 * الجزائر - رويترز - نيكولاس فيثيان:
خرج الزعيم الليبي معمر القذافي بفكرة غريبة كعادته,, كانت هذه المرة اقامة ولايات متحدة جديدة هي الولايات المتحدة الافريقية على غرار الولايات المتحدة الامريكية.
دعا الرئيس النيجيري اولوسيجون اوباسانجو الذي عاد الى قمة منظمة الوحدة الافريقية التي انعقدت في الجزائر رئيساً منتخبا بعد ان وقف امامها قبل 20 عاما كحاكم عسكري لبلاده لقيام افريقيا جديدة تستند الى مبادئ الديمقراطية والقيم التقليدية ونبذ كل من يخالفها.
أما الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الدولة المضيفة التي تحاول النهوض من كابوس مستمر منذ سبع سنوات اريق فيه الكثير من الدماء خلال عمليات يشنها اسلاميون متشددون حملوا السلاح بعد الغاء انتخابات عام 1992م التي كان فوزهم فيها مرجحا فقد دعا ببساطة الى بداية جديدة.
لكن وراء كل هذه التغييرات والمصطلحات الرمزية التي غلفت اجواء القمة الاخيرة لمنظمة الوحدة الافريقية في القرن الحالي ظهرت علامات حقيقية على ان القارة جاهزة حقا للتغير وهي تستعد لدخول الالفية التالية وانها بدأت بالفعل في تغيير الطريقة التي تدير بها اعمالها.
وامتدحت مفوضية الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ساداكو اوجاتا مناخ الانفتاح الجديد والروح العملية التي يتسم بها القادة الافارقة.
وقالت للصحفيين على هامش القمة :اعتقد ان هناك محاولة مخلصة لاقتسام عبء المشاكل والتعاون في حلها.
لم تأت اتفاقات السلام الافريقية التي امكن التوصل لها في سيراليون والكونجو الديمقراطية بثمارها بعد، لكن تبقى حقيقة واحدة هي ان الدول الافريقية ذاتها هي التي نجحت في دفع اطراف الصراع الى الجلوس معا الى طاولة المفاوضات.
القذافي يشرح رؤيته
في خطاب مطول
عاجل القذافي الحضور في القمة الخامسة والثلاثين لمنظمة الوحدة الافريقية بخطاب استمر ساعة و15 دقيقة شرح خلاله رؤيته عن افريقيا متحدة على غرار الولايات المتحدة او الاتحاد الاوروبي لم يغفل فيها حتى وجود الكونجرس.
قال القذافي للصحفيين ليل الثلاثاء عشية اختتام القمة الافريقية لاعمالها يوم الاربعاء ان هناك حماسا كبيرا لتعديل ميثاق منظمة الوحدة الافريقية حتى تصبح افريقيا مثل اوروبا او الولايات المتحدة, ودعا الى عقد قمة خاصة في طرابلس في سبتمبر ايلول لتمحيص الفكرة وتطويرها.
لكن هناك آخرون ينظرون الى المستقبل نظرة مختلفة يقول مسؤولون ان الزعماء الافارقة لذين اقبلوا على المشاركة في القمة الافريقية في الجزائر بشكل قياسي ووصل عددهم 42 رئيس دولة متفقون على ان انتقال السلطة في افريقيا يجب ان يتم من الآن فصاعدا من خلال صناديق الاقتراع.
لقد اسس زعماء حركة الاستقلال في القارة الافريقية منظمة الوحدة الافريقية عام 1963م.
كان النضال من اجل التحرير والاستقلال هو النجاح الرئيسي الذي حققته القارة في القرن العشرين، اما الجانب المظلم من الصورة فقد تمثل في بقاء الدكتاتوريات وتكرر الانقلابات العسكرية والحروب ومناخ فساد يدفع ثمنه المواطن العادي.
قال اوباسانجو: اذا كانت الثمانينيات تمثل بالنسبة لارفيقيا عقد الخسارة الاقتصادية فالتسعينيات يمكن ان تصبح العقد الذي وصلت فيه الصراعات الى ابعاد تنذر بالشر.
وصلت المذابح التي شهدتها رواندا عام 1994م الى مداها وشكلت تحديا للمبادئ المؤسسة للمنظمة لافريقيا التي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء.
لعب نيلسون مانديلا رئيس جنوب افريقيا السابق التمريرة الاولى ببراعة لدى مشاركته في القمة الافريقية التي عقدت في بوركينا فاسو عام 1998م.
مانديلا يجيز التدخل
لإحباط الانقلابات
قال مانديلا في خطابه في ذلك الوقت علينا جميعا ان نعرف اننا لا ننتهك مفهوم السيادة الوطنية ولا يمكن ان نحرم القارة من حق وواجب التدخل في الوقت الذي يذبح فيه الناس خلف حدود ذات سيادة من اجل حماية الطغاة.
وتوسع اوباسانجو في هذا المعنى في خطابه في قمة الجزائر مطالبا بتشكيل آلية افريقية تعزل في المستقبل أي زعيم يصل الى السلطة بالقوة.
قال اوباسانجو: علينا ان نمحو سمعة افريقيا كقارة في حرب مع نفسها.
مل العالم الخارجي من مشاكل افريقيا التي لا تنتهي وشجعها على تنظيم بيتها من الداخل, وتجاوبت دول افريقية وتحملت عبء عمليات حفظ السلام في القارة.
وتوصلت مجموعة دول غرب افريقيا (ايكواس) الى اتفاق سلام في سيراليون ,, اما مجموعة دول الجنوب الافريقي (سادك) فقد دفعت الاطراف المتحاربة في جمهورية الكونجو الديمقراطية الى توقيع اتفاق لوقف اطلاق النار.
اما الطرفان المتحاربان في السودان فسيجتمعان في نيروبي في وقت لاحق من الشهر الحالي في لقاء تقوم خلاله مجموعة اقليمية اخرى بالوساطة، كما اقنعت منظمة الوحدة الافريقية الجارتين المتحاربتين اثيوبيا واريتريا باعطاء السلام فرصة اخرى.
وتبقى علامة استفهام كبيرة معلقة فوق كل تلك المبادرات لكن يبقى رغم هذا ان آلية اقرار السلام الذاتي في القارة قامت بالفعل.
ودانت القمة الوصول الى سدة الحكم بالقوة في افريقيا وقررت ان منظمة الوحدة الافريقية ستطرد في المستقبل الانقلابيين من اجتماعاتها.
والح سليم احمد سليم على ان الانقلابيين ليس لهم مكان بيننا واننا سنتخذ اجراءات ملموسة ازاء كل التغييرات غير الدستورية المحتملة, وردا على اسئلة الصحفيين حول هذه الاجراءات قال ان على كل الذين يأخذون السلطة بالقوة ألاّ ينتظروا أن ندعوهم الى اجتماعات منظمة الوحدة الافريقية واجتماعات القمة.
وقد وصل 21 رئيس دولة من الحاضرين في قمة الجزائر الى سدة الحكم بقوة السلاح سواء كان ذلك بعد تحرير البلاد او بعد خوض حرب ولكن تم بعد ذلك انتخاب الغالبية بصفة ديمقراطية.
وشهدت ثلاث دول خلال 1999م تدخلا بالقوة للوصول الى السلطة في افريقيا وذلك في غينيا بيساو وفي جزر القمر وفي النيجر, وقد حضرت هذه الدول الى الجزائر ممثلة برئيس الوزراء ملان باكاي ناها من غينيا بيساو ورئيس الوزراء ابراهيم ماياكي من النيجر ورئيس الطغمة العسكرية في جزر القمة عثمان غزالي,وكانت منظمة الوحدة الافريقية قررت خلال قمة هراري في 1987م طرد الانقلابيين ولكن هذا القرار بقي حبرا على ورق.
وتجدر الاشارة الى ان التمسك بدولة القانون الذي اعربت عنه القمة من شأنه ان ترحب به الدول الغربية والمستثمرون الذين تحتاجهم افريقيا بشدة.
ورجح بوتفليقة ان تعقد قمة بين الاتحاد الاوروبي اهم مانحي المساعدات الحكومية للتنمية وافريقيا مع بداية نيسان (ابريل) المقبل في القاهرة.
|