Monday 12th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 28 ربيع الاول


عرض نقدي لكتاب:
الإدارة العامة في الإسلام: الأصول والتطبيق
للدكتور: حسب الرسول حسين أحمد

&عرض:
د, أحمد بن داود المزجاجي الأشعري
ان فكرة الادارة الاسلامية فكرة قديمة وحديثة في الوقت نفسه,, قديمة بقدم الاسلام وعراقته وحضارته المشرقة، وحديثة في تناولها في هذا العصر بعد سيادة الفكر الاداري الحديث، وهيمنة نظرياته على مناهج التنظيم والادارة في شتى دول العالم الثالث, وان وجود مثل هذا الكتاب في الساحة العلمية يعتبر محاولة من الكاتب للاسهام في التعريف بالادارة العامة في الاسلام من جانبي الاصول والتطبيق، مبرزا وظائف الادارة كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة من منظور اسلامي, وكذلك الوظيفة العامة، مذيلا كتابه بنموذج مقترح للادارة الاسلامية, ومن اهمية هذا الكتاب ما يأتي:
* ان الكتاب يتناول موضوعا مهما جدا وهو عن الادارة العامة في الاسلام,
* ان الوسط العلمي اساتذة وطلابا وقراء في امس الحاجة الى مثل هذا الكتاب الذي يشرح الادارة الاسلامية باسلوب شيق وسلس,
* ان هذا الكتاب يعتبر اضافة طيبة مباركة للمكتبة العربية وبخاصة في مجال الادارة الاسلامية,
* ان هذا الكتاب يتضمن نموذجا مقترحا للادارة الاسلامية يستحق الاهتمام به من قبل القراء والمتخصصين وتدبر معالمه وابعاده لمعرفة مدى صلاحيته من عدمها,
تلخيص محتويات الكتاب:
يحتوي الكتاب على مقدمة وفصول ثمانية وقائمة بالمراجع العربية واثني عشر شكلا توضيحيا وكذلك السيرة الذاتية للمؤلف الذي يعتقد استيفاءه جميع الموضوعات المذكورة في الفصول على النحول التالي:
فالفصل الاول يحتوي على اربعة مباحث تتحدث عن الادارة العامة ومفهومها في الاسلام تعريفا ومدلولا، وتوضح علاقة الادارة العامة بالعلوم الاخرى، وتعرض في الوقت نفسه مفهوم ومميزات الفكر الاداري في الاسلام ورواده واسهاماتهم، اضافة الى عمليات الادارة العامة,, اي وظائفها, والفصل الثاني تناول التخطيط ومفهومه في الاسلام، ودور الشورى فيه، ثم تطبيقاته في صدر الاسلام, والفصل الثالث ذكر التنظيم ومفهومه ومبادئه العامة في الاسلام، واستعرض بعض النماذج للهياكل التنظيمية في صدر الاسلام, والفصل الرابع تحدث عن التوجيه ومفهومه في الاسلام، مشيرا الى القيادة الادارية كعنصر مهم من عناصره والفصل الخامس شرح الرقابة ومفهومها في الاسلام، واسسها ثم تطبيقاتها في صدر الاسلام, والفصل السادس تناول الوظيفة العامة من ناحية المفهوم والاسس وسياسة الاجور في الاسلام، وحاجات العاملين المادية والمعنوية وتنمية قدراتهم, والفصل السابع استعرض المركزية واللامركزية للنظام الاداري الاسلامي من ناحية المفهوم والتطبيقات، وعلاقات الاجهزة المحلية مع الادارة المركزية للدولة الاسلامية، اما الفصل الثامن والاخير فقد قدم فيه المؤلف نموذجا اسلاميا للادارة العامة متحدثا عن معالمه ومقوماته الاساسية، معقبا ذلك بايضاح الاطارين: القانوني والتنظيمي الضروريين لتطليق النموذج الاسلامي للادارة العامة,
عرض نقدي لموضوعات الكتاب:
توجد مجموعة من الملاحظات العلمية والنحوية واللغوية والعامة على هذا الكتاب أهمها الآتي:
الملاحظات العلمية:
وتتضمن الجوانب الايجابية والسلبية نتيجة لعدم اكتمال الصورة او افتقارها الى ايضاح اكثر ونحو ذلك، ومنها التالي:
* لقد استعرض المؤلف الفاضل عددا من التعاريف المعاصرة للادارة والادارة العامة في المبحث الاول للفصل الاول )ص ص 13 - 17( والسؤال هنا هو: ما الهدف من سرد هذه التعاريف للفكر الاداري الحديث، وهي ذات مدلولات غريبة لا علاقة لها بعنوان الكتاب؟ فلو كان سردها لمعالجتها من منظور اسلامي لكان افضل,
* في المبحث الثاني تحدث المؤلف عن علاقة الادارة العامة بالعلوم الاخرى )ص ص 18 - 23( ولم يذكر مطلقا علاقة الادارة العامة في الاسلام بهذه العلوم، والتي كان يفترض الحديث عنها تمشيا مع عنوان الكتاب,
* في المبحث الثالث الخاص بمفهوم ومميزات الفكر الاداري في الاسلام )ص ص 24 - 29( لايجد القارىء مفهوما واضحا ومحددا للادارة الاسلامية، كما ان المؤلف لم يقدم مفهومه الخاص به للادارة في الاسلام,
* في هذا المبحث ايضا ذكر المؤلف اربع سمات للفكر الاداري الاسلامي، الا ان السمة رقم )3( هي في حقيقتها اخبار عما تم فعله في صدر الاسلام وليست سمة على الاطلاق,
* في المبحث الرابع الخاص برواد الفكر الاداري واسهاماتهم )ص ص 30 34( عرض المؤلف خمسة رواد عرضا مختصرا مفيدا، الا ان تقديمهم تم بصورة عشوائية وكان من الافضل ترتيبهم وفقا لتواريخ ميلادهم او عصورهم على ان يكونوا كالتالي:
1 - الفارابي )256ه(,
2 - الماوردي )364ه(,
3 - الغزالي )450ه(,
4 - ابن تيمية )661ه(,
5 - القلقشندي )756ه(,
* في المبحث الخامس الخاص بعمليات الادارة )ص 35( ذكر المؤلف ان علماء الادارة والمشتغلين والممارسين لها اجمعوا على ان الادارة ما هي الا قيادة جهود الاخرين,, والسؤال هنا هو: كيف ينطبق هذا التعريف على الفرد عند ادارته لشؤونه الخاصة؟ او عند قيامه بادارة كامل شؤون دكانه او حانوته بمفرده؟ ولهذا فالتعريف - هنا - غير صحيح لانه يفتقر الى الدقة,
* كان ينبغي ان تكون عمليات الادارة )ص 35( العنوان الرئيسي للباب الثاني، ثم توزيع هذه العمليات في فصل للتخطيط والتنظيم والتوجيه ونحو ذلك"نظرا لعلاقته المباشرة به ، وذلك بدلا من إلحاقها بالمبحث الخامس التابع للفصل الثاني,
* مما يلفت انتباه القارىء عند سرد المؤلف لبعض تعاريف التخطيط)ص 40(، هو التشابه الكبير - ان لم يكن تطابقا - بين التعريفين 2 و5 اذ لافرق بينهما، وهذا تكرار لا مبرر له,
* يقول المؤلف ان التخطيط في الاسلام هو استعداد الانسان في الحاضر لمواجهة المستقبل، سواء كان في محيط عمله او حياته )ص 41( والسؤال هنا هو: أليس هذا في غير الاسلام ايضا؟ يبدو ان هذا التعريف يحتاج الى اعادة نظر من قبل المؤلف حتى تكون صياغته متميزة عن اي تعريف اخر للتخطيط في الفكر الاداري الحديث,
* في )ص 45( يقول المؤلف ان الدعوة الاسلامية قامت على اساس من التخطيط الذي لا ارتجال فيه: تخطيط إلهى عن طريق الوحي ، وتخطيط بشري,, الخ, والسؤال هنا هو: كيف يمكن وصف ما يأتي به الوحي من عند الله بانه تخطيط الهى؟! ان هذا مرفوض تماما وغير علمي على الاطلاق، لان التخطيط وظيفة بشرية، والانسان يخطط لانه عاجز عن معرفة المستقبل فيفكر ويجمع معلومات ويستعين بمصادر اخرى ليصل الى خطته المناسبة,, وتعالى الله العظيم عن ذلك علوا كبيرا، فهو سبحانه لا يخطط لانه قادر على كل شيء ومحيط بكل شيء )انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون(,
* يقول المؤلف )ص 61( ان التنظيم عمل جماعي والعمل الكامل الذي يقوم به شخص بمفرده دون ان يستعين بغيره لا يحتاج الى تنظيم بل يقتضي تخطيطا فحسب ,, والواقع يؤكد ان التنظيم وظيفة ادارية لا يستغنى عنها الفرد او الجماعة,
فالفرد الذي يخطط، كيف يمكنه تنفيذ خططه دون تنظيم جيد لاستخدام امكاناته المتاحة من اجل تحقيق اهداف محددة؟ وصاحب الحانوت او الدكان ألا يخطط وينظم ويوجه نشاطه ويراقب تصرفاته ومصروفاته وتعامله مع العملاء؟ بلى,, اذا خطط الفرد لابد له من التنظيم، وبقية وظائف الادارة عند التنفيذ,
* قدم المؤلف تعريفا غير صحيح للتنظيم الرسمي )ص 62( بانه الذي يتم وينشأ عن ادراك ومعرفة، وذلك بهدف تنسيق وتكامل الجهود والانشطة المختلفة في اي مؤسسة او منظمة حتى تتمكن من,, الخ، وكذلك الحال للتنظيم غير الرسمي )ص 63( فالتنظيم الرسمي - في رأي المراجع - هو الذي يهتم بسلوك الموظف بناء على قواعد قانونية، وضمن قنوات اتصال محددة، وفقا للتسلسل الهرمي للسلطة، لاداء نشاط ما له علاقة بعمل المنشأة في فترة زمنية معينة لتحقيق هدف محدد , اما التنظيم غير الرسمي فهو الخاص بسلوك الموظف، دون الحاجة الى الالتزام الكامل بالقانون، او التدرج الرأسي او خطوط الاتصال او عامل الزمن او حتى الهدف، وذلك لارتكازه على العوامل الاجتماعية,
* ان المؤلف استعرض عدة تعاريف للتنظيم الاداري المعاصر في المبحث الخاص بالتنظيم ومفهومه في الاسلام )ص ص 61 - 69( الا انه لم يتوصل الى مفهوم واضح للتنظيم الاداري في الاسلام تاركا للقارىء حرية استنتاجه بما يقرأ من عموميات عنه,
* استدل المؤلف باحاديث نبوية شريفة واقوال للخلفاء الراشدين في مواضع عدة من الكتاب مثل )ص ص 75، 78، 85، 87، 140، 143، 146، 165، 179، 180,,, الخ(، ولكن من مراجع حديثة وليس من مصادرها الاساسية المتمثلة في كتب الصحاح او امهات كتب السير والتاريخ الاسلامي، وهذا من الناحية العلمية مرفوض تماما وذلك لعدم سلامة التوثيق ودقته,
* اورد المؤلف اشكالا عدة في الكتاب، ولكن دون ان يشير الى مصادر الكثير منها او يذكر صراحة انها من عمله او اقتراحه، وهي على سبيل المثال ذات الارقام )2، 3، 4، 8، 9، 10، 11، ثم 12(,
* لقد استعرض المؤلف عددا من التعاريف في الفكر الحديث لكل من التوجيه والقيادة والرقابة، ولكن دون ان يبرز مفهوما اسلاميا مستقلا لها يتمشى مع عنوان الكتاب واهدافه,
* لقد سها المؤلف عن توثيق مجموعة من المعلومات والاقتباسات موجودة في عدة مواضع من الكتاب، مثل تعاريف الرقابة الموجودة بين قوسين )ص ص 127، 128( وما قاله ابوبكر الصديق )ص 134( وعمر )ص ص145، 146، ص 184( رضي الله عنهما، فضلا عن بعض الاحاديث الشريفة )ص 195(,
* ان ما ذكره المؤلف )ص 135( من أسس مشروعية الرقابة الادارية في الاسلام في امس الحاجة الى اعادة نظر حتى وان كانت مقتبسة من مصدر اخر ما دام المؤلف قد تبناها ولم يعلق عليها، فالمراجع يرى ان هذه ليست كلها قواعد صحيحة ترتكز عليها الرقابة الادارية في الاسلام,, مثل قاعدة التوبة فهي لا دخل لها بالرقابة الادارية، ولكنها تعتبر اساسية في الرقابة الذاتية المنطلقة من اعماق النفس المؤمنة اللوامة، المرتكزة على الاسف على التقصير والندم على الذنب، فيعزم الموظف على التوبة وتصحيح سلوكه الاداري,
* ان الآية الكريمة )ولتُسألن عما كنتم تعملون( النحل 93 التي اعتبرها المؤلف )ص 136( دليلا على مبدأ المسؤولية هي استدلال في غير محله: لانها دليل على المساءلة التي تعني المحاسبة,
* ذكر المؤلف انواعا للرقابة الادارية في الاسلام )ص 138( وقال انها:
1 - ذاتية,
2 - رئاسية,
3 - ومتخصصة دواوينية ,
والسؤال هنا هو : اين الرقابة الشعبية؟ وهي رقابة الامة على الحاكم ومعاونيه، باعتبار ان المجتمع الاسلامي يتسم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويفترض في المسلمين ان يقدموا النصح والتسديد للحاكم وموظفيه في شتى اجهزة الحكم، لان النصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين من بعده، اذ لا خير فيهم ان لم يقولوها ولا خير في الحكام إن لم يسمعوها ويقبلوها,
* عرف المؤلف العمل )ص175( أنه عبارة عن الأعمال والأوامر التنفيذية والتوجيهية وكل ما يخص الإدارة، إسلامية أو غير إسلامية,, إلخ, ويبدو بوضوح أن تعريف العمل بالأعمال غير سليم لأنه كتعريف الماء بالماء,, ويقترح المراجع تعريفاً للعمل بأنه أي نشاط يؤدى في فترة زمنية معينة لتحقيق هدف معين,
كما أن المؤلف لم يوفق أيضاً في إعطاء تعريف دقيق وواضح للعمل الإداري الإسلامي )ص175(,
* إن تعريف الوظيفة العامة الذي قدمه المؤلف )ص158( يعتبر ناقصاً وغير صحيح، لأنه يعد تعريفاً للوظيفة فقط وليس للوظيفة العامة,
* وصف المؤلف الوظائف الحكومية ووظائف المؤسسات العامة )ص159( بأنهما أمران مختلفان، مطلقاً على الأخيرة أنها وظائف شبه رسمية,, وهذا شيء غريب جداً لأن كلا النوعين يعتبر وظيفة حكومية عامة ، وإن المرونة المالية والإدارية للمؤسسات العامة لا تجعل هذه المؤسسات تنسلخ من الجسم العام وهو الحكومة، التي تعتبر بوزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها العامة هي الأداة التنفيذية للسلطات العليا في الدولة,
* لقد بالغ المؤلف في الكتابة عن المفاهيم العامة المركزية وغير المركزية في الفكر الإداري الحديث من )ص205( إلى )ص213(، الأمر الذي لا يتفق مع عنوان الكتاب الخاص بالفكر الإداري الإسلامي، فلم يكن هناك ما يدعو إلى هذه الإطالة غير الضرورية,
* عرض المؤلف تعريفاً للدولة )ص247( قائلاً إنها بقعة من الأرض يسكنها أفراد وعليهم سلطة حاكمة,, وهذا تعريف ناقص ولا يمكن قبوله من الناحية القانونية الدولية ولا من الناحية السياسية، وأقرب مثال على ذلك في الوقت الحاضر الحكم الذاتي الفلسطيني وهو يشمل الأرض والسكان والسلطة الحاكمة, فهل يمكن تسمية هذا الوضع بدولة ؟,, كلا لأنها ناقصة السيادة,, فالدولة -في رأي المراجع- عبارة عن كيان كبير، يتألف من عناصر سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونحوها، ولها سلطات ثلاث: تشريعية وتنفيذية وقضائية، تسيطر بها على مجموعة من الناس تعيش على مساحة محددة من الأرض، وهي ذات سيادة براً وبحراً وجواً,
وبناء على ذلك فإن تعريف المؤلف للدولة في الإسلام يحتاج إلى إعادة نظر,
* إن الشكل رقم )9( الذي قدمه المؤلف نموذجاً للمنهج الإسلامي )ص249( -افتراضاً أنه من تصميمه- لم يشرحه مطلقاً، ولم يوضح جانبه التطبيقي بأمثلة تؤكد المعالم والملامح التي يشتمل عليها، مع عدم وضوح الصفة المقابلة لروحي ,, فهل هي ملوكي أم سلوكي؟ إذ لابد من الشرح في كل الأحوال,
* وأخيراً ما علاقة ما ذكره المؤلف عن مجلس الوزراء )ص263( وما بعدها بالمنهج الإسلامي؟ ثم فجأة انتقل )ص265( انتقالاً عجيباً إلى ديوان المظالم وولاية الحسبة دون أي رابط بين السابق واللاحق، حيث كان يتحدث عن التنظيم الوزاري ثم تحول دون تمهيد إلى الجانب الإسلامي,
المصدر: الإدارة العامة- المجلد 37 العدد الأول- 1418ه,
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved