من السهل جداً ان نتحدث عن السعودة وعن أهمية احلال العمالة الوطنية بدلاً من الأجنبية وانعكاسات ذلك على اقتصادنا الوطني,, ومن السهل جداً على العديد من الأجهزة الحكومية والخاصة ان تجري مختلف الدراسات والابحاث وان تتوصل تلك الدراسات الى توصيات فاعلة وايجابية وذلك بما ينعكس ايجاباً على ذلك الجهاز بصفة خاصة وعلى اقتصاد المملكة على وجه العموم وذلك في حالة تطبيق وتنفيذ تلك التوصيات على ارض الواقع، ولكن وللأسف الشديد فإننا غالباً ما نجد العديد من الأجهزة الحكومية والخاصة على حد سواء تقف عند هذا الحد في مشروع السعودة، بينما نجد القلة القليلة من الأجهزة في كلا القطاعين ممن تتخذ قرارات فاعلة بتنفيذ تلك التوصيات التي توصلت إليها تلك الدراسات ومن ثم تطبيقها على أرض الواقع لا لشيء سوى تنفيذ تلك التوصيات عند البعض من اصحاب القرار هي عملية قد تبدو معقدة وتحتاج الى الوقت الكثير والتأني مما قد يؤدي الى مرور سنوات طويلة دون ان يتم اتخاذ خطوات جريئة في تطبيق عملية السعودة.
وفي اعتقادي فإن احد الاساليب المجدية للبدء الفعلي في تطبيق قضايا السعودة ووضعها محلاً للبدء الفعلي يتمثل في قيام كل جهاز او مؤسسة من مؤسسات الدولة والتي لها اعمال تعاقدية مع اي مقاول او شركة من شركات القطاع الخاص الزام هؤلاء المقاولين والشركات الخاصة بتوظيف عدد من الموظفين والعمالة السعودية في المشروع الذي يتم تنفيذه لذلك المرفق الحكومي، ولو افترضنا جدلاً بأن عدد العقود التي تم ابرامها من قبل اجهزة الدولة مع القطاع الخاص تبلغ عشرة آلاف مؤسسة خاصة ولو اشترطت في كل عقد من تلك العقود ان يتم توظيف اربعة مواطنين كمتوسط ادنى فان عدد الفرص الوظيفية التي سيتم ايجادها للمواطنين من قبل تلك المؤسسات المتعاقدة مع الدولة سيبلغ اربعين الف فرصة وظيفية، ان هذا المقترح يجب ألا يقتصر على قيام المؤسسات الخاصة المتعاقدة مع الدولة بتوظيف عدد من العمالة السعودية فقط وانما يجب ان يتجاوز ذلك الى قيام الجهاز الحكومي المتعاقد بتحديد الحدود الدنيا لرواتب تلك العمالة الوطنية اضافة الى الزام المقاول بأن تكون الفرص الوظيفية التي التزم بايجادها للمواطنين بوضع الضوابط الكفيلة بالتزام المقاول والمؤسسة الخاصة بتنفيذ ذلك.
وواقع الأمر انه في الوقت الذي نجد فيه ان التعامل مع قضايا السعودة من قبل الكثير من المسؤولين التنفيذيين يتم من خلال مثاليات يغلب عليها طابع المجاملات مما يؤثر سلباً في عملية احلال العمالة الوطنية بدلاً من الأجنبية إلا اننا في نفس الوقت نجد بأن البعض من المسؤولين واصحاب القرار لا يترددون في القيام وتنفيذ كل ما من شأنه التطبيق الفعلي للتوصيات المتعلقة بموضوع السعودة عملياً نظراً لايمانهم بالمردود الايجابي الذي سيعود على اجهزتهم الحكومية من جراء ذلك.
ووزارة المواصلات وباشراف مباشر من قبل معالي الوزير الدكتور ناصر بن محمد السلوم تعد احد الأجهزة الحكومية القليلة التي خطت خطوات واقعية وملموسة على طريق السعودة وما ذلك إلا نتيجة لايمان المسؤولين في الوزارة بان الاستثمار الأمثل ذا النظرة المستقبلية الأبعد لا يكون الا في مجالات الاستثمار الوطنية.
ان الدور الملموس الذي تقوم به وزارة المواصلات في تنفيذ استراتيجية السعودة والتي طالما اكدت الدولة عليها يتضح عندما وقعت الوزارة خلال العام المنصرم عدداً من عقود صيانة شبكة الطرق في المملكة بتكلفة بلغت ما يزيد على المليار ونصف المليار من الريالات مع 36 شركة ومؤسسة وطنية حيث يتوقع ان تعمل تلك العقود على توفير حوالي عشرة الاف فرصة عمل للمواطنين السعوديين في قطاع الطرق وفي ذلك نجد ان تلك العقود قد نصت على الزام المقاول بأن يكون كامل الجهاز الفني والاداري العامل لديه في انجاز هذا العقد من المواطنين السعوديين وفي حالة تقصير المقاول عن الالتزام بذلك فانه يخضع للجزاء الذي اكدت عليه تلك العقود والمتمثل بحسم شهري من مستحقاته وذلك بواقع 4000 - 6000 ريال للفرد الواحد اضافة الى ذلك نجد ان تلك العقود قد اكدت قبول خريجي المعاهد المهنية والفنية من المراقبين والمساحين للعمل في مجال صيانة الطرق.
ومما يؤكد حرص معالي وزير المواصلات على الزام كافة المقاولين الذين تم تعميدهم للقيام بأعمال الصيانة في التقيد بسياسة السعودة والتي تضمنتها عقود الصيانة اكد معاليه بأن الوزارة لن تتردد في تطبيق العقوبات المقررة على المقاولين المخلين بذلك كما ابدى معاليه استعداد الوزارة للعمل على تسهيل مهمة هؤلاء المقاولين في البحث عن المهندسين المتخصصين من السعوديين وتوظيفهم بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية والجامعات السعودية والمعاهد الفنية المتخصصة والاعلان في الصحف.
ولكي يكون حديثنا عن قضايا السعودة اكثر واقعية، فإنه من الاهمية ان تتكاتف الجهود العامة والخاصة على حد سواء من اجل توفير التدريب والتأهيل الملائم للشباب السعودي لكي يتمكن من انجاز كافة الاعمال التي كان يقوم بها العامل الأجنبي فشركات القطاع الخاص ترتكز على جانب الربحية وبالتالي فهي ليست على استعداد بان توجد فرص وظيفية لعمالة غير منتجة.
|