة قديمة تقول ان البطة حين تُجرح لا تعود الى قطيعها بل تغوص الى قاع البحر وترتبط مع اعشابه وكذلك الانسان عليه ان يبحث عن وهم ما يتشبث به في محاولة للخروج من آلامه وجروحه.
ولذلك صور (ابسن) ابطال مسرحيته بقدر كبير من الالتصاق بالوهم والخيال للتعويض عن الواقع.
والسؤال هل نحتاج الوهم والهروب بالفعل لتقبّل بعض الجروح والآلام,.
ام ان مواجهة الواقع بكل قسوته افضل من الدخول في دائرة الوهم؟!.
واين يجد الانسان قلباً قوياً يستطيع في كل مسرة ان يقاوم السهام ويصدها دون ان يتلمس بيديه قطرات الدم؟!.
الحقيقة رمز جميل وايضاً صعب المنال حين نتورط في ممارسته.
فلا يوجد لدى كل الناس القدرة على التعامل مع الحقيقة رغم معرفتهم بها دون الاعتراف,, وفارق كبير ان تعرف او تدرك شيئا ما وان تعترف به وبوجوده وتتعامل معه ان قليلا من الوهم نحتاجه لكي تسير دفة الحياة,, وقليلا من الوهم نتجرعه لنبتلع مرارة بعض الحقائق.
كأن تظل الحقيقة مسؤولية وعملا علينا ان نحافظ على وجودها لأجل الزيف الذي يحاول ان يخترق جدران عواطفنا.
لأجل اجمل ما تبقى في اعماقنا من وضوح وصفاء.
ناهد باشطح

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved