Monday 12th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 28 ربيع الاول


دقات الثواني
الشيخ مصطفى الزرقاء

لم يكن الشيخ مصطفى الزرقاء محاطا بالأضواء الإعلامية وإن كان عند العلماء قمرا لا يجهل، وعندما رحل الى دار البقاء يوم السبت 19/3/1420ه، في مدينة الرياض لم يكن مصابه خاصا بأسرته بل بالمسلمين كلهم، فالعالم النابغ ملك للأمة كلها وإذا مات فقدته الأمة كلها.
الشيخ الزرقاء من اسرة علمية فأبوه وجده علمان وهو كان نابغة في العلم منذ شبابه وظلَّ يتمتع بحافظة قوية حتى آخر حياته بالرغم من عمره الطويل (1907- 1999م)، ولم تشغله المناصب التي تولاها (ومنها الوزارة) عن العلم وتحصيله ونشره، لم ينقطع عنه قبلها ولا اثناءها ولا بعدها.
أهم ما ميز الشيخ الزرقاء سعة علمه وتفهمه لروح العصر ومرونته في فهم الفقه الاسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان، وكان في ذلك ككبار الفقهاء مثل الإمام الشافعي في تغيّر فقهه (في قضايا العصر) بتغير الزمان والمكان، ولم يكن من الذين جمدوا بالفقه لا لجمود الفقه بل لجمود إدراكهم واعتمادهم على الحفظ لا على تفهم روح الفقه وروح القضايا المعاصرة.
ان كتابه (الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد) يعد فتحا جديدا في الفقه كما قال العالم الفاضل د, عبدالوهاب ابوسليمان، ثم ان فتاواه وبحوثه الفقهية عنيت بالقضايا الفقهية المعاصرة التي لم تكن في العهود السابقة، فاحتاج المسلمون الى عالم متنور كالزرقاء يبصرهم بالقول الحق فيها، فكان صاحب فقه في قضايا الاقتصاد والامور الجديدة في العصر كالتأمين وغيره، وكان يستشير من يوثق به من المتخصصين من المسلمين في الفلك والطب والهندسة والاقتصاد وغيرها من القضايا الفقهية المتعلقة بذلك، فهؤلاء أهل حل وعقد، ويطلعون الفقيه على دقائق لا يعرفها وقد تغير مسار الفتوى، فالمطلوب هو الوصول الى فتوى تخرج المسلمين من ظلمات الربا او الامور الحديثة التي جدت لتطور الطب والعلم، وتلك قضايا جديدة لا ينبغي ان يترك الناس دون فتوى او يحرم بعضها مع امكان الفتوى المبنية على قواعد فقهية.
لقد كان الشيخ صاحب اجتهادات متنوعة في فقه العبادات والمعاملات والاحوال الشخصية نتجت عن احاطته بمباحث الفقه واصوله، ومع ذلك لم يكن حادا مع من يخالفه الرأي في المجامع الفقهية التي هو عضو فيها او خارجها، ومن فضائل الشيخ (موسوعة الفقه الاسلامي) التي أشرف عليها وصدر منها 26 مجلدا ثم توقفت حتى هيأ الله إمكان مواصلة الصدور بإشراف العالم الفاضل الدكتور محمد فوزي فيض الله حسب ما علمت.
اما علوم اللغة العربية فقد كان الشيخ ذا مُكنة فيها، وتمتع بحافظة قوية وحضور ذهني حتى آخر حياته، فإذا ما سمع بيتا من الشعر اورد قصائد في معناه في الحال مما كان يدل على ما وهبه الله من الحفظ.
لقد عمر الشيخ طويلا واشتغل بالفقه درسا وبحثا وتعليما وفتوى ما يزيد عن (75) عاما واستحق بجدارة ان يطلق عليه فقيه العصر، فجزاه الله عن الاسلام خير الجزاء وعوض المسلمين عنه خيرا ونفعهم بما ترك من فقه مدون في كتبه وبحوثه الكثيرة.
د, عائض الردادي
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved