Wednesday 21st July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 8 ربيع الثاني


رؤى وآفاق
المسافة بين القائد والفارس

المسافة بين القائد والفارس يقدرها العارفون بالحروب، فقد تتسع الى مدى بعيد وقد تضيق، ولكنها لا تتلاشى, ان من يسمع كلمة فارس يظنها كافية للاشادة بصاحبها، فالفروسية شرف لصاحبها، فهي ترفع منزلته بين قومه، بل انه ينسى نفسه في المعركة لأن كثيرا من الرجال والنساء يراقبونه عندما يداهم الحي في غارة صباحية فينهض لها الفرسان وتأخذ رحى المعركة في طحن الرجال الواحد تلو الآخر، ومع اشادة كثير من الناس بالفارس فإن فئة من العارفين بادارة دفة الحروب يدركون انها منزلة شرف وان الرجل اذا أجمع بين الفروسية والقيادة فقد تربع على منزلة السمو وقاعدة الشرف, ومع ان النظرتين موجودتان فإن الاعجاب مقرون بالفروسية بغض النظر عن منزلتها، فعنترة بن شداد تربع على عرش القلوب من قبل رجال عبس ونسائها في حرب داحس والغبراء، ثم سرى الاعجاب بفروسيته الى الاجيال المتتابعة فاتخذت سيرته مادة للكلام في المجالس، تنصرف اليها الاسماع ويشيد بمواقفه الحاضرون في المجلس، وعندما لحظ الادباء منزلة فروسية عنترة في النفوس وميل القلوب اليه وان اخباره تتقدم على اخبار غيره جمعوا ما اثر عن فروسيته في كتاب عرف بقصة عنترة فسواد عنترة لم ينقص من منزلته، ومن الفرسان الذين شاركوا عنترة في الفروسية والسواد خفاف بن ندبة السلمي فارس بني سليم والسليك بن السلكة وابو عمير بن الحارث بن الشريد، فهؤلاء الفرسان عرفوا بأغربة العرب، فلم يلتفت العرب الى سوادهم وإنما اعجبوا بفروسيتهم, وعمرو بن معدي كرب الزبيدي غلبت عليه الفروسية وان جمع بين الفروسية والقيادة في بعض غزواته في الجاهلية، وبعد اسلامه لم تسند اليه قيادة وإنما اشتهر بالفروسية واشهر المعارك التي خاضها في الاسلام القادسية التي ابرزت فروسيته وشجاعته وقوته, وعتيبة بن الحارث فارس مذكور، فذكره مقرون بفروسيته ولم يقرن بقيادته، والعباس بن مرداس تقدمت فروسيته على قيادته وان عرف بالاثنتين معا.
وبجانب هؤلاء الفرسان قادة معارك اشتهروا بالتخطيط للحرب وادارتها ومتابعة الخطط في المعركة نفسها، ومن هؤلاء المهلهل (عدي بن ربيعة) التغلبي الذي قاد قبيلة تغلب في حرب البسوس، واظهر دراية ومعرفة بالقيادة, ومنهم قيس بن زهير ابرز مخطط للحرب في العصر الجاهلي، فقد قاد قبيلة عبس في حرب داحس والغبراء وانتصر في جل المعارك التي خاضها ضد ذبيان وحلفائها من بني اسد وطيء، وقد ساعده في ذلك ثلة من الفرسان يأتمرون بأمره منهم عنترة بن شداد اشهر فرسان الجاهلية، ومن اشهر خطط قيس بن زهير خطته في معركة الهباءة عندما خدع ذبيان فسهل لهم الغنيمة من الابل والغنم ثم احاط بقادتهم وفرسانهم على ماء الهباءة فلم يفلت احد من قادة ذبيان, وخطته في الافلات من بني سعد من تميم عندما وضع على ثنية الفروق مائة فارس من عبس فلم تجرؤ بنو سعد على الصعود بل تراجعت وتقهقرت, وممن اشتهر بالقيادة عمرو بن كلثوم التغلبي، ومن اشهر المعارك التي انتصر فيها بحسن تصرفه في القيادة معركته مع عمرو بن هند، فقد استطاع ان ينسحب من ارض المعركة بيسر وسهولة، ومن القادة عامر بن الطفيل الذي جمع بين الفروسية والقيادة، وقد ينفرد بهذه الصفة من بين قادة الجاهلية وفرسانها، ومنهم ابوسفيان بن حرب صاحب المواقف القيادية المشهورة فمن خلال العرض المتقدم تتضح المسافة بين القائد والفارس.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
ملحق الطائف
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved